أحد الخيارات الاستراتيجية التي تستطيع المملكة من خلاله مواجهة التحديات والمتغيرات الاقتصادية المستقبلية هو دعم الاستثمار بأوعيته ووسائله المختلفة، وأبرز القطاعات الواعدة في هذا المجال هو الاستثمار في التدريب وتنمية الموارد البشرية، فالنمو السكاني المتزايد بالمملكة الذي يقدر ب 3,5٪ وما يتبعه من زيادة مطردة في القوى العاملة الشابة من الجنسين، والأرقام القياسية التي سيصل إليها سكان المملكة في العقود القليلة المقبلة، كل هذه العوامل تجعل من الاستثمار في المورد البشري مناخا خصبا لإيجاد بنيات استثمارية عملاقة وتأسيسها يمكن أن تجعل من المملكة قاعدة لصناعة التدريب وتنمية الموارد البشرية في المنطقة العربية. هذا الطموح لا يمكن أن يتحقق الا بتضافر عوامل عديدة تقوم على التكامل والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بالتعليم والتدريب من جهة ومؤسسات ومنظمات التدريب وتنمية الموارد البشرية الخاصة من جهة أخرى، والعمل على تهيئة أجواء استثمارية مشجعة تدعم المبادرات والمشاريع الاستثمارية الخاصة في هذا المجال. وابرز ما ينبغي اتخاذه في هذا السياق هو العمل على اقرار أنظمة مرنة وآليات تتعامل مع المستثمرين في هذا القطاع بحسبانهم شركاء في مشروع تنمية الموارد البشرية وتطويرها ومنح تسهيلات وحوافز استثمارية، مع الأخذ في الحسبان أيضاً وضع الضوابط التنظيمية التي تضمن جودة برامج التدريب ومخرجاتها. إن دعم الاستثمار في الموارد البشرية وتأهيلها وتنميتها يتجاوز في أهميته كونه قطاعا اقتصاديا واعدا الى عده خيارا استراتيجيا وطنيا لا مناص عنه اذا اردنا أن نتعامل بشيء من الموضوعية مع قضية البطالة التي أصبحت تشكل هاجسا يؤرق جميع فئات المجتمع. ٭ رئيس تحرير مجلة التدريب والتقنية