يتم عادةً التركيز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادي لمرتكب الجريمة، مع إغفال البيئة العمرانية التي أثبتت الكثير من الدراسات التي أجريت في الولاياتالمتحدةالأمريكية أن للظروف السكنية علاقة كبيرة بدفع الفرد للجريمة، فهي الوعاء الذي تمارس فيه الجريمة، فهل ساعدت أنظمة التخطيط القائمة على إيجاد نوعية جيدة وآمنة من الأحياء السكنية، أم أنها كانت عاملاً مساعداً في تفشي الجريمة في بعض الأحياء؟ إن تخطيط وتصميم الحي السكني وكثافة السكان فيه وملكية ونوع المسكن وقياس مستوى التدهور العمراني عوامل مؤثرة تحدد طبيعة المجتمع وتضع مؤشرات مستقبلية في مجال فهم مستوى فكر السكان واتجاهاتهم السلوكية الإيجابية والسلبية وتساعد على تتبع السلوك الإجرامي لدى بعض أفراد المجتمع من خلال رسم صورة واضحة للمجتمع لدى الجهات ذات العلاقة بالأمن. وهنا يجدر بي أن أشير إلى سرعة تجاوب الجهات المعنية بتخطيط مدينة الرياض حول الأوضاع المتغيرة وقيامها بإعداد استراتيجية تختص بالأمن الحضري الشامل لمدينة الرياض ممثلة بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض كونها السلطة التخطيطية المشتركة العليا وتتكون من جميع الجهات العاملة بالمدينة، بهدف وضع الآليات اللازمة لضمان تكاتف الجهود التخطيطية والتنفيذية في دعم الجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية في مكافحة الجريمة، وذلك باستخدام منهجية الوقاية من الجريمة من خلال تخطيط البيئة الحضرية، حيث سيتم في هذه الاستراتيجية التركيز على القضايا الخاصة بالجريمة والعنف وغيرها من المشاكل الحضرية الرئيسية الخطيرة التي تهدد نوعية الحياة والاستدامة الاجتماعية والاقتصادية في مدينة الرياض، والأسس والقواعد العامة للأمن في المناطق الحضرية. لذلك أجد أن الشفافية العالية في التعامل مع الجريمة، والتفاعل الايجابي من الجهات المعنية بالأمن وتخطيط المدينة وقيامها بهذا الإجراء الذي يعتبر واحداً من أهم الأدوات الفاعلة في تحسين مستوى البيئة العمرانية لتوفير بيئة حضرية آمنة، بحاجة لأن تدعم بمشاركة ومساندة من كافة أفراد المجتمع لوأد كافة مسببات الجريمة في مهدها قبل أن تكبر. [email protected]