عقدت جريدة «الرياض» مؤخرًا ندوة لمناقشة أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة العربية السعودية في عام 2024، واستشراف مستقبل التنمية المستدامة في ظل رؤية المملكة 2030. وتناولت الندوة محاور متعددة، شملت التقدم في مجالات السياسة، الاقتصاد، الأمن، البيئة، السياحة، إضافة إلى تسليط الضوء على المشاريع الكبرى مثل الفوز باستضافة كأس العالم 2034، وافتتاح مشروع مترو الرياض، والنمو المتسارع في القطاع السياحي، الذي بات رافدًا أساسيًا لتنويع الاقتصاد الوطني. وشارك في الندوة كل من أستاذ السياسة الدكتور منيف الملافخ، والمختص في القطاع السياحي الأستاذ محمد المعجل، والكاتب والمحلل الاقتصادي الدكتور علي الحازمي، خبير التسويق الرياضي الدكتور مقبل بن جديع، والكاتب في الشأن الصحي الأستاذ محمد السنان. وحضر الندوة من الجريدة: مدير تحرير الشؤون الاقتصادية أ. خالد الربيش، ومدير تحرير الشؤون المحلية أ. صالح الحماد، ونائب رئيس القسم الرياضي أ. سليمان العساف، وأ. أحمد غاوي، وأ. ناصر العماش، ومشرفة ندوات الرياض أ. سارة القحطاني، وعدد من الزملاء الذين أسهموا بمداخلاتهم القيمة في إثراء النقاش. وافتتح الندوة رئيس التحرير الأستاذ هاني وفا، مؤكدًا على أهمية هذه الندوة في توثيق إنجازات المملكة وتسليط الضوء على تطورها المتسارع، وقال: «إن هذه الندوة تأتي لتوثيق أبرز إنجازات المملكة خلال عام 2024، الذي كان عامًا استثنائيًا في مسيرة التنمية الشاملة. لقد أثبتت المملكة قدرتها على تحقيق أهدافها الطموحة من خلال رؤية تتجدد باستمرار وآفاق تتسع يومًا بعد يوم. نأمل أن تكون هذه الندوة منصة لاستعراض النجاحات التي نفخر بها والتي جعلت من المملكة نموذجًا عالميًا للتطور والازدهار». معدل البطالة في المملكة ينخفض إلى 7 % في عام 2024 *السياسة الخارجية السعودية وفي بداية الندوة، تحدث الدكتور منيف الملافخ عن التحولات الجذرية التي شهدتها السياسة الخارجية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وأشار إلى أن هذا العهد الزاهر يمثل نقلة نوعية في مسار السياسة الخارجية، التي أصبحت ديناميكية ومتوازنة تراعي مصالح المملكة أولًا، وتسعى لتوسيع نفوذها وتأثيرها على المستويين الإقليمي والدولي. وأضاف أن السعودية تحولت من سياسة محافظة نسبيًا إلى سياسة أكثر حيوية واستقلالية، تركز على تعزيز سيادتها وتنوع شراكاتها الدولية. ومن أبرز التغيرات التي شهدناها في السنوات الأخيرة هو توجه المملكة نحو إقامة علاقات استراتيجية مع دول شرق آسيا مثل: الصين، روسيا، الهند، وكوريا، إلى جانب تعزيز تعاونها مع الدول الفاعلة عالميًا، بعيدًا عن الارتهان إلى سياسة الأقطاب أو الاعتماد الكلي على الحلفاء الغربيين. مشروع مترو الرياض بذرة لمشروعات مستقبلية أكبر * قبلة سياسية وأشار الدكتور منيف إلى أن الرياض أصبحت اليوم قبلة سياسية عالمية، حيث استضافت العديد من المؤتمرات والاجتماعات التشاورية التي ناقشت قضايا دولية وإقليمية محورية، مثل: الحرب الروسية الأوكرانية. وبرز الدور السعودي في الوساطة بين الأطراف المتنازعة والإفراج عن أسرى من جنسيات متعددة، مما يعكس مكانة المملكة وثقلها الدولي. مؤكدًا على أن هذه المكانة المرموقة تعود إلى السياسة الحكيمة التي تتسم بالاتزان والمصداقية العالية، فضلًا عن النهج السعودي الذي لا يعتمد على التدخل في شؤون الدول الأخرى أو التوسع على حساب الآخرين، مما جعل المملكة نموذجًا للسياسة المسؤولة. كما أن السعودية أصبحت مركزًا لمعالجة القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما يؤكد مكانتها كقوة إقليمية ودولية تتمتع بالاحترام والثقة على مستوى العالم. تحول القطاع الصحي في في 2024 من التنظيم إلى الشراكة مع القطاع الخاص لتحسين الخدمات الصحية * التطورات الاقتصادية في المملكة وتحدث الدكتور علي الحازمي عن التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها المملكة، مؤكدًا أن انخفاض معدلات البطالة من 12 % إلى 7 % قبل الموعد المحدد ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 يعد إنجازًا استثنائيًا. وأوضح أن هذا الإنجاز يعكس إعادة ترتيب الهيكل الاقتصادي للمملكة، حيث تم خلق وظائف جديدة وإحلال وظائف للكوادر الوطنية المؤهلة. وأشار الدكتور علي إلى أن تحقيق نسبة تملك المساكن أكثر من 63 %، متجاوزًا المستهدف لعام 2030 وهو 62 %، يبرز حجم الاقتصاد السعودي واستجابته السريعة للمتغيرات. وأضاف: «الاقتصاد السعودي يشهد مرحلتين أساسيتين: خلق للوظائف، عبر إطلاق صندوق الاستثمارات العامة أكثر من 92 شركة جديدة، وإحلال للوظائف، حيث لعب الابتعاث دورًا محوريًا في إعداد الكفاءات الوطنية لتولي مواقع استراتيجية». 