دعوة الملك عبدالله لحوار الأديان مثار اهتمام شخصيات وقنوات فضائية عالمية، وهو ليس شخصية اعتبارية، وإنما شخصية تحمل مسؤولية ما يزيد عن مليار مسلم يؤمنون أن ما يقدمه للسلام العالمي وهزيمة الإرهاب، والتقدم نحو عالم خال من العداوات وإيجاد بديل للتصالح والتفاهم، جعله الشخصية الأهم في مثل هذه الطروحات الحساسة والدقيقة.. فقد حمل المشروع العربي، والمبادرة العربية في لبنان، وفضل أن تكون المشاريع تحمل الهوية العربية لإيمانه أن الفصل بين هذه الأقطار يخرجها من وزنها الكبير والهام.. محطة ال"سي. إن. إن" بثت تقريراً حول دعوة الملك عبدالله واعتبرتها قيمة بذاتها أي أن من تقدم بتنشيط الحوار ودعمه، وفتحه إلى فضاء واسع يلتقي عليه من يحملون هموم العالم المؤمن تأتي بعد فراغ كبير أدى إلى تباعد أصحاب هذه الديانات عن بعضهم مما خلق فوضى إعلامية حاولت تكريس القطيعة وإشاعة الحروب والإرهاب عندما تعمدت إهانة الدين الإسلامي ونبيه العظيم -صلى الله عليه وسلم-، والتي لم تحقق مكسباً سياسياً ولا دعائياً باعتبارها خارج الفهم الموضوعي لهذه الديانة ومن يمثلونها.. الهدف من الدعوة ليس سياسياً، وإن تداخلت المفاهيم والأهداف بين السياسة والدين، ولكنها مشروع لقاء عملي يوازن بين المخاطر ونتائجها المدمرة، وبالحوار وحده يمكن قطع المسافات بين ما تحققه مجاميع العالم نحو فهم مشترك بطبيعة كل دين ومؤثراته وقداسته، وحتى لا تتكرر القطيعة، أو الحروب المدمرة، خاصة حينما يتجدد العداء، ويغيب العقل عن صيانة مشاعر عوالم كبيرة ترى في مقدساتها صورتها ووجودها، وحتى نحقق نتائج كبيرة فإن أي بداية قد تتلوها خطوات نحو التفاهم وصياغة قانون يحمي الأديان ممن يزايدون عليها، أو يجعلونها واجهة للإرهاب وقتل الآخر، أو نفيه.. فالإسلام دين عميق الصلة مع عالمه، ولم يكن يوماً ضد الأنبياء، الذين اعترف بهم في الديانتين السماويتين، وفي تاريخه ما يؤكد أنه حمى الأقليات وحافظ على كل ما هو متصل بعقائدهم وقيمهم، وبالتالي جاء انتشاره كأسرع دين في التاريخ بسبب عدالته وقيمه الروحية والإنسانية، ولذلك فإن الملك عبدالله الذي صار محور اهتمام من حفزتهم دعوته للحوار أن نقرن هذا المسعى بالاتصال ثم الحوار، لأن الحصيلة ستكون كبيرة، بل وهزيمة لكل الداعين إلى خلق فواصل واتهامات ثم صدامات عالمية لا يجني منها أحد إلا الكوارث والخسائر الفادحة.. وإذا كانت المملكة الحاضن الأكبر للحرمين الشريفين ومنبع الإسلام، فإن توجهها نحو علاقات سلام وحوار لا تنشد من أجلها دعاية خاصة، وإنما ترى أن الضرورات بدأت تحكم هذا التوجه لأن القاسم المشترك بين قوى العالم يُبنى أساساً على الود وليس على تنمية العداوات والحروب، ويكفي أن خادم الحرمين الشريفين الذي بادر بزيارة بابا الفاتيكان كان يريد كسر الحلقة التي خلقت الشكوك وبددت عوامل الثقة بين أعضاء الديانات السماوية، وعندما تأتي دعوته لحوار الأديان والترحيب بها من خلال شخصيات ونوافذ إعلامية كبيرة، إنما يضع المسؤولية على الجميع معتبراً أن كل الطرق تلتقي عند نقاط الحوار والتفاهم..