الطفرة الحالية في عالم الاتصالات وتحديداً في عالم الإنترنت تعدت حدود الإبهار والدهشة، إلى إشعال نيران القلق. ودقت بتقنياتها الحديثة نواقيس الخطر لأنها كسرت كثيرا من الحدود والحواجز ومنحت القوة والسلطة والشهرة والقدرة على الانتشار لمن كان عاجزا عن نيلها في زمان سبق. مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت حققت لأصحابها ثروات خيالية ومنحت مرتاديها مساحات شاسعة للحرية والابداع والتنفيس عن الذات، منها موقع يو تيوب الشهير وموقع الفيس بوك. إلا أن هذين الموقعين قد تربعا على عرش الإنترنت في قوة الحضور وفي التسبب في الكثير من الإشكاليات الاجتماعية والدينية والسياسية. آخرها ما تعرض له موقع يو تيوب من انتقاد لعرضه لبعض الصور التي تمس قدسية الأديان عندما عرض صورة مركبة لنبينا عيسى عليه السلام في هيئة شخص بدين مصلوب وعلق عليها بالمسيح البدين، هذه الصورة أثارت غضب المسيحيين لأنهم اعتبروها صورة مسيئة لذات المسيح وللديانة المسيحية واضطر الموقع لإلغائها بعد توالي الاحتجاجات من كثير من الجهات المسيحية الرسمية وغير الرسمية. تلاها عرض بعض المقاطع تسيء للقرآن الكريم وتسخر من الدين الاسلامي ومن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. هذه المقاطع أثارت غضب المسلمين في كل مكان وتوجت بحركة شكك القائمون على موقع يو تيوب في مشروعيتها ومقاصدها عندما قامت دولة باكستان بحجب موقع يو تيوب من نطاقها باعتباره موقعا يسيء للإسلام والمسلمين. وتسبب هذا الحجب بحدوث خلل في الموقع غير مقصود حسب قول المهندسين الباكستانيين حجب موقع يوتيوب عن معظم انحاء العالم ومنع الناس من دخوله لمدة ساعات. ولم يقف تفاعل الجهات الحكومية أو الرسمية مع ما تعرضه بعض المواقع الالكترونية عند حدود الشجب والاستنكار. بل تعداه للمحاسبة والعقاب، وهذا ما قامت به جامعة أكسفورد العريقة عندما قامت بمعاقبة إحدى طالباتها لعرضها صورا لها وهي تخالف قوانين الجامعة في حسابها الخاص في موقع الفيس بوك . وقد علقت الجامعة على اتخاذها لهذا القرار بأنها قد شكلت لجنة خاصة لمراقبة ما يقوم به طلبتها على شبكة الإنترنت ومحاسبتهم على ذلك، اذا كان فيه ما يسيء للجامعة أو للقوانين العامة . ونفس الاجراء اتخذته شركة (آرجوس) العالمية مع احد موظفيها عندما أنهت عقده معها لأنه قد فتح له حسابا خاصا في موقع الفيس بوك ضمنه مواضيع وعبارات تعبر عن ملله الشديد من طبيعة عمله واعتبرت الشركة ذلك على أنه دعاية سلبية لمنتجاتها ولاسمها. قد يرى البعض في ذلك انتهاكاً للحريات الشخصية. إلا انه حتما قد أنذر بضرورة مراقبتها حتى وإن اعتبره البعض تجسسا أو تجنيا على الحريات. ولو بحثنا في هذين الموقعين عن كل ما هو سعودي لرأينا عجبا مما نستغرب وجوده وسكوت الجهات الرسمية عنه. أذكر منها بعض مقاطع الفيديو التي تظهر شبابا سعوديين في أماكن مختلفة يمارسون رياضة غريبة وهي التزلج على الاسفلت مستخدمين نعالهم المحلية يتزلجون بها، وهم متعلقون بسيارة تجوب بهم شوارع المدن السعودية! بكل حرية معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر. وبالرغم مما تحويه المقاطع من جرأة وحرفية في الإخراج إلا انها تثير شلالا من الأسئلة عن جدوى مراقبة الطرق وحماية مرتاديها. مقاطع أخرى تظهر شبابا سعوديين يسيئون لحيوانات أليفة ويتفننون في تعذيبها، في جريمة يعاقب عليها الإسلام وجميع القوانين والشرائع الدولية. يعرضونها بلا حس بالمسؤولية ودون أن يعوا أنها ذنب ينكره دينهم ويسيء لسمعة وطنهم. هذه المقاطع تطرح لدى الآخرين السؤال كيف أساء هؤلاء الشباب التصرف والأدب بعد أن أمنوا العقوبة والسؤال؟ وغيرها كثير من المشاهد والمقاطع التي تنتهك من خلالها الآداب والأنظمة ويفر أصحابها من العقاب .بعد أن تجاوزهم التوجيه وتناسى المحيطون بهم السؤال عن السبب. نحن بحاجة لمراقبة هذه المواقع وتوجيه الشاذين فيها واحتوائهم ومعاقبة المتمادين منهم ومحاسبتهم قبل أن يسبق السيف العذل.