بانتهاء الانتخابات الأميركية وظهور نتيجتها بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بفارق مريح عن منافسته الديموقراطية كاميلا هاريس، التي كانت تأمل أن تكون أو رئيسة للولايات المتحدة الأميركية، لكن الناخب الأميركي كان له رأي آخر مبني على أداء إدارة بايدن ونائبته هاريس، الذي لم يكن مرضياً بالحد الكافي لإعادة انتخاب مرشح ديموقراطي مرة أخرى. فوز ترمب بولاية جديدة - وإن لم تكن متتابعة - يعني أن الشعب الأميركي اختار الرئيس الذي يرى أنه سيحقق له مصالحه ومتطلباته، خاصة فيما يتعلق بالشأن الداخلي والاقتصادي على وجه الخصوص، والمصاعب المعيشية التي يواجهها العديد من الأميركيين الذين يرون أن سياسات ترمب الاقتصادية قد تؤدي إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية، متذكرين أن أداء ترمب الاقتصادي في فترته الأولى كان أكثر من رائع خاصة قبل جائحة كورونا، وهو أمر دعاهم للتصويت له آملين في تحسن الاقتصاد الأميركي، وانعكاس ذلك على مستوى معيشتهم. إعادة انتخاب ترمب أثارت حفيظة الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، ونعني هنا أوروبا التي كانت علاقتها بالولايات المتحدة في فترة ترمب الأولى ليست بتلك الجودة، بل كان هناك الكثير من الشد والجذب حول قضايا الدفاع والاقتصاد، فالأجواء السائدة آنذاك كانت مشوبة بالحذر والتوجس، وأوروبا بعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض تخشى أن تكون مواقفه على حالها إن لم تكن أكثر تشدداً. السؤال الذي يهمنا أكثر من غيره: كيف سيكون موقف الإدارة الأميركية بقيادة ترمب من قضايانا العربية؟ خاصة مع تصاعد أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية وفي لبنان، قد لا تكون هناك إجابة واضحة عن هذا السؤال، كون الأوضاع في المنطقة أكثر تعقيداً وتشعباً من غيرها، وتحتاج الكثير من العمل الجاد عالي التركيز، وجهوداً حثيثة لا تنقطع. الأربع سنوات المقبلة في ولاية ترمب نرى أنها ستكون مختلفة عن سابقتها لعدة اعتبارات، قد يكون أهمها أن الجمهوريين ستكون لهم السيطرة على البيت الأبيض والكونغرس، وهذا يعني أن مساحة حركة ترمب ستكون أوسع، وهو أمر لم يحظ به الكثير من الرؤساء السابقين.