مشروع النهضة والتحول العملاق (رؤية السعودية 2030) يسير بوتيرة متسارعة، والنتائج ملموسة على أرض الواقع تنموياً واقتصادياً، وهناك مؤشرات يمكن الاستشهاد بها، مثلاً رغم تراجع وتقلب أسعار البترول العالمية في الأعوام الماضية، إلا أن المالية العامة تسير بثبات، والإنفاق على المشاريع التنموية مستمر (الإنفاق الاستثماري تحديدًا) والاقتصاد بشكل عام يحقق أرقاماً مميزة، وشهية القطاع الخاص مفتوحة، والتدفق الاستثماري الأجنبي مشجع. هذا لم يكن يحدث سابقاً، حيث كانت المشاريع والبرامج التنموية تتأثر بشكل مباشر بتقلبات أسعار البترول على مدى العقود الخمسة الماضية. ونتذكر جيداً، ماذا كان يحدث بعد كل الطفرات التي حدثت منذ 1975م. مفاد ذلك تحديدًا أن الهدف الأساس للرؤية الطموحة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء –حفظه الله- والمتمثل في التنويع الاقتصادي والابتعاد عن الارتهان لمورد مالي واحد وناضب، بدأ يتحقق على أرض الواقع. وخدمياً، الناس تلمس تطوراً مذهلاً، وتحولاً تقنياً شاملاً، أسهم في تعزيز جودة الحياة، ووفر الجهد والمال على المستفيدين، من معاملات أبشر إلى المحاكم الافتراضية، مروراً بالملفات الصحية الإلكترونية، والخدمات التعليمية والاجتماعية، والزراعية والاقتصادية، لذلك من النادر أن يزور المراجع جهة حكومية أو خاصة حالياً. وحدوث هذا الأمر في (قارة) بحجم المملكة وبنفس القوة والجودة والشمولية خلفه جهود كبيرة من مختلف الأجهزة، واستثمار ضخم في البنية التحتية، وفي الكوادر البشرية المؤهلة، وقبل ذلك رؤية وإرادة سياسية جبارة. وهذان المثالان، غير ما يحدث في المشاريع العملاقة، والطاقة والسياحة والترفيه والرياضة والصناعات العسكرية، والنجاح في ملفات استضافة كبرى مثل: إكسبو 2030، وكأس العالم 2034، وهي أحداث عالمية لا يمكن أن تحدث صدفة ولا بالبركة، بل تأكيد على مشروع عملاق وتاريخي، وثقة من الخارج وليس من الداخل فقط. هذا الأمر يشجع على اقتراح تحويل (رؤية 2030) إلى فرصة تصديرية ضمن المنتجات والخدمات الوطنية المميزة. فكثير من الدول خاصة في المحيط العربي والشرق الأوسط تريد أن تستفيد/تشتري هذه الخبرة، وتطمح إلى اقتفاء أثر السعودية في التحول. ولعل من المناسب تحويل (برنامج التحول الوطني) الذي كان نواة برامج الرؤية إلى مؤسسة عامة، تجمع كل الخطوات والخبرات والتحديات التي تمت خلال تنفيذ برامج التحول، وتحولها إلى منتجات محددة، وفق قطاعاتها، وإيجاد ذراع استشاري وبيوت خبرة (شركات) بحيث يمكن تسويق منتجاتها خارجياً، خاصة في ظل التشابه الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية والدول المحيطة. وما يشجع على هذا المشروع أن الرؤية صنعت بأيادٍ وطنية، ونفذها شبان وشابات الوطن، ولديها حقائق على الأرض أصحبت حديث البعيد والقريب.. وللحديث بقية! كاتب اقتصادي*