يتطلع الرئيس دونالد ترمب إلى تنفيذ تهديده بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وقد تكون المحكمة العليا هي طريقه الأسهل لطرد باول، إذ ستقرر المحكمة قريبًا مدى قانونية هذه الخطوة، ومع أن استقلال الفيدرالي يعتبر تفويضاً من الكونجرس، ومن المتوقع أن تدافع عنه المحاكم بشراسة، إلا أن ضغوط ترمب لخفض أسعار الفائدة ستظل لها آثار على قرارات البنك المركزي الأميركي، حيث يدرك مسؤولو البنك الآن أنهم سيتحملون اللوم علناً من إدارة ترمب في حالة حدوث ركود اقتصادي، ومن اللافت أن مجلس تحرير صحيفة وول ستريت جورنال يساند جيروم باول في وجه الانتقادات اللاذعة التي وجهها له الرئيس، بعد أن قدم باول توقعات اقتصادية سلبية بشأن الرسوم الجمركية التي يقف ورائها ترمب. وكتبت هيئة تحرير صحيفة وول ستريت جورنال ذات التوجه المحافظ: "مشكلة السيد ترمب هي أن السيد باول قال الحقيقة. الدرس الرئيسي من مواجهة ترمب وباول هو أن البنك المركزي لا يستطيع تعويض أخطاء السياسيين في السياسة الاقتصادية"، ويدين باول في صعوده الوظيفي إلى ترمب، فقد تم ترشيح باول لعضوية بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2017 من قبل ترمب، ولن تنتهي ولايته حتى العام المقبل، لكن، كيفن هاسيت، كبير المستشارين الاقتصاديين للإدارة صرح بأنهم يبحثون عن طرق لإقالته في وقت أقرب، وعموماً، إذا تمكن باول من إكمال ولايته، فسوف يظل رئيسًا حتى مايو 2026، وسيظل عضواً في مجلس الإدارة حتى عام 2028. من المتوقع أن يكون ترمب حذراً بشأن تجاوز الخط مع باول، وبالفعل، هناك جهودًا تبذل من داخل البيت الأبيض لمنع إقالته، وفي الاتجاه المعاكس للرئيس الذي يعتقد أنه لا ينبغي أن تكون هناك "جيوب للاستقلال"، خاصة مع أشخاص مثل باول، لكن كلا الاحتمالين من الممكن حدوثهما، فقد يثني خطر الذعر المالي ترمب عن إقالة باول، علماً بأن هناك قضايا منظورة حاليًا أمام المحكمة العليا تتعلق بالهيئات المستقلة وحدود السلطة الرئاسية، والبيت الأبيض يُدرك ذلك، ويعد هذا الخلاف جزءاً من نزاع طويل الأمد بين الرئيس الأميركي ورئيس الاحتياطي الفيدرالي، وقد صُمم الاحتياطي الفيدرالي للعمل باستقلالية عن هذا النوع من الضغوط السياسية، مما يسمح له باتخاذ القرارات غير الشعبية اللازمة لمكافحة التضخم. التحذير من الرسوم الجمركية من الناحية القانونية، الأمور واضحة تمامًا بشأن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث ينص القانون على أنه لا يمكن فصله إلا لسبب مُعرف بأنه سوء تصرف أو جريمة، ولا يوجد ذلك في حالة جيروم باول، ويرى منتقدو ترمب، وخاصة من الديمقراطيين، أن هناك سبباً وجيهاً لوجود بنك الاحتياطي الفيدرالي مستقل، فقد خدم هذا البنك جيدًا خلال العديد من الأزمات، خلال فترات الركود، والكساد، والجائحة، ويثق هؤلاء في قدرة البنك على الاستجابة وتحقيق الاستقرار، ويرون أن ما يفعله جيروم باول الآن هو التحذير من أن هذه الرسوم الجمركية تُحدث تأثيرًا مزعزعًا