يتفق متخذ القرار في منظمات العمل مع مساعديه على شفرة هي عبارة عن جملة من مثل "لامانع .. حسب النظام" أو (حسب التفاهم) فيظن صاحب المعاملة أنه حصل على الموافقة بدليل عبارة: (لا مانع.. حسب النظام) ولكن عندما تنتقل المعاملة إلى المساعد فإنه يكتشف أن ما يطلبه المراجع مخالف للنظام أو أن هناك بعض النواقص والاجراءات النظامية، ولذلك يتم رفض الطلب، أو تأجيل الموافقة حتى استكمال نظامية المعاملة. يحاول المراجع أن يستند إلى موافقة متخذ القرار الذي شرح على المعاملة بكلمة (لا مانع) وقد يعود إلى مكتب متخذ القرار محتجاً أو مستفسراً فيقال له، نعم المسؤول موافق ولا مانع لديه من حصولك على طلبك، ولكن حسب النظام فالمراجع إما أنه لا يعرف النظام، أو أنه يعرفه، لكنه يبحث عن طريقة لقفز النظام. وإذا كان المراجع لا يعرف النظام فهذه مشكلة، واذا كان يعرف النظام ويبحث عن مخرج غير نظامي فهذه مشكلة أكبر. عدم معرفة النظام، وعدم توفر المعلومات لدى المراجع يؤديان إلى اختلال في انطلاقة ليس بين الجهاز والمراجع فقط، بل بين الجهاز والمجتمع. لقد اكتشف المراجع (المواطن) مؤخراً - على سبيل المثال - ان الدور الذي تقوم به "حماية المستهلك" هو دور توعوي فقط، أي أنها لا تراقب ولا تحاسب. هذا يدل على أننا أحياناً لا نعرف ما هي المسؤوليات والمهام المناطة بجهاز معين، وهذه الفجوة المعرفية ذات نتائج سلبية تؤثر في صوت الجهاز لدى المجتمع كما هي الحال بالنسبة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حيث مسؤولياتها وآلية عملها وأولوياتها. إن نقص المعلومات هو الذي يدفع بالمراجع الذي أشرنا إليه في بداية المقالة إلى الاتجاه مباشرة الى مكتب رئيس الجهاز معتقداً أنه يختصر الاجراءات مؤملاً انه سيحصل على طلبه بمجرد كتابة خطاب عاطفي. هذا السلوك من المراجع قد ينتهي به إلى الإحباط ثم نقل صورة سيئة عن الجهاز الذي تعامل معه ليصفه بأنه جهاز معقد مثلاً أو بيروقراطي وقد ينتقد الجهاز واصفاً إياه بأنه جهاز (نظامي) لا تنفع معه الواسطة. وتنتشر هذه السمعة أو الصفة (نظامي) بين أوساط المراجعين ويشعر الموظف في هذا الجهاز بالارتياح فقد أصبح بسبب تلك الصفة بعيداً عن ضغوط الواسطة وأصبح له عذر أمام أقاربه وأصدقائه فلن يقول عنه هؤلاء إنه ما فيه خير، بل سيجدون له العذر كونه يعمل داخل جهاز (نظامي) لا مجال فيه للواسطة. إن الجهاز (التنظيم) الذي يوصف في المجتمع بأنه نظامي يحق له أن يفتخر بهذه الصفة بشرط عدم الوصول إلى منطقة (التعقيد) فالنظام لا يعني وجود مرونة نظامية إن صح التعبير مراعاة للموقف فالنظام وضعه الإنسان لخدمته والمرونة النظامية لا تعني كسر النظام بل المرونة في التطبيق بما تقتضيه ظروف كل حالة وبما لا يتعارض مع أسس النظام وبشرط أن لا تدخل الواسطة من هذه المنطقة الحدودية بين النظام، وبين المرونة.