أدت زيادة أعداد المسنين في العقدين الماضيين إلى زيادة الاهتمام بهذه الفئة الحساسة للأمراض. حيث وللأسف الشديد زيادة العمر ليس بالضرورة ان تكون مرتبطة مع زيادة في الصحة، لذلك فإن أهمية هذا الموضوع تقع على عاتق الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، والتغذويين ومتخصصي طب الشيخوخة. حيث تزيد مشكلات هذه الفئة الحساسة واحدى هذه المشكلات هو خطر سوء التغذية حيث تشير العديد من الأبحاث ان غذاء المسنين لم يصل للحد المطلوب لهم. حيث اشار المسح التغذوي الكبير الأوروبي EURONUT SENECA الذي أجري على مستوى 12 دولة أوروبية ان نسبة كبيرة من المسنين كان معدل العناصر الغذائية المتناولة أقل من الموصى به الذين يعدون في خطر لنقص الفيتامينات والمعادن. كما ان تناول الطاقة والبروتين في الغالب يكون منخفضا عند المسنين إلا ان الحكم العام على المسنين بصورة ثابتة ليس صحيحا، لأن هناك عوامل كبيرة تؤثر على هذه النتائج ومن أهمها العوامل الصحية، الاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية، كما ان هناك بعض الملاحظات العامة التغذوية التي تؤثر على صحة المسنين وهي انهم لا يتناولون ثلاث وجبات يوميا كما ان بعضهم يقضون وقتا طويلا قد يصل إلى ثلاثة أيام متتابعة بدون طعام. او الاعتماد على أنواع غذائية غير صحية وخالية من العناصر الاساس. عوامل مساعدة كما ان هناك عوامل مساعدة تحد من ان يتناول المسنين الغذاء بصورة جيدة مثل العادات الغذائية السيئة، انخفاض المصادر المادية الجيدة، المشكلات الصحية، المشكلات النفسية مثل الاحباط depression الضغوط النفسية الناتجة من فقد رفيق الحياة «الزوج أو الزوجة»، صعوبة في الحصول أو اعدد الطعام وأخيرا انعدام في الوعي الغذائي أو قلة «انخفاض الثقافة الغذائية». لذلك فإن من التوصية لهذه الفئة الحساسة هو زيادة النشاط الاجتماعي ومن أمثلتها تناول الطعام مع الآخرين وخصوصا مع من يرتاح لهم المسنون ويحبونهم مثل الأبناء والاصدقاء والأقارب فالعامل الاجتماعي للمسنين له تأثير مباشر على مستوى التغذية لدى المسنين حيث انه يؤثر على نقص تناول الطعام مما يؤثر على سوء ونقص التغذية. وكما ذكرنا في الحلقة الماضية عن الاحتياجات الغذائية للمسنين إلا ان هناك العديد من المتغيرات التي لها علاقة بالتقدم بالعمر، والتي تؤثر على الاحتياجات الغذائية للمسنين، لذلك فإن هناك عوامل أساس لابد ان تكون في الحسبان عند تقويم الحالة الغذائية وتحديد الاحتياجات الغذائية لدى هذه الفئة الحساسة ومن أهم هذه العوامل: 1- الاختلافات الفردية الصحية 2- النشاط الحركي. 3- وظائف الأعضاء ونشاطها. أ- العادات والهوايات ومستوى النشاط: بين عمر 40 - 80 عاماً أكثر من 40٪ يفقد من حجم العضلات مع انخفاض ونقص شديد في محتوى الماء الكلي في الجسم وكذلك زيادة نسبة في مخزون الدهون، المتناول الكلي من الطاقة يمكن أن يكون منخفضا في المسن، حيث أوضحت دراسة 16- 20٪ من الاشخاص فوق 60 عاماً يتناولون أقل من 1000 كيلو كوري لكل يوم، كل هذه التغيرات سابقة الذكر ناتجة عن الحد من النشاط الحركي للمسنين، الذي لا يحتاج إلى سعرات حرارية التغذية النشاط العضلي بالطاقة. كما ان هناك تغييرا اساسا في محتويات