لُغتنا.. أنارَت مدراك الأزمان، فأَضْحَت سَنًا يُضيء الأَكوان! أَلَيسَ مِن حَقِّها أن تُحفَظَ وتُصَان؟ لُغتنا.. هي رَمز هويتنا ومِرْآةَ وجودنا. بِها نحكي حكاياتنا، ونصوغ أحلامنا، ونحفظ تُراثنا. تلك التي كانت يومًا سيّدة المجالِس، ربيبة الفصاحة، وحاملة تُراثنا، وأحلامنا.. لا زِلت أُؤمن أنّ في داخلها قوة لا تنطفئ، حرفٌ ينتظر من ينطقه، وقافية تترقّب من يعيد تشكيلها. ففي مواجهة التحديات التي تعصف بها، كانت مجامع اللغة العربية -كمجْمع الملك سلمان العالمي للغة العربية- حصنًا يحمي إرث الضاد ويعيد لها عزها. إذن، هي لم تُهزم بعد؛ لكنها تُنادينا، تُنادينا أن نعود، أن نُعِيدَ صياغةَ علاقتنا بها، أن نصونها كما تصوننا، ونحفظها كما تحفظنا من الزوال. فيا أبناء اللُّغة.. عُودوا إلى موردكم العذْب، إلى حروفكم التي كانت سيّدة البيان، وإلى ألفاظكم التي ملأت الآفاق حكمة. فالتطوّر.. لا يعني طَمْس الهويّة، وتجريدَ الذّاتِ من جُذورها؛ بل هو امتدادٌ لما مَضَى، وانبثاقٌ لما سيكون. والتطوّر في صونها لا في هجرها، وفي رِفعتها لا في تهميشها. إنما اللغة حياةُ الأُمم، فكيف تَحْيَا أمةٌ تموتُ لُغتها؟ وكيف يُعزّ قومٌ يبيعون أَلسِنَتَهُم؟ لا أنتمي إلى عالمٍ مُتجرّد الهويّة، أنا الهويّةُ والآصال، أنا عربيّة.