في هذه الزاوية سنطوف حول قامات سعودية لم نجد لهم كتباً في المكتبات، ولم توثق تجربتهم. بقي إنتاجهم طي الصحف والمجلات رغم أنهم ساهموا في بدايات الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية من شعر ونثر ورواية نستذكرهم هنا في كلمات بسيطة لا توفيهم حقهم، نلقي الضوء عليهم، ومن هنا نضع أسماء من تجود الذاكرة باستدعائه علّ يكون هناك من يلم شتات أعمالهم ويجمعها تثميناً لما قاموا به من جهد على امتداد عقود.. راشد المبارك ابن بيئته الأحسائية التي ولد فيها 1935م. جمع بين علوم الكون والحياة، متصالح مع ذاته، مما انعكس على إبداعه وعلاقته مع الآخرين الذين أحبوه كثيراً، لم ينحز لأي طرف في الصراعات الفكرية وهو يفتح بيته في العاصمة الرياض منذ أكثر من ثلث قرن للحوارت الفكرية والثقافية ولمد الجسور وخلق فضاءات للتواصل. من أوائل من تناول موضوع الكراهية وله فلسفة رائعة عبر عنها في كتابه (فلسفة الكراهية) منها ماقال «وإذا كان الحق والسلام النفسي مطلب النفوس الخيرة تبحث عنه وتتوق للوصول إليه، فلن يضير هذه النفوس أن تستمع إلى رأي جديد أو موقف فيه مخالفة لما ألفته وعرفته على أنه الحق والصواب» ويختلف المبارك عن طبقة المثقفين، اهتم بتعليمه الأكاديمي عبر دارسته لعلم الكيمياء والفيزياء بجامعة الملك سعود، لكن أكاديميته هذه لم تعزله عن انتمائه الاجتماعي والثقافي التي عرفته كشاعر ينتمي لجيل ظهر بدايات السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، أنجز الموسوعة العربية العالمية التي تعتبر من أبرز الموسوعات العربية مع ثلة من المثقفين العرب بمختلف تخصصاتهم كتب مقدمتها اللافتة التي تضمنت الأهمية الفكرية والحضارية للغة العربية. ظل حتى وفاته 2015 وهو مسكونا بهاجس التعايش والحوار، ونبذ التطرف ونشر ثقافة التسامح، مات بجسده ولم تمت أفكاره وآثاره الشعرية ومؤلفاته وقراءته النقدية كتب اسمه في سجل الخالدين. وصف الشاعر سليمان العيسى أحدية المبارك ضمي إليك بقايا بلبل غرد يا عذبة الملتقى يا ندوة الأحد. الكاتب الدكتور عبدالله القفاري ألف كتابا عن الراحل بعنوان «راشد المبارك: ريادة في الفكر والثقافة»، وقال في مقدمة الكتاب «أقرأ في راشد ملامح الإنسان الذي طالما عشقت وجوده وهمْت في عالمه. إنه راشد المثقف.. له حضور كبير في مشهد الثقافة». المبارك ودعنا بعدما عانى طويلاً مع قلبه عام 2015 عن عمر يناهز 80 عاماً نجح في رسم ملامحه الخاصة وهدوئه وقربه من الآخر التي لا يمكن تكرارها، وضع اسمه في الأدب والفكر والثقافة السعودية، منتظراً وهو في قبره إنصافه وبعث دراساته وأطروحاته من جديد وما ألف. حسين الحربي