يعتمد مسار أسعار النفط على التفاعل بين التوترات الاقتصادية والجيوسياسية، وتظل توقعات الطلب من أكبر مستورد للنفط، الصين غير مؤكدة، وأي تدهور آخر في الظروف الاقتصادية قد يؤدي إلى تفاقم انخفاض أسعار النفط. وعلى العكس من ذلك، فإن أي تصعيد في التوترات الجيوسياسية قد يؤدي إلى تفاقم ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف تعطل الإمدادات من أكبر منطقة منتجة للنفط. وفي إغلاق الأسبوع الماضي، ارتفعت الأسعار على أساس يومي عند 72.90 دولارا، و68.93 دولارا للبرميل، للخامين القياسيين برنت، والأميركي. وارتفعت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي مدفوعة بالتفاؤل بشأن الطلب على الوقود في الولاياتالمتحدة بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام والبنزين، في حين قدمت تقارير تفيد بأن أوبك+ قد تؤجل زيادة الإنتاج المخطط لها، الدعم للسوق. وهناك عوامل أخرى مهمة تحدد مسار أسعار النفط تكمن في زيادة أو انخفاض المخزونات والتي على إثرها تتضح ملامح زيادة أو انخفاض الإنتاج واتجاهات العرض والطلب، وقد تزيد أو تحد من مكاسب النفط. وقالت مصادر في السوق نقلا عن أرقام معهد البترول الأميركي إن مخزونات النفط الخام والوقود في الولاياتالمتحدة هبطت الأسبوع الماضي. وقالت المصادر إن مخزونات الخام انخفضت 573 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أكتوبر. وأضافت المصادر أن مخزونات البنزين خسرت 282 ألف برميل وانخفضت مخزونات المقطرات 1.46 مليون برميل. وكان المحللون توقعوا ارتفاع مخزونات الخام 2.2 مليون برميل. ومن المقرر أن تصدر بيانات حكومية أميركية رسمية في وقت لاحق يوم الأربعاء. كما تؤثر زيادة او انخفاض الإنتاج الأميركي على أسعار النفط. وفي الأسبوع الماضي قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تقريرها الشهري عن إنتاج النفط والغاز الطبيعي إن إنتاج النفط الأميركي ارتفع 1.5 % في أغسطس إلى أعلى مستوى شهري قياسي عند 13.4 مليون برميل يوميا. وأظهرت البيانات أن هذا تجاوز أعلى مستوى قياسي سابق بلغ 13.31 مليون برميل يوميا في ديسمبر 2023. وفي الولايات المنتجة للنفط، ارتفع الإنتاج في تكساس بنسبة 1.7 % في أغسطس إلى مستوى قياسي بلغ 5.82 مليون برميل يوميا، في حين زاد إنتاج نيو مكسيكو بنسبة 2.8 % إلى مستوى قياسي بلغ 2.09 مليون برميل يوميا. ومقارنة بمستويات قياسية سابقة بلغت 5.76 مليون برميل يوميا في يونيو في تكساس و2.04 مليون برميل يوميا في يوليو في نيو مكسيكو. وفي الوقت نفسه، انخفض إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات الثماني والأربعين السفلى في الولاياتالمتحدة بنحو 0.6 % في أغسطس إلى 115.9 مليار قدم مكعب يوميا، وفقا لتقرير الإنتاج 914 الصادر عن الوكالة. وهذا مقارنة بأعلى مستوى شهري قياسي بلغ 118.2 مليار قدم مكعب يوميًا في ديسمبر 2023. وفي الولايات الأعلى إنتاجًا للغاز، ارتفع الإنتاج الشهري في تكساس بنسبة 1.2 % إلى أعلى مستوى قياسي بلغ 36.1 مليار قدم مكعب يوميًا في أغسطس، لكنه انخفض بنسبة 4.4 % إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند 20.0 مليار قدم مكعب يوميًا في بنسلفانيا. وهذا يقارن بأعلى مستويات شهرية قياسية سابقة بلغت 35.6 مليار قدم مكعب يوميًا في يوليو في تكساس و21.9 مليار قدم مكعب يوميًا في ديسمبر 2021 في بنسلفانيا. ووفقًا لبيانات الوكالة، ارتفع العرض أو الطلب على النفط الخام والمنتجات البترولية الأميركية في أغسطس إلى 20.7 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى قراءة منذ مايو. وانخفض الطلب على البنزين النهائي للسيارات في أغسطس إلى 9.3 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى مستوى منذ يونيو، بينما ارتفع الطلب على زيت الوقود المقطر في أغسطس إلى 3.9 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ فبراير. وركزت الأسواق أيضًا على حالة عدم اليقين بشأن الطلب من الصين، في انتظار تدابير التحفيز الجديدة من الحكومة، ونتائج الانتخابات الأميركية. وقال كبير المحللين في السوق كلفن وونغ في رسالة بالبريد الإلكتروني: "من المرجح أن تتداول سوق النفط في نطاق جانبي متقلب في الوقت الحالي حيث ينتظر المشاركون في السوق إعلان اجتماع المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني عن تدابير تحفيز مالي جديدة ونتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية". وأضاف أنه مع وجود بعض الرهانات على أن ترامب لديه احتمالات أعلى للفوز، فقد يحد ذلك من ارتفاع أسواق النفط لأنه يفضل زيادة إنتاج النفط من الولاياتالمتحدة. وخفضت سيتي هدف سعر برنت للأشهر