للاستقرار الاقتصادي، وتضرّ بالمواطنين العاديين، وهذا سيؤثر قطعاً على قرارات الاحتياطي الفيدرالي. من الواضح أن الرئيس الأميركي كان محبطًا من باول، خاصة وهو يرى استعداد البنك المركزي الأوروبي لخفض أسعار الفائدة للمرة السابعة، بينما يلتزم الاحتياطي الفيدرالي بسياسة تجميد، ولكن الفارق هو أن القادة الأوروبيون لم يفرضوا تعريفات جمركية ثلاثية الأرقام تهدد بإعادة التضخم، وبينما قال باول للنادي الاقتصادي في شيكاغو: "من المرجح جدًا أن تُسبب الرسوم الجمركية ارتفاعًا مؤقتًا في التضخم على الأقل، وأن البنك المركزي في وضع جيد يسمح له بالانتظار لمزيد من الوضوح قبل النظر في أي خفض لأسعار الفائدة"، وصف ترمب تصريح باول بأنه "فوضى كاملة"، قائلاً "أسعار النفط انخفضت، والبقالة حتى البيض انخفضت، والولايات المتحدة أصبحت غنية بالرسوم الجمركية". خلال تواجده بالنادي الاقتصادي في شيكاغو، حاول باول تجنب إثارة غضب الرئيس، متجنبًا في كثير من الأحيان الرد على أسئلة حول تعليقات ترمب، لكنه أصر على إكمال فترة ولايته المتبقية، وأوضح باول أن الرئيس لا يملك صلاحية إقالته، إلا "بسببٍ مُبرر"، أي سوء سلوك، وتدعم سابقة المحكمة العليا هذا الرأي، في الوقت نفسه، أبدى البيت الأبيض استعداده لاختبار هذا المعيار، بفصل أعضاء مجالس إدارة وكالاتٍ مستقلةٍ أخرى، وطلب الرئيس من أعلى محكمة في البلاد في عريضة طارئة تأييد قراره بإقالة رؤساء وكالتين مستقلتين أخريين، وهما مجلس العلاقات العمالية الوطنية، ومجلس حماية أنظمة الجدارة. يعتبر طلب ترمب الموجه للمحكمة العليا، تحد مباشر لسابقة قضائية صادرة عن ذات المحكمة قبل 90 عامًا، والتي تُقيد سلطة الرئيس في إقالة أعضاء مجالس إدارة الوكالات المستقلة إلا في حالات الإهمال أو سوء التصرف، وإذا سقطت هذه السابقة، فسيكون من الأسهل بكثير إقالة باول، كما أصدر ترمب أيضًا أوامر فصل من العمل، لقادة وكالات فيدرالية أخرى، بما في ذلك لجنة التجارة الفيدرالية ولجنة الانتخابات الفيدرالية، ويتم الطعن بهذه القرارات في المحاكم الأدنى، لكن باول قال: "لا أعتقد أن هذه القضية تنطبق على بنك الاحتياطي الفيدرالي"، ومع ذلك، فإن البنك المركزي يراقب الأمر عن كثب. إقالة باول واستعداداً لليوم التالي من إقالة باول، أجرى ترمب محادثات خاصة مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق كيفن وارش، الذي قد يحل محل باول، إلا أن بعض مساعدي ترمب الاقتصاديين نصحوه بعدم إقالة باول قبل انتهاء ولايته في مايو 2026، والنص القانوني الوحيد المتعلق تحديدًا بعزل أعضاء مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي موجود في المادة 10 من قانون الاحتياطي الفيدرالي، وينص القانون على أن يشغل كل عضو من أعضاء المجلس منصبه لمدة 14 عامًا ما لم يُعزل لأسباب خاصة من قِبل الرئيس، ولا يفصل رئيس مجلس المحافظين تحديدًا، بدون مُبرر، وقد فسر هذا المبرر بأنه عدم الكفاءة، أو الإهمال في الواجب، أو سوء التصرف.