16 مدينة صحية في وأكثر من 51 مليون استشارة طبية عبر تطبيق "صحتي" في 2024 وأوضح أن القطاع التعليمي بات أكثر توافقًا مع الاحتياجات الاقتصادية، حيث أُعيدت هيكلة بعض التخصصات لتتماشى مع متطلبات سوق العمل، مما أسهم في تقليص معدلات البطالة. كما تناول أهمية تحقيق معدل بطالة مستهدف مثل 7 %، مبينًا أن ذلك يحقق توازنًا اقتصاديًا، إذ لا يمكن لأي اقتصاد عالمي أن يعمل بمعدل بطالة صفر، لما لذلك من تأثيرات سلبية على التضخم واستدامة النمو. * البنية التحتية والمشروعات الكبرى وتطرق الدكتور علي إلى مشروع مترو الرياض، مؤكدًا أنه يمثل حجر الزاوية في تطوير البنية التحتية للمملكة. وأضاف: «بغض النظر عن استضافة المملكة لكأس العالم 2034، فإن مشروعات البنية التحتية ستستمر بنفس الزخم. المملكة تخطط بشكل استراتيجي، حيث تمثل شبكة القطارات والخدمات اللوجستية جزءًا لا يتجزأ من رؤية تطوير الصناعات الوطنية وربط المدن بشبكات حديثة». وأشار إلى أن مترو الرياض يُعد بذرة لمشروعات مستقبلية أكبر، مستشهدًا بتاريخ شبكة القطارات في الثورة الصناعية الأولى، حيث انطلق مترو لندن بمسافة قصيرة قبل أن يتوسع ليصبح من ركائز التطور الاقتصادي. وأكد أن المملكة تسير على نهج مشابه، حيث تسعى لربط الموانئ بشبكات القطارات والبنية التحتية المتطورة لتحقيق قفزة نوعية في الخدمات اللوجستية. وأكد على أن هذه المشروعات ليست مجرد وسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي، بل هي عنصر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة وضمان مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية. خدمة "وصفتي".. قرابة 40 مليون مستفيد في أكثر من 2000 مركز صحي وأكثر من 200 مستشفى * استضافة كأس العالم 2034 وبارك الدكتور مقبل بن جديع للوطن والمواطنين استضافة المملكة لكأس العالم 2034، مشيرًا إلى أن هذا الحدث الكبير يُعد تتويجًا للجهود التي بذلتها المملكة على مدار السنوات الماضية. وأكد أن استضافة البطولة تُعد إنجازًا غير مسبوق، بالنظر إلى صعوبة الفوز بحق تنظيم هذا الحدث الذي تنافست عليه دول عديدة، وتقوم بعدة محاولات قبل ان تفوز بالاستضافة مثل المغرب التي حاولت مرارًا منذ عام 2008 قبل أن ينجح أخيرًا في استضافة نسخة 2030 مع البرتغال وإسبانيا. وأشار الدكتور مقبل إلى أن الوقت بين اعلان المملكة الرسمي عن الترشح لتقديم ملف استضافة كأس العالم وبين الاعلان الرسمي لفوز الملف السعودي بالاستضافة لم يتجاوز عامًا ونصف تقريبًا، وأن المملكة منذ عام 2018 وهي تستضيف الاحداث الرياضية العالمية. وقال: « لا شك أن استضافة كأس العالم كان هدفاً منذ ذلك الحين، حتى تحقق أخيرًا باستضافة بطولة 2034». وأضاف: «ما يميز هذا الإنجاز أنه جاء وسط رحلة تنموية شاملة تشهدها المملكة، في ظل رؤية 2030 التي وضعت أسسًا واضحة لبناء مستقبل مشرق وبنية تحتية متينة ومتطورة للمملكة وليست فقط لكأس العالم. فنحن نعيش الآن منجزات هذه الرؤية، والتي كان آخرها افتتاح مترو الرياض وإنشاء مدن حديثة مثل نيوم ومشروعات كبرى كمشروع البحر الأحمر». السعودية بين إنجازات 2024 وطموحات 2025: مسيرة تنموية تتسارع نحو المستقبل * الفوائد الاقتصادية والتنموية وأوضح الدكتور مقبل أن استضافة كأس العالم 2034 ليست مجرد حدث رياضي، بل هي جزء من النهضة التنموية الشاملة التي تعيشها المملكة، لما لها من فوائد اقتصادية وسياحية ورياضية كبيرة. وذكر أن البطولة ستُقام على 15 ملعبًا، معظمها موجود مسبقًا ضمن خطط بناء المدن الجديدة، مثل ملعب في نيوم وآخر في القدية، بالإضافة إلى تحديث ملاعب مثل استاد الملك فهد وملعب الأمير فيصل بن فهد وملعب الجامعة. وأشار إلى الفارق الاقتصادي بين استضافة قطر لكأس العالم 2022 والمملكة في 2034، حيث أنفقت قطر 220 مليار دولار معظمها على البنية التحتية للبطولة، وحققت عائدًا قدره 18 مليار دولار فقط. بينما في المملكة، سيتم بناء 5 إلى 6 ملاعب جديدة بتكلفة تتراوح بين 5 إلى 10 مليارات دولار، مع توقعات بعائدات تتجاوز 25 مليار دولار في عام البطولة وحده، بالإضافة إلى الفوائد طويلة الأمد في السنوات العشر التي تليها، من خلال زيادة عدد السياح وتعزيز تسويق المملكة عالميًا. وأكد الدكتور مقبل أن استضافة كأس العالم 2034 تُعد إنجازًا تاريخيًا يضاف إلى سلسلة المنجزات الوطنية، مشيرًا إلى أن هذا الحدث يُجسد رحلة السعوديين نحو المجد، مضيفًا: «نحن في المملكة، نصبح على خبر جميل ونمسي على خبر أجمل. وكأس العالم هو جزء من هذه الرحلة التنموية التي نفخر بها جميعًا». استضافة كأس العالم 2034 جزء من النهضة التنموية الشاملة التي تعيشها المملكة * السياحة السعودية تتجاوز المستهدفات وأوضح الأستاذ محمد المعجل أن القطاع السياحي في المملكة حقق إنجازات غير مسبوقة في إطار رؤية 2030، التي جعلت السياحة محورًا رئيسًا من محاورها الثمانية بعد أن كانت قطاعًا هامشيًا. وأوضح أن رؤية 2030 تستهدف أن يُمثل القطاع السياحي 1 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وقد وصلنا اليوم في عام 2024 إلى أكثر من 7.5%. وأشار المعجل إلى أن عدد السياح المستهدف لعام 2030 كان 100 مليون، إلا أن المملكة تجاوزت هذا الرقم في عام 2023 ب 109 ملايين سائح، مما دفع إلى رفع المستهدف إلى 150 مليون سائح. كما أشار إلى أن