«وعد الشمال» مركز عالمي لصناعة الفوسفات والأسمدة جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتعزيز الشراكات مع المراكز البحثية يشكل قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية ركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية 2030، حيث تسعى المملكة إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. وأعدت لذلك استراتيجية حيوية لتحقيق استدامة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على مصدر دخل واحد، وعدم الاعتماد بشكل كبير على تصدير النفط، لتحقيق عدد من الأهداف من أهمها: تعزيز القطاعات غير النفطية كالصناعات التحويلية وتطوير الصناعات التي تعتمد على تحويل المواد الخام إلى منتجات جاهزة، مثل الصناعات البتروكيماوية والتعدين، وتشجيع الزراعة والمواد الغذائية بدعم القطاع الزراعي وتحسين التقنيات الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي. والاعتماد على الطاقة المتجددة بالاستثمار في الطاقة الشمسية، والرياح، والهيدروجين الأخضر لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتطوير قطاع السياحة بالاستثمار في تطوير البنية التحتية السياحية، والترويج للسياحة الثقافية، البيئية، والترفيهية، وتقديم تسهيلات للحصول على التأشيرات السياحية. وتتمتع المملكة بثروة معدنية هائلة تتجاوز قيمتها 1.3 تريليون دولار، وتشمل الذهب، الفوسفات، البوكسايت، النحاس، الزنك، والمعادن الأرضية النادرة. وتعمل مشاريع التعدين بالمملكة على المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق التي توجد فيها، ما يسهم في تحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل. وتؤمن المملكة بدور مشاريع التعدين في التنمية المحلية وخلق فرص العمل، حيث تُعد مشاريع التعدين مصدرًا رئيسيًا لتوظيف السكان المحليين في المناطق النائية، وتوفير وظائف مباشرة في المناجم والمصانع، بالإضافة إلى فرص غير مباشرة في الخدمات المساندة مثل النقل والخدمات اللوجستية، والعمل على برامج التدريب والتأهيل وتطوير الكفاءات المحلية بما يتناسب مع احتياجات قطاع التعدين. "بداية التعدين" بدأ التعدين في المملكة العربية السعودية منذ آلاف السنين، حيث تشير الأدلة الأثرية إلى أن التعدين كان من الأنشطة الاقتصادية القديمة في شبه الجزيرة العربية. وقد مارس سكان شبه الجزيرة التعدين منذ العصور القديمة استخراج المعادن مثل النحاس والذهب، ويُعتقد أن المملكة كانت واحدة من أوائل المناطق التي استُخرج فيها الذهب والنحاس في العالم، ويُظهر ذلك مناجم الذهب القديمة مثل مهد الذهب والمنجم الأحمر. وفي العصر الإسلامي استمر التعدين خلال العصور الإسلامية، حيث كان يُستخرج الذهب والفضة والنحاس ويُستخدم في الصناعات المعدنية وصناعة العملات. وفي العصر الحديث بدأ التعدين الحديث والمنظم في المملكة في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، عندما أسس الدولة السعودية الحديثة في الثلاثينيات من القرن الماضي. وكان أول منجم يتم تطويره في العصر الحديث هو منجم مهد الذهب بمنطقة المدينةالمنورة، الذي أعيد تشغيله في 1939، وفي السبعينيات، تم إنشاء مؤسسات وطنية لدعم قطاع التعدين، مثل تأسيس شركة معادن في عام 1997 لتطوير وتنظيم القطاع، وزادت الاكتشافات المعدنية مع استخدام تقنيات حديثة للمسح والتنقيب. ومنذ ذلك الحين، تطور قطاع التعدين بشكل كبير وأصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجية المملكة، خاصة مع رؤية 2030 التي تهدف إلى تعظيم الفائدة من الموارد المعدنية الغنية في المملكة وجعل التعدين ركيزة اقتصادية رئيسة بجانب النفط. "بنية تحتية" وتؤدي مشاريع التعدين إلى تطوير