الثلاثة المقبلة إلى 70 دولارًا للبرميل من 74 دولارًا، مع مراعاة علاوة المخاطر المنخفضة في الأمد القريب، وفقًا لمحللين بقيادة ماكس لايتون في مذكرة. وأبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها في أوبك + سياسة إنتاج النفط دون تغيير الشهر الماضي، بما في ذلك خطة لبدء زيادة الإنتاج من ديسمبر. وستجتمع المجموعة في الأول من ديسمبر قبل اجتماع كامل لأوبك +. وقال مات بورتيلو المحلل لدى تيودور بيكرينج هولت إن خام غرب تكساس الوسيط قد يتداول عند مستويات أقل كثيرا في العام المقبل. وقال: "في غياب اشتعال في الشرق الأوسط، فإن توقعاتنا الأساسية لخام غرب تكساس الوسيط في عام 2025 تظل عند 65 دولارا للبرميل، مع ميل نحو الانخفاض إذا لم تظهر أوبك+ قيودا كبيرة على إعادة الأحجام إلى السوق". وقال هيرويوكي كيكوكاوا، رئيس شركة إن إس تريدنج، وهي وحدة تابعة لشركة نيسان للأوراق المالية: "بينما تظل التوقعات بشأن الوضع في الشرق الأوسط مثيرة للقلق، فإن السوق تتوقع هدوءا مؤقتا في الضربات الانتقامية بين إسرائيل وإيران". وقال: "قدمت خطة الولاياتالمتحدة لإعادة تعبئة الاحتياطي الاستراتيجي بعض الدعم للسوق"، لكنه توقع اتجاها هبوطيا في المستقبل حيث لا يزال موسم ذروة الطلب على الكيروسين في الشتاء في نصف الكرة الشمالي بعيدا بعض الشيء بينما ظل الطلب في الصين بطيئا. وقالت الولاياتالمتحدة يوم الاثنين إنها تسعى للحصول على ما يصل إلى 3 ملايين برميل من النفط للاحتياطي الاستراتيجي للتسليم حتى مايو من العام المقبل، وهو الشراء الذي من شأنه أن يترك للحكومة القليل من المال لشراء المزيد حتى يوافق المشرعون على المزيد من الأموال. وقال محللو أويل برايس، ظلت أسواق النفط على حافة الهاوية في نهاية أسبوع متقلب للغاية لكل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط. ودفعت التقارير الأخيرة عن رد إيراني على أحدث ضربة إسرائيلية أسعار النفط إلى الارتفاع، لكن مخاوف الطلب تحد من أي مكاسب. وقد تؤجل أوبك+ زيادتها المخطط لها لإنتاج النفط، مما يعيد إنتاج 2.2 مليون برميل يوميًا بموجب التخفيضات الطوعية لثماني دول، مستشهدة بمخاوف بشأن ضعف الطلب على النفط، وخاصة في أعقاب تباطؤ الصين، فضلاً عن ارتفاع العرض من خارج أوبك. وفي تطورات الأسواق، وفي بريطانيا، زادت حكومة المملكة المتحدة ضريبة الأرباح على إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال من 35 % إلى 38 % وتمدد الضريبة لمدة عام واحد حتى مارس 2030، على الرغم من هجرة واسعة النطاق لشركات النفط الكبرى بعد أن باعت كل من إكسون موبيل وشيفرون جميع أصولهما هذا العام. وفي الولاياتالمتحدة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن فرض عقوبات جديدة على محطة تسييل الغاز الطبيعي اركتك2، التابعة لشركة نوفاتيك الروسية، أحدث مشروع للغاز الطبيعي المسال في روسيا في القطب الشمالي، تستهدف مزود خدمات البناء سمارت سولوشن، وأربع ناقلات غاز طبيعي مسال تديرها شركات إماراتية تم إنشاؤها حديثًا. وفي أوروبا، وبعد مداولات طويلة، قرر الاتحاد الأوروبي إلى ما يصل إلى 45.3 %، قائلاً إن إنتاج المركبات الكهربائية في الصين يستفيد من التمويل التفضيلي ومنح الأراضي، مما يعرضه لخطر الانتقام في المستقبل من بكين. وفي فيتنام، صرحت الحكومة الفيتنامية أن شركة النفط الحكومية السعودية أرامكو تريد الاستثمار في قطاع التكرير في الدولة الآسيوية، ووقعت مذكرة تفاهم للتعاون المحتمل في التخزين والتوريد والتجارة. وعززت شركة النفط الحكومية النرويجية إكوينور محفظتها من أصول الصخر الزيتي الأميركية غير المشغلة بعد أن اشترت مصالح الغاز لشركة إي كيو تي في حوض مارسيليس الشمالي مقابل 1.25 مليار دولار، مما رفع حصتها إلى 40.7 % حيث لا تزال معظم الأصول تديرها شركة إكسباند إنرجي. وفي العراق، وقعت شركة سينوك ، أكبر شركة صينية في مجال المنبع عقد استكشاف وإنتاج مع العراق لتطوير الكتلة البرية رقم 7، حيث تمتلك الشركة المملوكة للدولة حصة 100 % على مساحة ضخمة تغطي أكثر من 6000 كيلومتر مربع في محافظة الديوانية. وفي الارجنتين، أصبحت شركة المنبع المملوكة للقطاع الخاص" بلس بترول" تدريجيًا ثاني أكبر لاعب في البلاد، حيث وافقت الآن على شراء أصول إكسون موبيل في حقل فاكا مويرتا الصخري في البلاد مقابل 1.7 مليار دولار. وفي التوسع السعودي للتعدين في أفريقيا، ووفقًا لتقارير إعلامية، تقترب المملكة العربية السعودية من إبرام صفقة لشراء حصة في أصول النحاس والنيكل الزامبية لشركة فيرست كوانتوم مينيرالز مقابل 1.5-2.0 مليار دولار، وتتوقع شركة التعدين في البلاد معادن إبرام العقد بحلول نهاية هذا العام.