تتمتع المملكة بمكانة عالمية مرموقة، تجعلها محط تقدير واحترام جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، التي ترى فيها دولةً محورية، ذات ثقل سياسي واقتصادي كبير، فضلاً عن الثقل الديني، باعتبارها مهبط الوحي، وحاضنة الحرمين الشريفين، الأمر الذي يعزز الثقة العالية في كل ما يصدر عنها من قول أو فعل أو تعهدات. وما كان للمملكة أن تتمتع بهذه المكانة، لولا المبادئ الراسخة، والمرتكزات القويمة التي يلتزم بها ولاة الأمر، بداية من المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله - اللذين نجحا من خلال رؤية 2030، في إعادة توظيف إمكانات المملكة، وإيجاد وطن قوي مزدهر، ويترجم هذه المكانة اليوم، اختيار المملكة - دون سواها - لاستضافة القمة التي تجمع الرئيسين الأميركي والروسي. القمة المنتظرة، ستجعل من المملكة بوصلة لاهتمام دول العالم، التي ستراقب عن كثب، كيف سيتغلب الرئيسيان الأميركي والروسي على أي خلافات بينهما، من أجل تعزيز الاستقرار والسلام على كوكب الأرض، بعد سنوات من الاضطرابات والاستقطابات السياسية، على خلفية الحرب الأوكرانية - الروسية، وما سببته من هزة أربكت الاقتصاد العالمي. عقد تلك القمة في الرياض، يعكس حقيقة راسخة، يشهد عليها التاريخ الحديث، وهي أن المملكة دولة سلام، لا تتردد في بذل أي جهود من شأنها إنهاء الصراعات بين الدول المتخاصمة، وترتكز هذه الحقيقة على إيمان قادة المملكة بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمات، يضاف إلى ذلك أن القمة ذاتها تأتي استمراراً للجهود التي بذلها سمو ولي العهد، والاتصالات التي أجراها مع القيادتين الروسية والأوكرانية، منذ الأيام الأولى للحرب بين الدولتين، حيث أبدى سموه استعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للمساهمة في الوصول إلى حل سياسي، يُفضي إلى سلام دائم، ينهي الحرب، هذا بخلاف جهود سموه الموازية، للتخفيف من التداعيات الإنسانية والأمنية للأزمة، وتبادل الأسرى، وإرسال مساعدات لأوكرانيا. ويزداد التفاؤل بنتائج القمة المرتقبة، بالصداقة الكبيرة التي تربط بين سمو ولي العهد والرئيسين الأميركي والروسي، وثقتهما في رجاحة عقله وآرائه السديدة، وهو ما يساهم في تعزيز فرص نجاح الجهود والمبادرات التي يطلقها أو يقودها سموه الكريم لحل وتسوية الخلافات بين الولاياتالمتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، وتجنيب العالم آثار الحروب المدمرة.