البنية التحتية في المناطق التي يتم تنفيذها فيها، حيث يتم بناء طرق جديدة لتسهيل الوصول إلى مواقع التعدين، وتطوير المرافق العامة مثل المياه والكهرباء والاتصالات، ما يرفع من جودة الحياة للمجتمعات المحلية، ودعم الاقتصاد المحلي وتنشيط الأسواق المحلية من خلال طلب المنتجات والخدمات من الموردين المحليين. وتعزيز الاستثمار المحلي من خلال الشراكات مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة الإنفاق المحلي على السلع والخدمات، والمساهمة في التنمية المستدامة، كما أن التزام مشاريع التعدين بالمعايير البيئية العالمية يحد من الآثار السلبية على البيئة في المناطق التي يتم فيه التعدين، كما يسهم ذلك في تنفيذ خطط لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من عمليات التعدين وتحويلها إلى مناطق تنموية أو سياحية، وتشجيع مبادرات الاستدامة مثل استخدام الطاقة المتجددة في العمليات التعدينية، وتعزيز التعليم والتدريب في تلك المناطق من خلال إطلاق برامج تعليمية بالشراكة مع الجامعات والمعاهد التقنية لتخريج كوادر متخصصة في هندسة التعدين والجيولوجيا، وإنشاء مراكز تدريب محلية لتأهيل السكان على العمل في قطاع التعدين وتنويع الاقتصاد المحلي. كما تقدم مشاريع التعدين فرصًا لتنويع مصادر الدخل المحلي، وتقليل الاعتماد على الزراعة أو الأنشطة التقليدية في المناطق الريفية، وفتح آفاق جديدة للتجارة والصناعة في المناطق التي تُقام فيها المشاريع. وتسهم أيضاً في دعم المجتمعات المحلية، وتمويل مشاريع اجتماعية وصحية من قبل شركات التعدين كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية في المناطق النائية. "دعم المبادرات" وتسهم مناطق التعدين في المملكة بتعزيز المبادرات الثقافية والرياضية والسياحية، وذلك من خلال تطوير مشاريع تسهم في تنمية المجتمعات المحلية وتحقيق التنمية المستدامة. ومن أبرز هذه المبادرات: تطوير البنية التحتية في مناطق التعدين حيث تعمل المملكة على تطوير البنية التحتية في المناطق التعدينية، بما في ذلك شبكات النقل والكهرباء والمياه، ما يسهم في تعزيز السياحة وتوفير فرص ترفيهية وثقافية للسكان المحليين والزوار. ومن خلال هذه المبادرات، تسعى المملكة إلى تحقيق التوازن بين استغلال الموارد المعدنية وتنمية المجتمعات المحلية، وتعزيز الثقافة والرياضة والسياحة في مناطق التعدين، كما تسهم مشاريع التعدين في دعم المبادرات الثقافية والرياضية لتعزيز الهوية المحلية. ومن أمثلة مشاريع التعدين في المملكة وتأثيرها على التنمية المحلية، مشروع مدينة "وعد الشمال" الصناعية والتي أصبحت تُعد مركزًا عالميًا لصناعة الفوسفات والأسمدة، وساهمت في توفير آلاف الوظائف للمجتمعات المحلية، وطورت البنية التحتية في شمال المملكة بما يشمل الطرق، والسكن، والمرافق العامة. كما أن مشروع منجم "الدويحي" للذهب الذي يعد أكبر منجم للذهب في المملكة، ويقع في منطقة مكةالمكرمة، ساهم في تنمية المنطقة عبر توفير فرص عمل وبناء مرافق جديدة، وأسهم في دعم المجتمعات المحلية عبر تنفيذ مشاريع اجتماعية. كما أن مشروع "جبل صايد للنحاس" الذي يحتوي على احتياطات كبيرة من النحاس وبعض المعادن الأخرى، يولي المنجم اهتماماً كبيراً بالجوانب البيئية والاجتماعية، ويعمل على تحقيق توازن بين تطوير الموارد المعدنية وحماية البيئة، وله تأثير إيجابي على الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات من الصادرات المعدنية. كما يسهم تطوير التعدين في منطقة المدينةالمنورة، في توفير وظائف وفرص استثمارية للمجتمع المحلي، والالتزام بالاستدامة البيئية من خلال تقنيات التعدين الحديثة. "تحديات وفرص" ومن التحديات التي تواجهها مناطق التعدين