خلال المقابلة التي أجرتها صحيفة الأعمال والمالية الألمانية هاندلسبلات Handelsblatt مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، أشار الأخير إلى عدة أمور مهمة: فقد أكد أن القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني فيما مضى كانت نتيجة استخدام ألمانيا للغاز الروسي منخفض التكلفة. كما تنبأ، أنه في غضون عام على أبعد تقدير، سيصبح خط الأنابيب الروسي "السيل الشمالي" ملكاً لمستثمر أمريكي، الأمر الذي سوف يؤدي إلى تدفق الغاز الروسي عبر هذا الخط من روسيا إلى أوروبا. ولكن ذلك يحتاج قبل أي شيء إلى وقف القتال في أوكرانيا- وهذا من المتوقع تحققه مع مجيء دونالد ترمب. فإذا حدث ذلك، فإن التوقعات بتراجع مساهمة أوروبا في الاقتصاد العالمي إلى 10% خلال العشرة أعوام القادمة سوف تتغير. وأوروبا مثلما نعلم قارة مهمة بالنسبة لنا في المملكة، فهي تعتبر من المستوردين لنفطنا من ناحية، ومن أهم المصدرين للبضائع والخدمات إلينا من ناحية أخرى. بالفعل، فإن الرئيس الصربي في حديثه مع الصحيفة الألمانية قد كشف الستار عن العديد من الأمور المهمة التي قد تحدث خلال العام القادم 2025، وبقية الأعوام التي تليه. وأكثر ما يهمنا بالطبع هو إمدادات الطاقة إلى أوروبا. فهذه الأخيرة قد تستأنف مشترياتها من الغاز الروسي الرخيص- والذي بدوره سوف يؤثر على إمدادات الطاقة من حوض الخليج العربي، التي قد ينخفض الطلب عليها في أوروبا خلال العام القادم. وبالعكس فإن طلبنا على البضائع والخدمات المنتجة في الاتحاد الأوربي سوف يرتفع وخاصة من ألمانيا نتيجة انخفاض تكاليف إنتاجها وعلى رأسها السيارات والآلات والمعدات. وهذا بدورة سوف يؤثر على ميزان مدفوعاتنا. من ناحية أخرى، فإن مجيء إدارة جديدة للبيت الأبيض برئاسة ترمب سوف تغير الكثير من المعادلات. فمن الواضح أن هذه الإدارة سوف تتأثر بتوجهات شريحة من الدولة العميقة، تختلف عن تلك الشريحة التي كانت سائدة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. وأبرز ممثلي الشريحة الجديدة هو إيلون ماسك. فهذه الشريحة تنظر إلى العالم بعيون مختلفة. ولذلك، فمن المتوقع أن تطرأ تغيرات كبيرة على تفاعل الولاياتالمتحدة مع العديد من القضايا العالمية، ومن ضمنها الحرب في أوكرانيا. فهناك العديد من الشركات الأمريكية تتطلع إلى انتهاء هذه الحرب حتى توظف رؤوس أموالها هناك، ومنها BASF, Bosch, Chevron وغيرها. ولذلك، فإن العالم في العام القادم من المتوقع أن يكون أكثر استقراراً، نتيجة الواقعية الأميركية الجديدة. فطموحات الولاياتالمتحدة منذ أزمة الرهن العقاري عام 2008، وهي تختلف عن الإمكانيات التي يتمتع بها هذا البلد. ولذلك فإن مجيء إدارة شعارها أمريكا أولاً، من شأنه أن يغير علاقتها مع الدول العظمى المنافسة لها- وهذا ربما يؤدي إلى جلوس هذه البلدان مع بعضها البعض ورسم خطوط حمراء فيما بينها، كما فعل روزفلت وتشرشل وستالين عام 1945 في يالطا.