الجسم لدى المسنين وهو الفقد من عنصر الكالسيوم (ca) من العظام حيث تعمل العوامل التالية في زيادة الفقد: ٭ انخفاض معدل النشاط الحركي والعضلي «الرياضة». ٭ انخفاض معدل المتناول من الكالسيوم في الغذاء. ٭ انخفاض معدل هرمون الاستروجين وخصوصا لدى النساء. ٭ انخفاض معدل امتصاص الكالسيوم في الأمعاء. كل هذه العوامل السابقة تؤدي إلى انخفاض معدل الكالسيوم في الجسم مما يؤدي إلى الاصابة بمرض تخلخل العظام. ب - التغيرات في وظائف الأعضاء: مع تقدم العمر تفقد بعض الأعضاء وظائفها أو تقل في حساسيتها حيث يفقد المسن حاسة العطش أو الرغبة لتناول الماء. مما تؤثر على صحة المسنين وقد يؤدي إلى حدوث الجفاف dehydration لذلك يوصى بأن يتناول المسن كمية جيدة من الماء والعصائر والمشروبات التي سوف تزيد من مستوى السوائل داخل الجسم ليقوم الجسم بجميع الوظائف الاساس. كما ان من أهم المشكلات التي يتعرض لها المسن والتي تنتج كذلك من تناول واستهلاك عديد من الأدوية والعقاقير مع أو مع عدم وجود مشكلات في الفم هو القدرة على تذوق الطعام مما يعيق عملية القابلية لتناول الأغذية المختلفة مما يؤدي إلى قلة التناول اليومي الذي بدوره له علاقة بسوء التغذية. كما ان الانخفاض والنقص في امتصاص العديد من العناصر الغذائية وخصوصا الكالسيوم الذي ينتج من نقص في فيتامين «د» يؤدي هذا النقص إلى حدوث مشكلات في التغذية مما يؤدي إلى نقص في سوء التغذية للمسنين. مشكلات أخرى بالإضافة للعديد من المشكلات الصحية والتي يتعرض لها المسن والتي لها بعد كبير في التأثير على الحالة الغذائية مثل مشكلات الاسنان، أمراض القلب الكحول وانخفاض النشاط اليومي، الالتهابات والعدوى والاكتئاب إلا ان الناحية النفسية لها دور كذلك مهم جدا في التأثير على التغذية مثل فقد الزوج أو اشخاص مهمين في حياة المسن حيث توضح الناتج إلى ارتفاع معدل عيش المسنين لوحدهم في الدول الغربية إذ يزيد على 60٪ للسيدات و20٪ من الرجال يعيشون لوحدهم مما يؤثر على انخفاض معدل ما يتناوله المسن الذي له دور كبير في نقص وسوء التغذية، لذلك نجد هنا دور الإسلام في المحافظة على كبار السن، حيث أوضح القرآن الكريم وحث على الاهتمام بالوالدين وجعل ذلك من أساس الدين الحنيف كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الاهتمام والرعاية للوالدين وجعله من أفضل الأمور التعبدية. وبالرغم من ان أكثر الأسباب لحدوث نقص وسوء في التغذية لدى المسنين هي المشكلات الاجتماعية، ومشكلات الأسنان والعوامل النفسية، واستخدام العقاقير والأدوية إلا ان هناك أسباباً أخرى مثل العدوى والالتهابات خصوصا tuberculosis والتهاب الرئتين الذي يجب عدم اغفاله. لذلك فإن أهم الفزيولوجي المرضية لسوء نقص التغذية يعتمد على واحد أو أكثر من العوامل التالية: أ - قلة وانخفاض المتناول من الطعام والعناصر الغذائية. ب - قلة وانخفاص امتصاص الطعام المهضوم نتيجة لأمراض الامعاء الدقيقة. ج - زيادة الاحتياجات من البروتين والطاقة أو العناصر الغذائية والناتج من العدوى والالتهابات أو الضغوط. كل هذه التغيرات والناتجة عن مشكلات مرضية للأجهزة والأعضاء الحساسة في الجسم لها مترتبات ناتجة عن سوء التغذية التي يوضحها الجدول.