سئل أعرابي عن أحب أولاده إليه. أجاب: الصغير حتى يكبر. والمريض حتى يشفى، والغائب حتى يعود. ولو عاش هذا الأعرابي في هذا الزمن البائس لأجاب اجابة واحدة تكون كالتالي: - الذي لديه عقل وتحصين ضد أساليب، ومفاهيم أصحاب العقول المريضة، والفكر الظلامي، فيسيج واقعه، وحياته، ووعيه، وفكره ضد كل أشكال التلوث الفكري التي تناسلت بشكل مخيف ومريع عبر مفاهيم تكرست بفعل غياب العقل، والوعي، والتنوير، وترك الساحة الفكرية والثقافية للعبث، والاقصاء، والتكفير، والرأي الواحد، والفكر الشمولي التوليتاري. هكذا ستكون الإجابة. إذ أن أولادنا الذين هم أحب إلينا من أنفسنا، ونراهم امتدادنا الحياتي، والأسري، وطموحنا في الانتماء، وتكريس الهوية، وممارسة المواطنة الحقيقية، والتوحد مع الأرض، والتاريخ، والإرث المعرفي. هم الآن هدف لأصحاب العقول المريضة، وصيد لهم يتربصون بعقولهم، وشبابهم، وأحلامهم، وطموحاتهم، وآمالهم في أن يكونوا مداميك قوية ومنتجة في بناء الوطن، والإنسان، ومستقبلات الأمة. وصياغة رؤاها وفق أنماط حضارة مقوننة ومعلمنة وممنهجة تتماشى ولغة العصر، وأدوات الزمن المعاصر والمتسارع في إنتاج التنوير، والفهم، والاختراع، وثورة التقنية، والعلوم الاقتصادية، والطبية، والإنتاجية. نؤمن بأن التطرف جريمة أساءت للإسلام كدين حضارة، ورقي، ومفاهيم متطورة، وعبادات سامية لا يكلف الله فيها نفساً إلا وسعها، ولا إفراط فيها ولا تفريط، وأساءت للإنسان، والشعوب، وتوجهات العقل عبر ممارسات أصبحنا نعاني منها أسوأ معاناة، وأقسى آلام، هذا إذا ما قلنا إن هذا التطرف كرّس تخلفاً اجتماعياً، وإنتاجياً، ونهضوياً، وتعليمياً، وتنموياً، وجعلنا في وضع مشبوه دائماً في كل مكان، وموقع، وجغرافيا. نؤمن بكل هذا. وأكثر من هذا. ونعاني من تداعياته. لكن أن يستهدف التطرف أطفالنا تحت تسمية "أطفال الجنة"، أو فتياتنا تحت اسم "فتيات الجنة" ويغرّر بهم في عمليات التفجير والانتحار، والأعمال الإرهابية، والقتل، والتدمير، وإلغاء الإنسان ومنجزه الحضاري، وطموحاته في مستقبلاته، وحقه الطبيعي في الحياة التي هي هبة من الله. أن يكون هذا فذلك لا يمكن أن يصنف إلا في خانة الإجرام الفعلي، والحقيقي. إن أطفالنا أمانة لا يمكن أن نسمح للتطرف، أو لأصحاب العقول الظلامية المشوهة بالعبث في مستقبلاتهم. فلنحصّن أنفسنا، وأطفالنا من هؤلاء المجرمين قبل أن نستبين النصح في ضحى الغد.