السياحة الداخلية لعبت دورًا كبيرًا، حيث بلغ عدد السياح الداخليين ٪ 75 هذا العام. وذكر المعجل تعريف السائح وفق منظمة السياحة العالمية، حيث يُعرّف بأنه أي شخص يغادر مقر إقامته الدائم لمسافة تزيد على 100 كيلومتر تقريبًا ويقيم خارجها لأكثر من ليلة وأقل من سنة، بغض النظر عن الغرض من رحلته، سواء كان دينيًا، تعليميًا، تجاريًا، أو ترفيهيًا. قطاع الصناعة السعودي يشهد نموًا ملحوظًا في 2024 مع 11 ألف مصنع وثروات معدنية تصل قيمتها إلى 9 تريليونات ريال * أنماط السياحة وتنوعها وأضاف المعجل أن أنماط السياحة تتعدى 15 نمطًا سياحيًا متنوعًا، أبرزها السياحة الدينية، التي تُعد مصدرًا رئيسًا للإيرادات، وسياحة الأعمال، التي تشمل المعارض والمؤتمرات، والسياحة العلاجية، والرياضية، وسياحة الترفيه والتسوق والآثار وزيارات الأقارب وغيرها، وأوضح أن الزخم الكبير في المعارض والمؤتمرات أدى إلى طفرة في نسب تشغيل الفنادق، حيث وصلت إلى 94 %، مع حجوزات ممتدة حتى صيف 2025. * منظومة القطاع السياحي وأشار المعجل إلى أن القطاع السياحي السعودي شهد تغييرات جذرية، حيث أصبح لدينا منظومة للسياحة تشمل وزارة للسياحة وهيئة السياحة، بالإضافة إلى صندوق التنمية السياحي، الذي يقدم دعمًا ماليًا يبدأ من 100 ألف ريال للمنشآت الصغيرة، ويصل إلى مليارات الريالات للمشروعات الكبرى. وتطرق المعجل إلى دور المشروعات الضخمة مثل: مشروع البحر الأحمر، القدية، الدرعية، نيوم، التي تحمل طابعًا سياحيًا وتنمويًا في الوقت ذاته. وأكد أن هذه المشروعات تُشبه الجامعات في دورها التنموي، حيث تُنشّط المجتمعات المحلية المحيطة بها، وتسهم في زيادة فرص العمل وزيادة الدخل. وأكد المعجل على أن القطاع السياحي السعودي يشهد قفزات نوعية هائلة، مشيرًا إلى أن المملكة تُعد نموذجًا رائدًا في مجال السياحة على مستوى الشرق الأوسط، بفضل قيادتها التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية، ودورها التدريبي للدول الإقليمية، مما يعكس التقدم الكبير الذي حققته السعودية في هذا المجال. * التزام المملكة بالصحة وافتتح الأستاذ محمد السنان حديثه باقتباس من كتاب «أطباء من أجل المملكة»، حيث ذكر إحدى القصص التي رويت عن الحمى الإسبانية التي اجتاحت العالم قبل أكثر من 100 عام، وعُرفت حينها في المملكة بسنة الرحمة. في تلك الفترة، التي كانت في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز – طيب الله ثراه – وقف أحد الأطباء في حضرة جلالته، وحينها قال الملك عبدالعزيز جملة خالدة: «لم أجلبك وبقية الأطباء لعلاجي أو علاج أسرتي، بل جلبتكم لعلاج أبناء شعبي دون مقابل». كانت هذه العبارة بداية الاهتمام بصحة المواطن، الذي بدأ في عهد الملك عبدالعزيز واستمر عبر الأجيال، في عهد الملوك الذين جاؤوا من بعده – رحمهم الله جميعًا – حتى وصلنا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله-. وفي عهد الملك سلمان، حين اجتاحت العالم أزمة مشابهة للحمى الإسبانية وهي جائحة كورونا، خرج الملك سلمان في وقت كان الناس فيه في حيرة ولا تعرف الأولويات أو الاتجاهات، ليقول جملة واحدة اختزلت رؤية المملكة وأولوياتها: «صحة الإنسان أولاً». كانت هذه العبارة دليلًا واضحًا على اهتمام المملكة العميق بالنظام الصحي. ومن هنا، أشار الأستاذ السنان إلى أن الحديث عن الماضي ليس الغرض منه الإسهاب، وإنما تسليط الضوء على استمرارية العناية الصحية، وصولًا إلى منجزات المملكة في عام 2024، والتي شملت جميع مراحل النظام الصحي، ابتداءً من الوقاية والتوعية، مرورًا بمراكز الرعاية الأولية والخدمات الأولية، وصولًا إلى المستشفيات العامة، ثم التخصصية. قفزة نوعية في قطاع السياحة.. مع نسبة إشغال الفنادق لعام 2024 بلغت 94 % * الوقاية والتوعية والفحص المبكر وأوضح السنان أهمية الوقاية والتوعية باعتبارها ركيزة أساسية في تعزيز الصحة العامة. ومن أبرز إنجازات المملكة في هذا المجال: استفاد حوالي 500 ألف مريض بالسكري من الفحوصات المبكرة، مما ساهم في تحسين علاجهم. تم إجراء أكثر من 130 ألف فحص لسرطان الرحم، وأكثر من 120 ألف فحص لسرطان القولون، مما ساهم في اكتشاف هذه الحالات مبكرًا، وعلاجها بشكل أفضل. كما أشار إلى أن التوعية الصحية ساهمت في زيادة نسبة ممارسة النشاط البدني من 26 % إلى 48 % خلال العقد الأخير، وهو ما يعكس ارتفاع الوعي بأهمية الرياضة في تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض. وتحدث السنان أيضًا عن أهمية التدريب على الإنعاش القلبي الرئوي، حيث ساعدت حملات التوعية والتدريب على مضاعفة عدد الأشخاص القادرين على إنقاذ حياة الآخرين في حالات السكتة القلبية – لا قدّر الله – حيث تلعب كل دقيقة دورًا حاسمًا في إنقاذ حياة المصاب. وأكد السنان أن المملكة كانت من أوائل الدول التي أعلنت خلو منتجاتها الغذائية من الزيوت المتحولة (100%)، نظرًا للأضرار الكبيرة التي تسببها هذه الزيوت على صحة الإنسان. وقال: تشير الجملة التي تكررت كثيرًا «الصحة في جميع السياسات» إلى