تواتر الأخبار عن قرب هجوم روسي على أوكرانيا يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة ومن ضمنها النفط. وهذا ليس مصادفة، فالغرب يهدد روسيا في حال الهجوم على أوكرانيا، بأنه سوف يتخذ ضدها عقوبات مؤلمة لم يسبق لها مثيل، وضمن هذه العقوبات: التهديد بتعطيل تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا وعدم منح التراخيص للتيار الشمالي 2 «نورد ستريم 2»، الذي ينقل الغاز الروسي عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، وهذا كله سوف يؤدي إلى نقص كبير في إمدادات الطاقة إلى أوروبا التي تعتمد على الغاز الروسي في تلبية احتياجاتها بنسبة 30 % تقريباً. فإذا ما حدث ذلك، فإن الطلب سوف يكون أكبر من العرض بالنسبة نفسها، وعلى هذا الأساس سوف ترتفع أسعار النفط إلى 120 دولاراً وربما أكثر. من ناحية أخرى، فإن الغيرة الغربية على أوكرانيا، تضر هذا البلد أكثر مما تنفعه، فالنبرة الإعلامية المرتفعة عن قرب الهجوم الروسي عليه، تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، الأمر الذي يكلف الميزانية الأوكرانية مبالغ ضخمة، لأن هذا البلد يعتمد على استيراد موارد الطاقة من الخارج بنسبة كبيرة، وهذا ليس الضرر الوحيد الذي يلحق به جراء ذلك، فالرواية الغربية عن قرب الهجوم الروسي على أوكرانيا تؤدي إلى ارتفاع أسعار التأمين الذي على المواصلات التي تنقل ما تستورده أوكرانيا من الخارج، وبالتالي ارتفاع أسعار تلك الواردات، بل وإلى ارتفاع المبالغ التي تدفعها الشركات الأوكرانية للتأمين على أصولها. فالشركات التي كانت عام 2016 تدفع للتأمين على المخاطر 55 ألف دولار سنويًا عن أصول قيمتها 10 ملايين دولار، مضطرة الآن أن تدفع 250 ألف دولار. ولذلك، فليس غريباً أن تنتهي Foreign Policy إلى نتيجة مفادها، أن روسيا سوف تحقق كل ما تريده من أوكرانيا من دون أن تحتاج إلى إطلاق رصاصة واحدة. ولكن، في الوقت الذي تدفع فيه أوكرانيا غالياً مقابل التصعيد الإعلامي الغربي بقرب الهجوم الروسي عليها، تتدفق على بلدان أوبك، ونحن من ضمنهم عوائد مجزية. فإذا ما تحقق ما يتوقعه محللو وول ستريت، ووصلت أسعار النفط إلى 120 دولاراً للبرميل، فإن عائدات ميزانية بلدنا هذا العام سوف ترتفع إلى مستويات أعلى مما هو متوقع لها، بل إن العجز في الميزانية قد يتحول إلى فائض، وهذا من شأنه أن يؤدي ليس إلى خفض الاقتراض فقط، وإنما خفض حجم الدين الخارجي الذي تراكم نتيجة عدم كفاية العائدات النفطية للإنفاق على التنمية. وهذا معناه أن سبع سنوات عجاف من انخفاض أسعار النفط والتي بدأت منذ نهاية عام 2014، سوف تتبعها سبع سنوات سمان.