تارة أخرى اتجهت أنظار العالم للمملكة خلال زيارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إلى الرياض، يوم الثلاثاء السابع والعشرين من فبراير الماضي، لتترقب ما يستجد من خطوات في ملف الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أكملت عامين ودخلت عامها الثالث بدءًا من هذا الشهر. الزيارة التي استهلها الرئيس الأوكراني بلقاء سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، كانت محل اهتمام عالمي واسع، خصوصًا وأن مواقف المملكة على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية ظلت رقمًا أساسيًا في كل الحراك الذي يرسم معالم العالم ويرسخ الاستقرار في أنحائه المتفرقة. والمملكة لم تكن بمنأى عن ملف الحرب الروسية الأوكرانية، فقد ظلت قريبة منه ومهتمة باحتواء آثاره السالبة، لا سيما أنها تمتلك علاقات متميزة بين الطرفين المتحاربين، وسبق أن لعبت دورًا بارزًا حين أسهمت، بوساطتها وثقل دورها المحوري، في إعادة أسرى حرب أوكرانيين إلى بلدهم بعد أن وافقت روسيا على ذلك، لتحقق المملكة إنجازًا كان من الصعب تحقيقه والحرب ما زالت في قمة اشتعالها بين الطرفين المتقاتلين. ومع التنامي الكبير في العلاقات السعودية الروسية والتي شهدت لقاءات وزيارات على أعلى المستويات بين البلدين الصديقين، ظلت المملكة أيضًا قريبة من أوكرانيا، حيث ساهمت في تطويق آثار الحرب عليها بالدعم الإنساني العيني، والدعم المادي النقدي السخي، قيامًا بدورها الإنساني والإغاثي والاقتصادي الرائد في عالم اليوم. ولقد شهدت زيارة زيلينسكي تفاهمات مشتركة، حول الوساطة السعودية في عودة الأسرى والمرحلين الأوكرانيين إلى بلادهم، وتم خلالها بحث إطار صيغة السلام التي وضعتها كييف لإنهاء الحرب، كما أكد سمو ولي العهد حرص المملكة ودعمها لحل الأزمة الأوكرانية، مثلما شدد على مواصلة الجهود للإسهام في تخفيف الآثار الإنسانية للأزمة الأوكرانية. وعلى ذات السياق جاءت زيارة الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى الرياض كمؤشر يجدد الثقل النوعي الكبير الذي تتمتع به المملكة في تشكيل التوازنات الدولية وترسيخ أوتاد السلم والأمن العالميين، مثلما جاءت تأكيدًا على الأدوار الإنسانية الكبرى التي تقوم بها المملكة والتي بلغ عطاؤها أقاصي العالم، لتكون رائدًا وحاديًا للركب في وقاية البشر أينما وجدوا من الشرور. إن هذه المكانة الرفيعة التي تحتلها المملكة في عالم اليوم جعلتها بمثابة الوسيط الموثوق من كل دول العالم، وهي مكانة اكتسبتها بمسلكها السياسي النزيه، ومواقفها العقلانية الداعمة للاستقرار، ودعمها اللامحدود لكل عمل سياسي أو عطاء مادي أو عيني يصب في خانة المصلحة العامة للدول وللإنسان في كل أركان المعمورة. هذه التوليفة المتجانسة من العمل السعودي، هي التي تجعل أنظار العالم تتجه للمملكة انتظارًا لأدوارها الحكيمة في تذويب التعقيدات والصعوبات، حيث باتت بلادنا موئلًا للحكمة وملاذًا لبحث الانفراجات، بفضل الله، ثم بفضل قيادتها الرشيدة المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يحفظهما الله.