اقترح عليّ أحد الأصدقاء أن أكتب عن ماجد عبد الله.. هكذا، مع أنه يعرف قبل غيره أنني ما كنت أبدا كاتبا رياضيا، وأن كل علاقتي بالرياضة لا تتعدى متابعة بعض المباريات الحاسمة.. ولأني أدرك أن دافع صاحبي هو حبه الكبير لهذا النجم.. فقد أعدتُ التفكير في الأمر رغم أنني قررت منذ الوهلة الأولى ألا أفعل على الأقل بحكم عدم التخصص، وحتى لا أكشف أوراقي أمام بعض أصدقائي الرياضيين الذين أشاغبهم من حين لآخر بآرائي غير الرياضية.. عدتُ للتفكير في الكتابة عن ماجد.. هربا من هذا الكمّ الهائل من وجع الدماغ الذي نتصدع به ونصدع به رؤوس قرائنا، هربا من هذه القضايا التي تفقع المرارة ولا تنتهي، وهذه الهموم التي تلد بعضها في متوالية لا تعرف التوقف. قلت: ما المانع من أن أخوض مع الخائضين ولو كمتسلل؟، فرغم أني لستُ من أنصار فريق ماجد، إلا أنني أحترم هذا الصنف من الرياضيين الذين يلعبون الكرة للإمتاع، ويحيلونها إلى فن مطلق خارج كل حسابات الربح أو الخسارة.. وهنا أتذكر إلى جانب ماجد عبد الله النجم يوسف الثنيان.. مع أمثال هذين النجمين كنا نستشعر الرياضة بمعناها الذي نفهمه كأحد أبواب المتعة التي تتكلل بالفن، وتحيل وقت المشاهدة إلى وقت مستقطع للتحرر من التشنج. كثير من اللاعبين يدفعك للتوتر بحركاته حينما يلعب كمقاتل في معركة وليس كلاعب في مباراة مفتوحة على كل الاحتمالات.. غير أن ماجد عبد الله الذي حظي بالتكريم مؤخرا بعد سنوات عجاف، يجبرك على احترام أدائه حتى قبل أن (يكسر الصيني وطقم الصين كله) حسب عبارة المعلق الشهير علي داود.. فحتى وهو يفرح بإصابة الهدف فإنه لا يزيد على أن يركض رافعا يده.. دون أن يرتكب ما يفعله غيره من حركات بهلوانية أو جنونية تستفز الخصوم وكأنه (جاب الديب من ديله) كما يقول المصريون.. صحيح أن الرياضة اغتصبت بعض مصطلحات المعارك الحربية.. كمنطقة المناورة، والهجوم، والدفاع ورأس الحربة، وهو ما ألقى بظلال الحروب على هذه الرياضة وعكر أجواءها.. إلى درجة أن وجد ماجد نفسه من يصفه بالسهم الملتهب وجلاد الحراس.. مع أن مهنة الجلاد مهنة سيئة السمعة.. لكن المتنطعين رياضيا أرادوها هكذا ركلا ورفسا وتكسيرا رغم أنف هذه النماذج الرياضية المشرقة التي ما تعاملت معها إلا كلعبة ممتعة بفنونها. كنا نستمتع مع ماجد وجيله بطرفة شكوى سكان حيّ الملز من كشفه لمساكنهم بطلعاته الجوية.. قبل أن يثير الحسن كيتا في نفوسنا الغثيان من الرياضة ونماذجها الممسوخة.