عندما راهنت المملكة على الجدوى من رؤية 2030، وقدرتها على إيجاد اقتصاد وطني حقيقي، كانت تعني الاهتمام بقطاعات بعينها، رأت أنها ستكون المحرك الأساسي لمنظومة الاقتصاد الوطني، فضلاً عن قدرتها على تنويع مصادر الدخل، بعيداً عن مدخول النفط الذي ظلت البلاد تعتمد عليه عقوداً طويلة، ومن أبرز تلك القطاعات، قطاع التعدين الذي يشهد حالياً تحوّلًا كبيرًا في مسار تعزيز التنمية الاقتصادية، واستقطاب الاستثمارات الخارجية، مع الأخذ في الاعتبار أن قيمة الثروة المعدنية غير المستغلة في المملكة تبلغ 1,3 تريليون دولار. وبفضل الاهتمام الرسمي بالقطاع، تؤكد كل المؤشرات أن «التعدين» دون سواه، سيصبح أحد الأعمدة الأساسية لمسيرة الاقتصاد السعودي مستقبلاً، يساعد على ذلك ما تختزنه أراضي المملكة من ثروات معدنية هائلة، ليس أولها الذهب، والفضة، والنحاس، وليس آخرها الزنك، والفوسفات، ومعادن الأرض النادرة، وتعمل الجهات المعنية على تطوير مشاريع التعدين لاستخراج هذه الموارد، مع التركيز على التقنيات الحديثة والمستدامة التي تقلل من الأثر البيئي وتزيد من كفاءة الإنتاج. اهتمام المملكة بقطاع التعدين أخذ مسارات عدة، أبرزها: زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع، وتحسين البيئة التنظيمية، من خلال إصدار قوانين ولوائح جديدة تعزز الشفافية وتجذب المستثمرين، وإطلاق الصندوق الوطني للتعدين لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يعكس التزام المملكة بتطوير القطاع بشكل شامل، إلى جانب الاهتمام بالبنية التحتية الداعمة للتعدين عبر إنشاء مناطق صناعية متخصصة، مع تحسين شبكات النقل والخدمات اللوجستية لتسهيل عمليات الاستخراج والتصدير. ولم تنسَ المملكة في ثنايا اهتمامها بقطاع التعدين، أن تضع أهدافًا طموحة لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 64 مليار ريال حاليًا إلى 240 مليار ريال بحلول عام 2030، لتحقيق ذلك يتم التركيز على تنفيذ مشاريع استراتيجية مثل: مشروع «جبل صايد» للنحاس، ومنجم «الدويحي» للذهب، إلى جانب تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية المتخصصة في استكشاف واستخراج المعادن، والتوجه نحو استخدام التقنيات الحديثة، مثل: الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، الذي يساهم في تقليل هذه التحديات وتحقيق الكفاءة. وستجني المملكة ثمار الاهتمام بالقطاع، أولاً بإيجاد فرص عمل جديدة لشباب الوطن، يساعد على ذلك إطلاق برامج تدريبية بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية، لتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في هذا المجال، والإسهام في نمو الدخل القومي بالتزامن مع إنجاز المشاريع، مع الأخذ في الاعتبار أن قيمة الثروة المعدنية غير المستغلة في المملكة تبلغ 1,3 تريليون دولار.