الالتزام بتضمين معايير الصحة في مختلف مجالات الحياة، مما أسهم في إعلان 16 مدينة صحية في المملكة، تطبق حوالي 80 معيارًا صحيًا عالميًا، لجعلها بيئة صحية ومناسبة للعيش. ومن بين هذه الإنجازات، تفتخر المملكة بكون مدينة جدة أول مدينة مليونية في الشرق الأوسط تُعلن كمدينة صحية، وهو إنجاز يعكس حرص المملكة على تبني معايير الصحة العالمية وتحسين جودة الحياة. * خدمات الرعاية الصحية الأولية وتابع السنان: «وتطورت خدمات الرعاية الصحية الأولية في المملكة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما ساهم في تحسين جودة الخدمة المقدمة وسهولة وصولها للمستفيدين، حيث تم إطلاق أكاديميات لطب الأسرة، بهدف تخريج متخصصين سعوديين في هذا المجال لتغطية العجز في أطباء الأسرة، وضمان توفر كفاءات محلية تقدم الرعاية الصحية الأولية بكفاءة عالية، وافتتاح عيادات تخصصية داخل مراكز الرعاية الأولية، مما سهل وصول المستفيدين للخدمات الصحية في أحيائهم دون الحاجة إلى التنقل لمسافات طويلة، إضافة إلى تمديد ساعات العمل في بعض المراكز الصحية إلى الفترات المسائية، مما قلل الضغط على المستشفيات وأقسام الطوارئ، ورفع من كفاءة الخدمات الصحية المقدمة». * جودة المستشفيات العامة واعتماداتها وقال السنان: «شهدت المستشفيات العامة في المملكة تحسنًا كبيرًا في جودة الخدمات المقدمة، وارتفاعًا في نسبة إشغال الأسرة. وتخضع هذه المستشفيات لمعايير اعتماد متعددة، أبرزها اعتماد مجلس المنشآت الصحية. وقد تم مؤخرًا اعتماد معيار جديد وهو اعتماد المنشآت الصحية الصديقة لكبار السن، حيث حصل عليه 20 مستشفى من مختلف القطاعات (الحكومية، الخاصة، وغيرها). هذا النوع من الاعتمادات يعكس اهتمام المملكة بتقديم خدمات صحية تراعي احتياجات الفئات المختلفة، بما في ذلك كبار السن، الأطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال وضع معايير متخصصة لكل فئة لضمان توفير بيئة صحية شاملة». * التميز في الخدمات الصحية وعلى صعيد الخدمات التخصصية، قال السنان: «حققت المملكة إنجازات عالمية بارزة، منها: تميزها في عمليات فصل التوائم السيامية، التي أصبحت علامة فارقة في القطاع الصحي السعودي. وإجراء أول عملية قلب باستخدام الروبوت بشكل كامل على مستوى العالم، وذلك في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وهو إنجاز يعكس تقدم المملكة في مجال الجراحة الروبوتية والتكنولوجيا الطبية المتقدمة». القطاع السياحي يشهد نموًا متسارعًا، وعدد السياح المتوقع في 2025 يصل إلى 127 مليون سائح * تحول مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون إلى مؤسسة غير ربحية وذكر السنان أن تحول مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون إلى مؤسسة غير ربحية كان خطوة استراتيجية كبيرة أسهمت في تطوير هذه المنظومة الصحية المتقدمة. أصبح المستشفى اليوم أحد روافد طب العيون ليس على مستوى المملكة فقط، بل على مستوى الشرق الأوسط. وقد عزز هذا التحول مكانة المستشفى كوجهة علاجية متقدمة، حيث شهد توافد المرضى من دول الخليج والدول العربية الأخرى لطلب العلاج فيه، مما يعكس مستوى التميز الطبي والخدمات الصحية المقدمة. * الصناعات الدوائية وخدمة وصفتي وأوضح السنان أن المملكة شهدت تقدمًا ملموسًا في مجالي الصناعات الدوائية وخدمة وصفتي، حيث خدمت وصفتي قرابة 40 مليون مستفيد، مما جعلها أحد الحلول الرقمية الرائدة. وتغطي الخدمة أكثر من 2000 مركز صحي، وأكثر من 200 مستشفى، إضافة إلى أكثر من 5000 صيدلية مجتمعية خاصة التي أصبحت جزءًا من هذا النظام المتكامل. وفي عام 2024، بلغت تكلفة الخدمة حوالي 2.4 مليار ريال، لكنها ساهمت في توفير ما يقارب 1.3 مليار ريال مقارنة بالعام السابق، بفضل تقليل الهدر الدوائي، تقليص التخزين في المخازن، وتقليل انتهاء صلاحية الأدوية. وأما الصناعات الدوائية: فقد بلغ عدد المصانع الصيدلانية في المملكة أكثر من 200 مصنع، باستثمارات تقدر ب 2.6 مليار ريال، مما يعكس تطورًا كبيرًا في هذا القطاع الحيوي. كما شهد المعرض الدولي الأخير، الذي أقيم في الأسبوع الماضي، الإعلان عن استثمارات دوائية جديدة تجاوزت 10 مليارات ريال، وهو دليل على اهتمام المملكة بتعزيز الاكتفاء الذاتي الدوائي وتنمية هذا القطاع. * الخدمات الصحية الافتراضية وتابع السنان: «ويُعد السوق السعودي من بين الأسواق الأكثر نموًا على مستوى العالم، خاصة في مجال الخدمات الصحية الافتراضية والإلكترونية. وقد وفرت وزارة الصحة العديد من الخدمات الرائدة التي أحدثت نقلة نوعية في تقديم الرعاية الصحية». مشيرًا إلى أن أحد أبرز هذه الإنجازات هو مستشفى صحة الافتراضي، الذي دخل موسوعة غينيس كأكبر مستشفى افتراضي على مستوى العالم. ويقدم المستشفى خدمات مبتكرة تساعد في توصيل الرعاية الصحية إلى المستشفيات الطرفية، مما يساهم في تقليل الحاجة لنقل المرضى إلى المدن الكبرى. وأصبح بإمكان المرضى في المناطق الطرفية الحصول على استشارات طبية متخصصة عن بُعد، دون الحاجة للسفر إلى