التأثير البيئي لعمليات التعدين كنقص المهارات والكفاءات المحلية المؤهلة، والحاجة إلى تعزيز البنية التحتية في المناطق النائية. ومن الفرص جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتطوير التقنيات الحديثة لتحسين كفاءة واستدامة التعدين، وتعزيز الشراكات مع الجامعات والمراكز البحثية. واصبحت مشاريع التعدين في المملكة العربية السعودية قوة دافعة للتنمية المحلية، حيث تسهم في تحسين الاقتصاد، ورفع مستوى معيشة السكان، وتطوير المناطق النائية. ومن خلال مبادرات مدروسة واستثمارات كبيرة، تسعى المملكة إلى تحقيق توازن بين استغلال الموارد المعدنية والتنمية المستدامة، ما يجعل قطاع التعدين محركًا رئيسيًا لتحقيق أهداف رؤية 2030 التي تدعم مشاريع سياحية مثل: مشروع نيوم والبحر الأحمر. ووفق رؤية 2030 يبدو مستقبل التعدين في المملكة العربية السعودية واعدًا ومبشرًا بالنظر إلى الجهود المبذولة لتنمية هذا القطاع وجعله رافدًا اقتصاديًا أساسيًا بجانب النفط والغاز. ورؤية 2030 وضعت التعدين في مقدمة أولوياتها تحقيق التنوع الاقتصادي وتنمية الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة. ويمكن تلخيص مستقبل التعدين في المملكة وفق الرؤية كما يلي: تحقيق مساهمة اقتصادية أكبر، ويهدف قطاع التعدين إلى رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 240 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030، ما سيخلق فرص عمل جديدة ويعزز الاقتصاد الوطني. ويسهم في تنمية الصناعات التحويلية المرتبطة بالتعدين (مثل صناعة الألمنيوم والفوسفات والمعادن النادرة) لتقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام. كما سيسهم في تطوير القدرات الوطنية، واستحداث برامج تدريب وتأهيل للشباب السعودي للعمل في القطاع، مع التركيز على التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي. وجذب الكفاءات العالمية وتعزيز الشراكات بين الشركات الوطنية والدولية لتطوير المشاريع التعدينية، كما أن الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والالتزام بالمعايير البيئية العالمية ضمان للاستدامة في عمليات التعدين، وتسهم دعم الأبحاث والدراسات الجيولوجية لتحديد الاحتياطيات المعدنية بشكل دقيق وتطوير تقنيات استخراج مستدامة، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وإطلاق مبادرات مثل برنامج المسح الجيولوجي الشامل لتوفير البيانات الدقيقة عن الثروات المعدنية وتشجيع المستثمرين على الدخول في القطاع، وتحسين الأنظمة والقوانين المتعلقة بالتعدين لجذب المزيد من الاستثمارات. إضافة إلى ذلك إطلاق مشاريع كبرى، وتنفيذ مشاريع عملاقة وتطوير البنية التحتية للمناطق التعدينية بما في ذلك الطرق وشبكات النقل والموانئ. كما أن التركيز على المعادن الاستراتيجية يسهم في توسيع نطاق التنقيب عن المعادن النادرة والاستراتيجية (مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت) لدعم الصناعات المستقبلية مثل السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، وتعزيز الابتكار والتقنيات الحديثة. والاعتماد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة (مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي) في عمليات التعدين لتحسين الكفاءة وتقليل التكلفة والاستثمار في البحث والتطوير لإيجاد حلول مبتكرة لتحسين طرق استخراج المعادن. وبرؤية مستقبلية فإن قطاع التعدين في المملكة سيكون من أعمدة الاقتصاد بحلول 2030، حيث سيسهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد السعودي، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. التعدين كنز المستقبل التعدين فرص وظيفية واعدة