مع تولي دونالد ترمب مهامه رئيساً للولايات المتحدة، يستهل ولاية ثانية مضطربة لمدة أربع سنوات والتي تعهد بأن يقوم خلالها بزيادة صلاحيات السلطة التنفيذية وترحيل ملايين المهاجرين والانتقام من خصومه السياسيين وتغيير دور واشنطن على الساحة العالمية. والتنصيب بمثابة تتويج لعودة مظفرة لترمب الذي نجا مرتين من إجراءات مساءلة كانت تهدف إلى عزله ومن إدانة بارتكاب جناية ومحاولتي اغتيال واتهام بمحاولة إلغاء خسارته في انتخابات عام 2020. وتقام مراسم حلف اليمين داخل القاعة المستديرة في مبنى الكونغرس، رمز الديمقراطية الأميركية، التي اقتحمها حشد من أنصار ترمب قبل أربع سنوات في محاولة فاشلة لمنع إقرار هزيمته أمام جو بايدن في عام 2020. ونُقلت مراسم أداء القسم إلى مكان مغلق لأول مرة منذ 40 عاماً بسبب البرد القارس. وترمب، أول رئيس أميركي منذ القرن التاسع عشر يفوز بولاية ثانية بعد خروجه من البيت الأبيض. ويعود الجمهوري ترمب إلى واشنطن أكثر جرأة بعد فوزه في التصويت الشعبي على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن بأكثر من مليوني صوت نتيجة لإحباط الناخبين من التضخم المستمر، لكنه لم يحصل على الأغلبية البالغة 50 بالمئة. ويستفيد ترمب من الأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس. ووضع مستشاروه خططاً لاستبدال البيروقراطيين غير الحزبيين بموالين مختارين بعناية. فرنسا تحذر من سحق أوروبا.. وألمانيا تطالب بالمواجهة ب«ظهر مستقيم» هذا وأصدر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن عفواً استباقياً الاثنين عن أشخاص يستهدفهم خليفته ترمب بالانتقام، بينهم الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، وكبير المستشارين الطبيين السابق للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي. ويشمل العفو أيضاً جميع المشرعين الذين كانوا أعضاء في لجنة الكونغرس المعنية بالتحقيق في اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021 من جانب مؤيدي ترمب وأفراد الشرطة الذين أدلوا بشهاداتهم أمام اللجنة. من جهته، حذر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو من أن فرنسا والاتحاد الأوروبي قد «يُسحقان» بسبب السياسة المعلنة لترمب، إذا لم يتحركا. وأضاف بايرو أن «الولاياتالمتحدة قررت اتباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدق من خلال الدولار، ومن خلال السياسة الصناعية، ومن خلال الاستيلاء على كل الأبحاث والاستثمارات». وأضاف: «إذا لم نفعل شيئاً، فسوف نخضع للهيمنة ونتعرض للسحق والتهميش.. والأمر منوط بنا نحن الفرنسيين والأوروبيين لاستعادة زمام الأمور». وقال بايرو أمام موظفي بلدية بو التي يترأسها، في جنوب شرق فرنسا: إن «تنصيب دونالد ترمب يضعنا أمام مسؤولياتنا». وأشار كذلك إلى «قوة الصين» التي تجاوز فائضها التجاري في ديسمبر حاجز الألف مليار دولار. وقال: «إن فرنسا وأوروبا تواجهان اليوم تحديين»، أميركياً وصينياً. كما دعا المستشار الألماني أولاف شولتس إلى تبني موقف أوروبي واثق في مواجهة الرئيس الأميركي المقبل ترمب. وخلال فعالية «اسألوا المرشحين الرئيسيين» التي نظمتها صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية في برلين، قال شولتس: «في هذا الشأن، أوصي الجميع بأن يحافظوا دائمًا على استقامة الظهر». وأضاف شولتس أنه لهذا السبب علق على مطالب ترمب الإقليمية بالاستحواذ على كل من غرينلاند وبنما وكندا، بالقول علانية إن الحدود لا يجوز المساس بها «على مستوى العالم»، واستطرد: «أعتقد أن استمرار التزامنا الوضوح في هذه القضية سيظل شيء يرافقنا في المستقبل القريب». من ناحية أخرى، أكد المستشار أنه لا يتوقع «تراجعًا مباشرًا» في المساعدات الأميركية المقدمة لأوكرانيا بعد تولي ترمب منصبه، وأردف: «لكننا سنرى كيف سيكون الوضع على المدى الطويل»، مشيراً في هذا السياق إلى إعلان ترمب عن رغبته في إنهاء الحرب في المستقبل القريب. من جهة أخرى، يقول العديد من الصينيين حين يُسألون عن رأيهم في عودة ترمب إلى البيت الأبيض إنهم لا ينتظرون الكثير من ولايته الثانية معتبرين أن «الخلافات لا يمكن تفاديها»، في وقت تدخل العلاقات الثنائية عهداً جديداً من الضبابية. لطالما حمّل ترمب الصين المسؤولية عن مجموعة من المشاكل الاجتماعية التي تعانيها بلاده وتعهّد اتباع نهج متشدد حيال بكين مع عودته إلى البيت الأبيض. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه منفتح على عقد محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي لطالما عبّر علناً عن إعجابه به. وتحدث الزعيمان هاتفياً الجمعة وتعهّدا تحسين العلاقات. ويقول سكان في العاصمة الصينية إنهم يتوقعون من ترمب المعروف بمزاجيته البقاء على نهج ولايته الأولى.