مدن مثل الرياض أو جدة. وأكد أن هذه الخدمات الافتراضية وفرت أكثر من 51 مليون استشارة طبية افتراضية عن طريق مستشفى صحة وتطبيق «صحتي»، مما قلل من أعباء السفر والتكاليف المادية على المواطنين، وقلص الزحام المروري، ورفع من سرعة تقديم الخدمة وتخصصيتها». خدمة التوءم الرقمي وتابع السنان: «في بداية العام الماضي، أطلقت وزارة الصحة خدمة التوءم الرقمي، وهي تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث يتم: إنشاء نموذج رقمي يحاكي شخصية وصحة المريض بناءً على بيانات ملفه الطبي. ويتنبأ التوءم الرقمي بالأمراض التي قد يصاب بها المريض في المستقبل. ويقدم نصائح وممارسات صحية مخصصة بناءً على احتياجات الشخص. ويعكس هذا التطور توجه المملكة نحو استخدام التقنيات الحديثة لتحسين الصحة العامة وتعزيز الوقاية». وعن التأثير الشامل لهذه الخدمات قال السنان: «الخدمات الافتراضية مثل مستشفى صحة الافتراضي والتوءم الرقمي أسهمت بشكل كبير في تقليل الضغط على المستشفيات، وتحسين سرعة الوصول إلى الخدمات الصحية، وتخفيف الأعباء المادية والجسدية على المرضى، ورفع جودة وكفاءة الرعاية الصحية باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي». الحاضر والمستقبل وتداخل أ. هاني: ما سمعناه يبعث على الفخر ويطمئننا على المستقبل، وهذا بفضل الله أولاً ثم القيادة الحكيمة. ومع اقتراب نهاية عام 2024، كيف ترون العام 2025؟ هل سيكون استمراراً للإنجازات التي تحققت؟ وهل سنشهد مزيداً من التقدم في العام المقبل بإذن الله؟ أجاب د. منيف: بالنسبة للإنجازات التي تحققت، فهي ثمرة منهج واضح وكفاءات وطنية، إلى جانب الإرادة السياسية التي تسعى لرفع مكانة المملكة إلى مستويات أعلى. مع الإمكانات الاقتصادية المتوفرة والعلاقات الطيبة مع العالم، فإننا نسير في الاتجاه الطبيعي لتحقيق الطموحات. وعندما تحدث الدكتور عن الفرحة بالفوز باستضافة كأس العالم، أود أن أضيف: لا يوجد شيء مستحيل في المملكة. صحيح أن الاحتفال بهذا الإنجاز أمر طبيعي ومطلوب، لكنه في رأيي يأتي ضمن سلسلة من النجاحات التي تحققها المملكة باستمرار، بفضل رؤية واضحة وإرادة قوية وكفاءات وطنية عملت الدولة على تأهيلها من خلال برنامج الابتعاث، مما مكّن شباب المملكة من التميز على المستوى الدولي. وأضاف: الأمير محمد بن سلمان قال: "طموحنا عنان السماء"، وهذا يعكس الرؤية والطموحات المفتوحة لتحقيق المزيد من الإنجازات. كلما حققنا إنجازاً، نسعى لتحقيق آخر، مما يجعل الإبداع في مختلف المجالات أمراً طبيعياً. أما عن عام 2024 الذي شارف على الانتهاء، فقد شهد أحداثاً جيوسياسية وتحولات خطيرة في المنطقة. منذ ثورة الخميني في 1980، وما قامت به إيران من تغلغل وزرع أذرعها في الدول العربية، كان هناك تهديد للأمن القومي العربي. المملكة تصدت لهذه المحاولات، كما لعبت دوراً محورياً في الأحداث الكبرى، مثل الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2024. وبفضل الجهود السعودية، عُقد أول مؤتمر قمة عربي إسلامي بالرياض نهاية عام 2023، حيث تم تشكيل اللجنة السياسية السداسية العربية الإسلامية لتوضيح الموقف العربي الإسلامي أمام العالم. المملكة قادت توحيد الموقف العربي الإسلامي بجدارة، مما أدى إلى تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة لصالح فلسطين، حيث اعترفت 150 دولة بحقها في أن تكون عضواً في الأممالمتحدة. هذا الإنجاز يعكس مكانة المملكة كقائدة للعالمين العربي والإسلامي، بشهادة العالم أجمع، وليس فقط من منطلق الفخر الوطني. مشروعات سياحية جديدة تستهدف التنوع وجذب السياح مع ثماني وجهات سياحية رئيسة قيد التطوير * تحديات اقتصادية وجيوسياسية أجاب د. علي الحازمي قائلًا: السؤال المطروح استراتيجي ومهم، خاصة ونحن نستقبل 2025 بأوضاع جيوسياسية غير مستقرة في المنطقة، مصحوبة بتحديات الديون السيادية العالمية وتذبذب أسعار النفط. من المهم أن نكون واقعيين، فنحن جزء لا يتجزأ من المنظومة العالمية. في ميزانية 2025، أشار معالي وزير المالية إلى وجود تحديات مستمرة، مع التأكيد على التزام الحكومة بتحقيق أرقام النمو الاقتصادي المعلنة، والتي تأتي بقيادة القطاع الاستهلاكي والاستثماري. ورغم التحديات، أوضحت الحكومة خطتها لإنفاق تريليون وثلاثمائة مليون ريال، مع الحفاظ على مستويات الديون السيادية التي لم تصل بعد إلى 30 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما المتوسط العالمي يتراوح بين 50 ٪ و60 ٪. هذا يُظهر مدى المرونة التي تتمتع بها المملكة ماليًا، حيث أكد الوزير امتلاك الضوء الأخضر من القيادة للوصول إلى 40 ٪ إذا استدعت الحاجة. وقال الحازمي: مع ذلك، يظل النفط هو المحرك الأساسي لتحولاتنا الاقتصادية، على الرغم من أن الاقتصاد غير النفطي أصبح يُشكل أكثر من 50 ٪ من الناتج المحلي، وهذا تحقق عبر الإنفاق الحكومي الممول من الإيرادات النفطية. الحالة الراهنة للعالم، بما فيها الانتخابات الأميركية المقبلة وتأثيرها المحتمل على أسعار النفط، تعزز حالة عدم