للشعر الشعبي دور كبير وفعَّال في رصد الكثير من الفوائد التي تعود على المتلقي بالفائدة والمنفعة ومن هذه الفوائد "الاستشارة والأخذ بالرأي الصائب" والذي كان للشاعر الشعبي في الماضي دور كبير وفعَّال في هذا الموضوع الذي نتطرق إليه اليوم، والذي قلما نجده الآن في قصائد الشعراء الشباب.وحينما جاء دور الشاعر الشعبي مبيناً أهمية "المشورة" أظهر تلك الخاصية وتلك الأهمية في أحلى وأجمل وأبهى صورها وصاغ لنا علاوة على ذلك تلك الأهمية كلمات لها تأثير على سامعها فها هو الشاعر الشعبي الكبير "راشد الخلاوي" رحمه الله يبين لنا أهمية المشورة في قوله: وفي الشور سر يصلح الشان للفتى ولو كان من مبداه للرأي صايبه ثم استخر في كل رأي وشاور ولياك تحقر شور من هان جانبه وقد حث الخلاوي رحمه الله على مشاورة الصديق المخلص الذي يدلي بنصيحته في جميع الأزمنة لا صديق المصالح الدنيوية فيقول في ذلك: ولا تستشر إلا صديق يودك في الله صافي السر مأمون عاقبه أمين على سرك ويبصرك ما خفى وكشاف لأسرار بالالباب غايبه وإذا أراد الإنسان أن يستشير فعليه أن ينظر ويفكر في قرارة نفسه من يستشير وهل هذا الشخص الذي يريد أن يستشيره قادر على تدبير نفسه بعين بصيرة وبعقل نير وبنظر ثاقب أم هو عكس ذلك فإذا كان مطلقاً لنفسه العنان فهو أحق بأن نقدم له النصيحة ولا نستشيره بشيء. فقد كرهت العرب مشاورة الأحمق ومن اعترته الشواغل واحاطت به من كل جانب وكرهت أيضاً مشاورة أهل النمايم وفي ذلك يقول الشاعر الشعبي "خلف الأذن" محذراً صديقه "ممدوح" من مشاورة أهل النمايم الساعين في التفرقة بين الناس ويقول في هذا الأمر: "ممدوح" لا تطاوع رديين الأشوار أهل النمايم والردى والقرادة ومع أهمية المشورة كما ذكر آنفاً إلا أن هناك طائفة كرهت المشورة واستبدت برأيها واغتنت عن الآخرين وفي ذلك يقول الشاعر الشعبي الأمير محمد بن أحمد السديري رحمه الله: ومن لا استشارك لا تعذله ولو عال يلقى من اجناسه صديق يلقى وقال الشاعر الشعبي حول هذا الموضوع: ومن لا استشارك لا تودي له الشور ومن لا يودك نور عينك فراقه وكرهت العرب كذلك مشاورة الجاهل، ويدل على ذلك ما قاله الشاعر الشعبي بديوي الوقداني: ولا تاخذ الاشوار من عند جاهل يقع عاقل تلقى الزمان آرباه ويقول الشاعر محمد ناصر السياري رحمه الله: إلى صار ما للرجل رأي يعلمه فيأخذ من أشوار الرجال دليل ونستنتج مما سبق بأن على الإنسان أن يستشير كل من كملت تجربته "والكمال لله" ونضج عقله ومرت عليه ضروب الحياة وذاق حلاوتها ومرارتها وبلغ به العمر عتباً ولاح الشيب في عارضيه واتصف بحسن الخلق ولين الجانب ولا يستحقر ب "المشورة" حتى من كان صغير السن لأنه قد يكون كبيراً في تجاربه وعقله. إبراهيم صخري