برزت شخصية أحمد السباعي، ككاتب وقاص وصحفي، ورائد في الصحافة والأدب والثقافة في المملكة العربية السعودية، منذ وقت مبكر، نهايات القرن العشرين، حيث اشتغل في مطلع مشواره العملي، في قطاع التعليم، وشرع خلالها في الكتابة بصحيفة "صوت الحجاز" التي تولى رئاسة تحريرها لاحقا، وأسس صحيفة "الندوة" ثم مجلة "قريش" الأدبية، ولُقب ب "شيخ الصحافة السعودية"، وهو من أوائل المثقفين التنويريين في السعودية. أنشأ أول مسرح سعودي، وأشرف على أول فرقة تمثيلية في السعودية، ودعا إلى تعليم المرأة، كتب أكثر من 20 كتابًا، منها إحدى كتبه البارزة التي تناولت "تاريخ مكةالمكرمة"، فيما حققت معظم مؤلفاته الريادة في مجالها، واختِير منها "سلم القراءة العربية" ليُصبح أول كتاب مدرسي في المملكة العربية السعودية. ولد السباعي في مدينة مكةالمكرمة عام 1323ه - 1905م، وفيها نشأ وتلقى تعليمه، بدأ بالدراسة في "الكُتّاب" ومجالس علماء الشريعة في المسجد الحرام، وحفظ القرآن قبل أن يلتحق بالمدرسة الراقية بمكةالمكرمة، ثم سافر متجهًا إلى مدينة الإسكندرية في مصر، التي أتم فيها عامين دراسيين، وعاد إلى مكةالمكرمة ليعمل معلمًا في المدارس التحضيرية والابتدائية، وعُيّن بعد سنوات من التدريس مديرًا لمدرسة "الفائزين". كان مولعًا بقراءة الأدب وكتابته، نشر كتاباته للمرة الأولى في صحيفة "صوت الحجاز"، ثم توالت كتاباته بغزارة، فألّف سلسلة كتاب "سلم القراءة العربية" في ستة أجزاء، والذي نال إعجاب المسؤولين في مديرية المعارف آنذاك فصدر قرار من المديرية يقضي بتدريس الكتاب في مدارسها ليكون أول منهج دراسي في السعودية. وعُيّن محررًا في صحيفة "صوت الحجاز"، ثم تدرج في المناصب فأصبح مديرًا للصحيفة، ثم رئيسًا لتحريرها وإدارتها، وبعد مدة غادر الصحيفة ليلتحق بوزارة المالية، حيث عمل فيها مفتشًا، وبعد تجربته الصحفية الواسعة أسس صحيفة "الندوة"، وأتبعها بتأسيس مجلة "قريش" التي أسبقها بإنشاء "دار قريش للطباعة والصحافة"، ونال عضويات في جمعيات ومشاريع عدة، منها عضوية مؤسسة مكة للطباعة والإعلام. اهتم السباعي بالمسرح والأدب المسرحي وأظهر شغفًا به ولقب ب"أبو المسرح السعودي"، بعد تأثره بالمسرح المصري عامة ومسرح يوسف وهبي خاصة، الذي شهد نهضته خلال زياراته المتكررة للقاهرة، حين كان يعمل مطوفًا للحجاج المصريين، فرافقته رغبة شديدة في إنشاء مسرح سعودي يعكس بيئة البلاد وقيمها، مع عدم توفر مسرح حقيقي آنذاك، فلم يكن يوجد في ذلك الوقت سوى محاولات واجتهادات فردية في بعض المدارس. وتلقى تشجيعًا على فكرته المطروحة في إنشاء مسرح في مكةالمكرمة، فتقدم بطلب إلى وزارة الإعلام عام 1961م، لتأسيس المسرح في أرضٍ يملكها بجوار منزله في حي جرول، فجاءت الموافقة على طلبه، وذلك في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز وشرع على الفور في بناء دار أسماها "دار قريش للتمثيل القصصي". وقام السباعي بتجهيز ديكور المسرح بلوحات مناظر ضخمة واستقطب ممثلين موهوبين من المدارس، ووفر جميع أدوات الأداء المسرحي، كما أحضر مخرجًا مصريًّا أخرج سابقًا بعض مسرحيات يوسف وهبي، وشمل المسرح 1000 كرسي للجمهور العام. كما أشرف السباعي على تدريب 40 ممثلًا، وأعد محمد عبدالله مليباري أول مسرحية للتمثيل بعنوان "فتح مكة"، فدرّب المخرج 20 ممثلًا على أداء مشاهد المسرحية، فيما تدرب 20 آخرون على مسرحية قادمة كتبها عبدالله عبدالوهاب العباسي ولم يحظ السباعي بفرصة تحقيق رغبته في إحياء المسرح في السعودية، بسبب الفجوة بين المسرح والذهنية الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت. كما ساهم السباعي في تأسيس نادي مكة الأدبي عام 1975م، إذ كان من أدباء ومثقفي مكةالمكرمة الذين طالبوا بإنشاء نادٍ ثقافي يكون مركزًا لنشاطاتهم، فرفع السباعي هذا المطلب إلى الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك برفقة محمد حسن فقي وإبراهيم فودة، فجاءت الموافقة على التأسيس، ووضعت هيئة تأسيس تكونت من 24 أديبًا ومثقفًا، أولهم أحمد السباعي، وافتتح النادي عام 1978م. وقد تجاوزت مؤلفات الراحل أحمد السباعي 20 كتابًا، فكان رائدًا في كتابة القصة وفي التاريخ، وتنوعت موضوعاته ما بين المقالات الاجتماعية والدراسات والتوثيق التاريخي في كتابة الأمثال الحجازية الشعبية وتاريخ مكةالمكرمة، إلى جانب موضوعات الحج والسيرة الذاتية، ومن مؤلفاته: "المرشد إلى الحج والزيارة عام 1948م"، و"تاريخ مكة عام 1952م"، و"أبو زامل عام 1954م" الذي سمي لاحقًا ب"أيامي"، وقصة "فكرة" عام 1948م، و"خالتي كدرجان" عام 1980م، ورواية قصيرة بعنوان "اليتيم المعذب"، ونال جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1983م من يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله قبل وفاة السباعي بعام واحد، سنة 1984م. كما كرمته الدورة الثانية من مهرجان الرياض للمسرح تقديراً لإسهاماته في إدخال المسرح السعودية وتطوير الفنون في المملكة.