اليقين العالمي التي نحن جزء منها. التحدي الآن يكمن في لعب القطاع الخاص دوراً أكبر في قيادة التحول الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الإنفاق الحكومي وحده. * الأهداف الرياضية والاقتصادية أجاب د. مقبل: رؤية 2030 كانت بمثابة بوصلة للسعوديين في مختلف القطاعات مثل السياسة والاقتصاد والسياحة والصحة والرياضة، التي تطمح إلى الوصول إلى نسبة 1.6 % من المساهمة في الناتج المحلي. في هذا السياق، تقدم المملكة العديد من الاستضافات الرياضية العالمية سنويًا، مثل بطولة السوبر الإيطالي في الرياض، كأس السعودية، الفورمولا 1، رالي داكار، وغيرها، والتي لا تقتصر على التأثير الرياضي فقط، بل تشمل أيضًا الاقتصاد والسياحة. إضافة إلى ذلك، يشارك نادي الهلال في بطولة العالم للأندية 2025، وتتمنى المملكة تأهل المنتخب السعودي لبطولة كأس العالم 2026، كما ستستضيف كأس آسيا 2027. وكما أشار د. منيف إلى أهمية التوازن بين الفرح والإنجازات، فنحن في السعودية حققنا العديد من المنجزات وسنحقق المزيد في المستقبل. وتنظيم كأس العالم سيكون تتويجًا لهذه الإنجازات الرياضية، التي سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد والسياحة والرياضة. وسمو ولي العهد كان قد أعلن في 2018 عن نية استضافة كأس العالم، ورغم أن فريق العمل في وزارة الرياضة كان قد خلص إلى أن الفرص ضئيلة جدًا، فإن المملكة نجحت في الفوز بحق الاستضافة بنسبة هي الأعلى في تاريخ ملفات تنظيم البطولة. وهذا النجاح يعكس العمل الجاد والثقة التي اكتسبتها السعودية من العالم نتيجة لتنظيمها العديد من الأحداث الرياضية بنجاح. مداخلة * وطرح أ. خالد الربيش تساؤلين الأول حول الإنجازات التي تحققت في 2024، وخاصة في القطاع الصناعي الذي شهد قفزات كبيرة بعد فصل وزارة الصناعة عن الطاقة. كيف تحقق هذا النجاح؟ وما الأسباب التي أدت إلى الوصول لهذا المستوى؟ أما التساؤل الآخر فهو موجه للأستاذ محمد المعجل حول نجاح القطاع السياحي في 2024، حيث حققت المملكة أرقاماً مميزة وكانت في المرتبة الأولى على مستوى دول ال G20. كيف تحقق هذا النجاح الكبير؟ * القطاع الصناعي في 2024 أجاب د. علي: أنا بطبعي أتحيز للقطاع الصناعي، وأعتقد دائماً أن الأمم لا تنهض إلا من خلاله. فعندما نهضت الدول الغربية كان ذلك بفضل الصناعة. نجاح القطاع الصناعي نستطيع أن نعزوه لعدة أسباب يأتي في مقدمتها الدعم الحكومي، حيث تقدم الحكومة دعمًا كبيرًا للقطاع الصناعي، من خلال السياسات والتشريعات التي تشجع الاستثمار، ولا يمكن إغفال جانب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص مما ساهم في دفع وعجلة التنمية الصناعية. على الرغم أن الاستثمار الأجنبي في القطاع الصناعي مازال أقل من الطموح، إلا أن الحكومة تدعم وتشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، لزيادة القدرة التنافسية للقطاع الصناعي المحلي. أشار الدكتور علي الحازمي إلى أن الدول الغربية، قبل أن تفتح أسواقها الحرة، اهتمت أولاً بحماية صناعتها الداخلية، لذلك شدد على فكرة حماية الصناعات الداخلية حتى تقف على أرضية صلبة وتكون قادرة على منافسة الشركات العالمية. وأعتقد أن قطاع التعدين واحد من أهم القطاعات التي نراهن عليه بشدة، هو إحدى الركائز المهمة بعد قطاع النفط والبتروكيميائيات، وهو يسير بشكل جيد. ثرواتنا ارتفعت من 5 تريليونات التي تم الإعلان عنها في 2023 إلى أكثر من 9 تريليونات في 2024 وهذا يعطينا دلالات إجابية لقوة هذا القطاع مستقبلاً. كما أن المملكة بدأت الحديث عن اليورانيوم، مع تأكيد وزير الخارجية عادل الجبير أنه لن يتم تصدير أي مواد خام إلى الخارج قبل أن تتم معالجتها داخلياً للاستفادة منها في الطاقة السلمية. مشيرًا إلى أن عدد المصانع في المملكة ارتفع إلى أكثر من 11 ألف مصنع، ومن الملاحظ أن وزارة الصناعة لا تدخر جهداً في أي مبادرة من شأنها دعم القطاع الصناعي ولعل آخرها كان «الإعفاء مقابل التصدير» والذي يتمثل في الإعفاءات الجمركية للمواد الخام المستوردة التي يتم إعادة تصنيعها وتصديرها. هذه المبادرات ستسهم في جعل المنتج السعودي أكثر قدرة على المنافسة خارجياً. والقطاع الصناعي، من غير الممكن العمل فيه بمعزل عن القطاعات الأخرى. فلا توجد صناعة بدون قطاع لوجستي، ولا يمكن تطوير الصناعة ما لم يكن المنتج الوطني قادراً على المنافسة عالمياً. لتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك منافسة صناعية للشركات السعودية داخلياً، خلق المنافسة الداخلية مكاسب عدة للشركات المحلية يأتي في مقدمتها؛ مكاسب الكفاءة والإنتاجية، حيث تجبر المنافسة المحلية الشركات المحلية على إيجاد طرق مستمرة لتحسين عملياتها وخفض التكاليف وتعزيز الإنتاجية من أجل البقاء في صدارة المنافسين، وهذا يجهزها لتحمُّل منافسة الشركات العالمية بشكل أفضل. وأرى اليوم أن هناك حركة تنافسية كبيرة في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، في مدينة جازان للصناعات الأساسية، هناك حراك كبير، إضافة إلى تفعيل المدن الصناعية والاقتصادية بشكل كبير. كما أن الربط اللوجستي يعد إحدى المبادرات المهمة التي تساهم في تسريع النمو. الأرقام الفصلية للنمو الاقتصادي جيدة رغم الظروف العالمية. كلنا نعلم أن القطاع الصناعي في أي دولة يحتاج إلى وقت، لذلك يمكننا الحديث عن إنجازات القطاع الصناعي في عام 2035. ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح، وهذا ما نلاحظه من خلال ارتفاع حجم الاستثمارات بالقطاع الصناعي تتحاوز 1.6 تريليون ريال. الحكومة لديها توجه واضح لتسريع تطوير المدن الصناعية والاقتصادية والصناعات التحويلية. هذا يبرز إيمان الدولة القوي بأن القطاع الصناعي هو المحرك الأساسي للاقتصاد. وأضاف الحازمي، اليوم، في ظل الحروب التجارية بين الولايات المتحدةوالصين وأوروبا والصين، نرى أن الدول الكبرى التي تركز على الخدمات، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، تواجه تحديات في تصدير الخدمات مقارنة بالصناعة. على سبيل المثال، ألمانيا، رغم قوتها الاقتصادية، لا يتجاوز حجم تصدير الخدمات فيها 4 %. وهذا يؤكد لنا أن السلع لا تزال هي العنصر الأهم في التجارة العالمية. ملتقى الصحة الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط يحقق استثمارات تجاوزت 50 مليار ريال في 2024 التسويق المحترف وأجاب أ. محمد المعجل: في 2025م، عندما نتحدث عن القطاع السياحي في السعودية والتطورات التي شهدها، نجد أن أحد الأسباب الرئيسية لقوة هذا القطاع هو التسويق المحترف الذي تقوم به هيئة السياحة. ففي يوليو الماضي، قامت الهيئة بحملة تسويقية في الصين ووقعت اتفاقية تجعل السعودية واحدة من الوجهات السياحية الأساسية للصينيين. ومن المتوقع أن يرتفع عدد السياح القادمين من الصين من 150 ألف سائح إلى ما بين 3 و5 ملايين سائح بنهاية 2030. القطاع السياحي في السعودية يشهد تطورًا كبيرًا، حيث توجد خطط تفصيلية يتم تنفيذها ومتابعتها لضمان تحقيق المستهدفات. على سبيل المثال، من المتوقع أن يرتفع عدد السياح في 2025 من 109 ملايين إلى 127 مليون سائح. كما أن هناك تغييرات في الوجهات السياحية والأنماط السياحية، حيث سيجد السياح منتجات وخدمات سياحية متنوعة تختلف عن السابق. وقال المعجل: إن الخطط التي يتم تنفيذها في القطاع السياحي تسير وفق ما هو مرسوم لها، وهناك نمو ملحوظ في الأرقام. على سبيل المثال، كان من المتوقع أن يعمل في القطاع السياحي نحو 700 ألف شخص، ولكن العدد الحالي قد وصل إلى 750 ألف شخص، مع استهداف الوصول إلى مليون وستمائة ألف شخص بحلول 2030. ومن اللافت أيضًا أن السعودية أصبحت وجهة عالمية للمعارض والمؤتمرات، متفوقة على العديد من الدول المجاورة. وهذا النجاح يعود إلى المتابعة الدقيقة من الجهات المعنية في القطاع السياحي، مما يبعث على الطمأنينة بخصوص استدامة نمو هذا القطاع في المستقبل. * مداخلة وطرح أ. صالح الحماد سؤالاً موجهاً للدكتور منيف: كيف ترى دور المملكة المؤثر في استقرار الشرق الأوسط وفي تعزيز الحضور العربي على الساحة العالمية؟ وأيضًا، كيف تقيم جهودها المستمرة تجاه القضية الفلسطينية وسبل تحقيق حل الدولتين؟ * حل النزاعات أجاب د. منيف: الدور السعودي في القضية الفلسطينية يعتبر أولوية منذ العام 1948، حيث تعتبر المملكة هذه القضية محورية في العالم العربي. المملكة تبنت القضية الفلسطينية وأولت لها اهتمامًا بالغًا، ما جعلها تدفع بكل قوتها من أجل إيجاد حلول لها. ورغم الضغوط التي تتعرض لها من الولايات المتحدة الأميركية بشأن التطبيع مع إسرائيل، إلا أن المملكة وضعت شروطًا واضحة لهذا التطبيع، وهي قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. هذا الموقف السعودي الثابت يؤكد التزام المملكة بالقضية الفلسطينية، وهو يظل من أكبر أشكال الدعم المقدمة لها، بجانب الدعم المالي والإغاثي الذي تقدمه المملكة منذ عام 1948. وأوضح قائلاً: أما على مستوى الشرق الأوسط، فإن المملكة تواصل تعزيز استقرار المنطقة وتحقيق قوتها على الساحة الدولية، ويعتبر هذا جزءًا من رؤية المملكة الاستراتيجية. الأمير محمد بن سلمان في كلمة له في مؤتمر "دافوس الصحراء" قال: "أتمنى أن أرى الشرق الأوسط ينافس أوروبا يومًا ما." وهذا التصريح يعكس رؤية المملكة المستقبلية للمنطقة بناءً على ما تمتلكه من موارد اقتصادية ضخمة، وموقع جغرافي متميز، والكثافة السكانية العالية، واليد العاملة المدربة. المملكة تؤمن أن هذه العوامل تجعل المنطقة مؤهلة للنمو السريع لتصل إلى مستويات الدول الأوروبية. وأكد الملافخ أن المملكة قامت بدور كبير في حل النزاعات والتوترات في المنطقة، ومنها تعزيز العلاقات العربية - العربية، كما في حالة سوريا، حيث ساعدت المملكة في إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد سنوات من الغياب، ووضعت شروطًا على الحكومة السورية لتحقيق الاستقرار في البلاد، مثل العودة الآمنة للاجئين وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، رغم أن النظام السوري لم ينفذ هذه