جاء قرار كونغرس الفيفا بإسناد استضافة كأس العالم 2034 رسميًا للمملكة العربية السعودية، وبقرار جاء بالإجماع كأمر متوقع بعد أن نال الملف السعودي أعلى تقييم فني يمنحه الاتحاد الدولي عبر التاريخ لملف تم تقديمه لاستضافة بطولة العالم؛ وبالنسبة لي وللكثيرين كان القرار مسألة وقت منذ أن أعلنت المملكة نيتها الترشح في الرابع من أكتوبر من العام الماضي، ثقة بالله أولًا ثم بمن يقف خلف هذا الملف وهو عراب الرؤية وصانع المستحيل الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-. الحلم الذي لم نكن نجرؤ عليه أصبح واقعًا نعيشه، والواقع الذي نعيشه أصبح حلمًا للكثيرين، والعالم بأجمعه أصبح مدعوًا لمشاهدة السعودية الجديدة التي أعادت بعزم الرجال صياغة التاريخ وقهرت صعوبات الجغرافيا، وأثبتت لمن كان لا يزال يظن أنَّ هذه البلاد مجرد صحراء وإبل وآبار نفط بأنَّها مصنع كبير للرجال والآمال، وأنَّها مهد حضارة و تحضر، وبلد أمن وأمان وإيمان ونماء. السعودية تلك الصحراء الكبيرة سابقت وسبقت الكثير من الدول الكبرى في التحضر والتمدن والتقنية الرقمية، وها هي اليوم تسابق وستسبق الكثيرين في كل ما يتعلق بجودة الحياة، ورفاهية الإنسان، وصناعة السياحة، وهاهي تلك التي ظنوا أنها مجرد صحراء تستقبل في عام 2023 أكثر من 27 مليون سائح دولي، وتحقق المركز الأول في التصنيف العالمي لنمو عدد السياح الدوليين، والقادم أكثر وأجمل بإذن الله. السعودية التي نظمت منذ 2018 أكثر من 100 محفل رياضي دولي بنجاح مذهل، وفي أكثر من 40 رياضة مختلفة، وبكوادر سعودية شابة، تستعد منذ زمن ولعشر سنوات مقبلة لإذهال العالم وتقديم أعظم مونديال في تاريخ كرة القدم بمشاركة 48 منتخب سيتدربون ويلعبون في بلدٍ واحد لأول مرة في التاريخ. ربما تأخرنا كثيرًا على الصعيد الرياضي في تقديم أنفسنا بما يواكب مكانة هذا البلد العظيم سياسيًا واقتصاديًا؛ لكنَّ هذه التأخيرة لا تخلو من خيرة، وربما قُدِّر لنا أن نَذْهَل لنُذهِل، وأن نتوارى لنتراءى، وأن نغيب لكي يكون الحضور حين يكون مهيبًا وعظيمًا وقصة ستروى عبر الأجيال. بقي حلم أخير هنا؛ هو أن يتجاوز إذهالنا للعالم في 2034 مسألة الاستضافة، وهو أمر أجزم بإذن الله أنَّه متحقق بقيادة الأمير محمد بن سلمان رئيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034، ليبقى الحلم الذي أنتظر أن يتحقق آنذاك بأن نذهل العالم أيضًا بمنتخب يتم العمل من اليوم على صناعته بخطط مستقبلية حقيقية، وهي مهمة صعبة تحتاج لخطة زمنية محكمة ومستدامة، وأفكار قابلة للتطبيق والتحقيق، ومتابعة مستمرة متمحصة ومتفحصة، وكفاءات وطنية وأجنبية قادرة على أن تصنع فريق الأحلام السعودي. يجب العمل منذ الآن على تجهيز جيل من اللاعبين السعوديين القادرين على أن يذهلوا العالم في 2034، وإعادة النظر في كل مشاريع الابتعاث والاحتراف الخارجي التي يجب أن تستهدف منذ اليوم اللاعبين من فئات عمرية صغيرة (12-18 سنة)، فالدوري السعودي بهذا العدد الكبير من اللاعبين الأجانب لا يجب أن يكون الرافد الأول للأخضر في السنوات القليلة المقبلة، بل يجب أن تكون النسبة العظمى من لاعبي المنتخب السعودي من المحترفين في الخارج وفق برنامج مدروس وآلية دقيقة لاختيار هذه المواهب، ومتابعتها لحظة بلحظة، وانتقاء الدوريات والفرق القادرة على تطويرها وتقديمها للأخضر.