سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
من جاد بالمال مال الناس قاطبةً ... إليه والمال للإنسانِ فتَّانُ
نعد الليالي والليالي تعدنا ... والعمر يفنى والليالي بزايد
الحكمة في شعر أبي الفتح البستي وراشد الخلاوي
هذان شاعران من أفضل شعراء الحكمة في الأدب العربي والمأثور الشعبي .. يجمع بينهما طول التجربة وصدق اللهجة وسهولة الشعر وسيولة الحكمة منهما كما يسيل النهر الجاري عذبا زلالا يروي الأرض ويخرج أعذب الأثمار ويسقي أفضل الأشجار .. وماالحكمة إلا ثمار أشجار الحياة .. (أبو الفتح البستي) شاعر مشهور (339-401ه) ترجم له الكثيرون خاصة كتب الأعلام (وفيات الأعيان 367/3) وكتب التاريخ البداية والنهاية (315/11) وطبعاً كتب الأدب والشعر. (راشد الخلاوي) أما راشد الخلاوي فأشهر من كتب عنه الشيخ عبدالله بن خميس -رحمه الله- في كتابه الجامع الرائع (راشد الخلاوي) .. لقد كان ابن خميس معجبا أيما إعجاب بالخلاوي في شعره وصدقه .. كما تحدث عن الخلاوي وشعره كثيرون حتى صار ذكره على كل لسان وسار شعره بين الأجيال لما فيه من حكمة ناضجة ولهجة صادقة وبلاغة واضحة رغم أنه مات في القرن العاشر الهجري (فترة مجهولة) من شعر أبي الفتح البستي في الحكمة : أحسِنْ إلى النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ فطالَما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ يا خادمَ الجسم كم تشقى بِخدمته أتطلب الربح فيما فيه خسران قبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان وإنْ أساءَ مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في عُروضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وغُفرانُ وكُنْ على الدَّهر مِعواناً لذي أمَلٍ يَرجو نَداكَ فإنَّ الحُرَّ مِعْوانُ واشدُدْ يَدْيكَ بحَبلِ الله مُعتَصِماً فإنَّهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أركانُ مَنْ يَتَّقِ الله يُحْمَدُ في عَواقِبِه وَيكفِهِ شَرَّ مَنْ عزُّوا ومَنْ هانُوا مَنِ استعانَ بغَيرِ اللهِ في طَلَبٍ فإنَّ ناصِرَهُ عَجزٌ وخِذْلانُ من كان للخير منّاعا فليس له على الحقيقة إخوان وأَخدانُ مَنْ جادَ بالمالِ مالَ النَّاسُ قاطِبَة إلَيهِ والمالُ للإنسان فَتّانُ مَنْ سالَمَ النّاسَ يسلَمْ من غوائِلِهمْ وعاشَ وَهْوَ قَريرُ العَينِ جَذْلانُ مَنْ كانَ للعَقلِ سُلطانٌ عَلَيهِ غَدا وما على نَفسِهِ للحِرْصِ سُلطانُ مَنْ مّدَّ طَرْفاً لفَرطِ الجَهلِ نحو هَوى أغضى على الحَقِّ يَوماً وهْوَ خَزْيانُ مَنْ عاشَرَ النّاسَ لاقى مِنهُمُ نَصبَ لأنَّ سوسَهُمُ بَغْيٌ وعُدْوانُ ومَنْ يُفَتِّشْ عنِ الإخوانِ يقلِهِمُ فَجُلُّ إخْوانِ هَذا العَصرِ خَوّانُ منِ استشارَ صُروفَ الدَّهرِ قامَ لهُ على حقيقةِ طَبعِ الدهر بُرهانُ مَنْ يَزْرَعِ الشَّرَّ يَحصُدْ في عواقبِهِ نَدامَةً ولِحَصدِ الزَّرْعِ إبّانُ مَنِ استَنامَ إلى الأشرار نامَ وفي قَميصِهِ مِنهُمُ صِلٌّ وثُعْبانُ كُنْ رَيَّقَ البِشْرِ إنْ الحُرَّ هِمَّتُهُ صَحيفَةٌ وعَلَيها البِشْرُ عُنْوانُ ورافِقِ الرِّفْقَ في كُلِّ الأمورِ فلَمْ يندّمْ رَفيقٌ ولم يذمُمْهُ إنسانُ ولا يَغُرَّنْكَ حَظٌّ جَرَّهْ خرَقٌ فالخَرْقُ هَدمٌ ورِفقُ المَرءِ بُنْيانُ أحسِنْ إذا كانَ إمكانٌ ومَقدِرةٌ فلن يَدومَ على الإحسانِ إمكانُ فالرَّوضُ يَزدانُ بالأنْوَارِ فاغِمةً والحُرُّ بالعدلْ والإحسانِ يَزْدانُ صُنْ حُرَّ وَجهِكَ لا تهتِكْ غِلامتهُ فكُل حُرٍّ لِحُرِّ الوَجهِ صَوّانُ فإنْ لَقِيتَ عدُوّاً فَالْقَهُ أبَداً والوَجهُ بالبِشْرِ والإشراقِ غَضّانُ دَعِ التكاسُلَ في الخَيراتِ تطلُبُه فليسَ يسعَدُ بالخَيراتِ كَسْلانُ لا ظِلَّ للمَرءِ يعرى من تُقىً ونُهىَ وإن أظلَّتْ أوراقٌ وأغصانُ والنّاسُ أعوانُ مَنْ وَالتْهُ دولَتُهُ وهُمْ علَيهِ إذا عادَتْهُ أعوانُ سَحْبانُ من غَيرِ مالٍ باقِلٌ حَصرٌ وباقِلٌ في ثَراءِ المالِ سَحْبانُ لا تُودِعِ السِرَّ وَشَّاءً يبوحُ بهِ فما رعى غَنَماً في البدَّوِّ سِرْحانُ لا تَحسَبِ النَّاسَ طَبْعاً واحِداً فَلهُمْ غرائزٌ لسْتَ تُحصِيهن ألوانُ ما كُلُّ ماءٍ كصَدّاءٍ لوارِدِه نَعَمْ ولا كُلُّ نَبْتٍ فهو سَعْدانُ لا تَخدِشَنَّ بِمَطْلٍ وَجْهَ عارِفَةٍ فالبِرُّ يَخدِشُهُ مَطْلٌ ولَيّانُ فلا تكُنْ عَجِلاً بالأمرِ تطلُبُهُ فليسَ يُحمَدُ قبل النُّضْجِ بُحْرانُ كفى مِنَ العيشِ ما قدْ سَدَّ من عَوَزٍ ففيهِ للحُرِّ إن حققت غُنيانُ وذو القَناعَةِ راضٍ من مَعيشَتِهِ وصاحبُ الحِرْصِ إن أثرى فَغَضبْانُ حَسْبُ الفتى عقلُهُ خِلاًّ يُعاشِرُهُ إذا تحاماهُ إخوانٌ وخُلاّنُ هُما رضيعا لِبانٍ حِكَمةٌ وتُقىً وساكِنا وَطَنٍ مالٌ وطُغْيانُ إذا نَبا بكريمٍ موطِنٌ فلَهُ وراءهُ في بسيط الأرض أوطانُ ويا أخَا الجَهلِ لو أصبَحْتَ في لُجَجٍ فأنتَ ما بينَها لاشَكَّ ظمآنُ لا تحسَبَنَّ سُروراً دائماً أبَداً مَنْ سَرَّهُ زمَنٌ ساءتْهُ أزمانُ إذا جفاك خليلٌ كنت تألفه فاطلب سواه فكل الناس إخوانُ وإن نبَتْ فيك أوطان نشأت بها فارحل فكل بلاد الله أوطانُ يا رافِلاً في الشَّبابِ الرحب مُنتشِياً مِنْ كأسِهِ هلْ أصابَ الرُّشْدَ نَشْوانُ لا تَغتَرِرْ بشَبابٍ رائقٍ نضر ٍ فكَم تَقدَّمَ قَبَل الشّيْبِ شُبّانُ ويا أخَا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ لم يكُنْ لمثِلكَ في اللَّذاتِ إمعانُ هبِ الشَّبيبَةَ تُبْذي عُذرَ صاحبها ما عُذْرُ أشَيبَ يَستهويهِ شَيْطانُ كُلُّ الذُّنوبِ فإنَّ الله يغفِرها إن شَيَّعَ المَرءَ إخلاصٌ وإيمانُ ومن شعر راشد الخلاوي في الحكمة : ترى ابرك ساعات الفتى مابها الفتى ومافات مات وساعة الغيب غايبه واغنم متى لاحت من العمر فرصه وان هب نسناس فاذر في سوايبه فلا بالتمني تبلغ النفس حظها ولا بالتأني فاز بالصيد طالبه اذا الحر قلت حيلته ثم غادرت تصفق به الدنيا وضاقت مذاهبه يبدل بداره دار عز يرومه عنها ولا غبن به الروح ذايبه فالدار مايحصر عليها وليدها دار الفتى ماطاب فيها مكاسبه وفي الراي يامشكاي خمس تعجل ونقص تأخرها جرى بالتجاربه الجد والتزويج والحرب للعدى والفرض والقرض الذي في مواجبه ويقول شاعرنا الحكيم راشد الخلاوي : قولوا لبيت الفقر لايامن الغنى وبيت الغنى لايامن الفقر عايد ولايامن المضهود جمعٍ يعزه ولايامن الجمع العزيز الضهايد ووادٍ جرى لابد يجري من الحيا إما جرى عامٍ جرى عام عايد اوصيك ياولدي وصاةٍ تضمها لاعاد مالي من مدى العمر زايد لاتاخذ الهزله على شان مالها ولاتقتبس من نارها بالوقايد لاتاخذ الا بنت قومٍ حميده لعل ولدٍ منها يجي بالفوايد ولاتسفه المنيوب لاجاك عاني إياك ياولدي ومطل الوعايد من عوّد العين الرقاد تعوّدت ومن عوّد العين المساري تعاود ومن عوّد الصبيان أكلٍ ببيته عادوه في عسر الليالي الشدايد ومن عوّد الصبيان ضربٍ بالقنا نخوه بالشدات ياباالعوايد نعد الليالي والليالي تعدنا العمر يفنى والليالي بزايد