الشروط. ومن خلال هذه المواقف، تتضح جهود المملكة المستمرة في تعزيز استقرار الشرق الأوسط، وهو ما يعكس مسؤوليتها التاريخية والإستراتيجية تجاه هذه المنطقة. نسبة تملك السعوديين للمنازل ترتفع في 2024 إلى 63 %، متجاوزة المستهدف لعام 2030 وهو 62 % * التحول الصحي واستكمل أ. محمد السنان أبرز منجزات القطاع الصحي في 2024، موضحًا أن القطاع شهد تحولاً سريعاً نحو تحقيق الأهداف التي وضعتها رؤية 2030. ويعد برنامج التحول الصحي أحد أبرز برامج الرؤية، حيث تعمل وزارة الصحة على الانتقال إلى دور جديد كمُنظم ومشرع ومراقب، مما يمكّن القطاع الخاص من تقديم الخدمات الصحية بالإضافة إلى شركة الصحة القابضة والتجمعات الصحية التي تقدم الرعاية للمواطنين. بالإضافة إلى ذلك، يقوم المركز الوطني للتأمين بحساب تكلفة الخدمات الصحية ودفعها، مما يعزز الرقابة وجودة النظام الصحي. مشيرًا إلى أن أحد أبرز ملامح التحول هو تطبيق نموذج الرعاية الصحية الذي يعالج الأمراض كمسارات تبدأ من اكتشاف المرض، مروراً بالوقاية والعلاج، وصولاً إلى الرعاية المتقدمة. هذا النموذج يسهل رحلة المريض ويوفر له متابعة أفضل وجودة أعلى في الرعاية، ما يساعد في السيطرة على الأمراض المزمنة مثل مرض السكري، الذي يعاني منه نحو 25 % من سكان المملكة، أي حوالي 5 ملايين شخص. من خلال التعامل مع هذه الأمراض بنهج وقائي، وإذا لم نتمكن من الوقاية، نسعى لتحسين طرق التعامل مع المرض، مما يسهم في رفع مستوى الخدمات الصحية. وذكر أنه في عام 2024، تم تنظيم فعاليتين مهمتين: الأولى كانت ملتقى الصحة العالمي، الذي يُعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، حيث بلغ حجم الاستثمارات في هذا الملتقى 50 مليار ريال. أما الفعالية الثانية فكانت معرض الصناعات الدوائية، الذي بلغ حجم الاستثمارات والتبادل التجاري فيه 10 مليارات ريال. وهناك توجه لإقامة هذه الفعاليات في عام 2025 بشكل أكبر لتحقيق مراحل متقدمة في رحلة التحول الصحي وتحقيق الأهداف المنشودة. * مداخلة وطرح أ. أحمد الغاوي استفساراً للأستاذ محمد المعجل، قائلًا: كما تعلم، يعتبر استكشاف سوق سياحي جديد من أبرز عوامل الجذب. وبالنظر إلى الأرقام القياسية التي حققناها في عامي 2023 و2024، هل نتوقع حدوث حالة من التشبع نتيجة لهذه الأرقام؟ وهل سنصبح مثل الأسواق الخليجية الأخرى؟ أجاب أ. محمد: المشروعات السياحية الكبرى في السعودية لم تكتمل بعد بشكل كامل، مثل مشروعي القدية والبحر الأحمر. لذلك، من المتوقع في السنوات القادمة أن تستمر هذه المشاريع في جذب المزيد من السياح، مع التركيز على التنوع في القطاع السياحي. مشروع البحر الأحمر على سبيل المثال، موجه للنخبة وبأسعار مرتفعة، لكن هناك مشروعات أخرى تستهدف الفئات المتوسطة اقتصادياً. في السعودية، نتوقع أن يتم تطوير وجهات سياحية متنوعة في السنوات الثلاث القادمة، مثل وجهة عسير التي لم تفتتح بعد، بالإضافة إلى مشروعات في شمال المملكة وجازان. هناك ثماني وجهات سياحية رئيسية جديدة تعمل المملكة على تطويرها ضمن استراتيجيتها لجذب سياح جدد. بالإضافة إلى ذلك، هناك تغيير في الأنماط السياحية، مثل جعل الرياض وجهة للسياحة العلاجية. فخلال سنوات 2023 و2024، شهدنا زيادة في عدد المستشفيات الضخمة في الرياض، مما ساهم في إقبال أكبر على هذه الوجهة مقارنة ببقية المناطق. وبالتالي، هناك تنوع كبير في الأنماط السياحية، مما يجعل القطاع السياحي في المملكة في حالة نمو وازدهار مستمر، ويحقق تحسيناً في جودة الحياة التي ترفع من قيمة هذا القطاع. * ختام الندوة وفي ختام الندوة، أكد المتحدثون على أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو تحقيق مزيد من الإنجازات في عام 2025، مع استمرار العمل على تعزيز التنوع الاقتصادي، وتحقيق استدامة النمو في جميع القطاعات الحيوية. وتحدثوا عن التحديات التي واجهتها المملكة في الماضي وكيف تمكنت من التغلب عليها بفضل الرؤية الحكيمة لقيادتها ودعم القطاع الخاص، مما جعل المملكة واحداً من أكثر الاقتصادات نمواً في المنطقة. وشدد المتحدثون على أن المملكة ملتزمة بتطوير بنية تحتية قوية تدعم مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الصناعة، والسياحة، والصحة، والتعليم. كما أشاروا إلى أن رؤية 2030 تضع الأساس لتحقيق التنمية المستدامة، مع التركيز على الابتكار واستخدام التكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات. وتوقعوا أن يشهد العام 2025 إطلاق العديد من المشروعات الكبرى التي ستسهم في تعزيز مكانة المملكة على الساحتين المحلية والعالمية، سواء من خلال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، أو تعزيز مكانة المملكة كمركز ريادي في قطاع السياحة العالمية، أو دعم الصناعات الوطنية التي ستفتح أبواباً جديدة للأسواق العالمية. ضيوف الندوة د. منيف الملافخ د. علي الحازمي د. مقبل بن جديع أ. محمد المعجل أ. محمد السنان حضور الندوة هاني وفا خالد الربيش صالح الحماد سليمان العساف أحمد غاوي سارة القحطاني