ربما يكون الناقد الروسي (فلاديمير بروب 1970م) من أوائل نقاد السرد السيميائيين الذين ربطوا بين (المورفولوجيا)، و(السرد)، وذلك في كتابه (موروفولجيا القصة)، أو (مورفولوجيا الخرافة)، حيث ذهب إلى «أن الوظائف في بعض الأحيان لا تتالى مباشرة، فإذا قامت شخصيتان مختلفتان بإنجاز وظيفتين متتاليتين، فإنه يتوجب على الشخصية الثانية أن تعرف ماذا حدث سابقا؟ وهكذا تطوّر القصة نظامًا من المعلومات، يأخذ أحيانًا أشكالًا مدهشةً للغاية من وجهة النظر الجمالية»، وتكتسي هذه الوظيفة ثوبًا فضفاضًا، فقد استعملها السرديون كما عند (جينيت) الذي ألمح في كتابه (خطاب الحكاية) إلى (التوجيه)، أي توجيه القارئ, ولفت انتباهه، وتوجيه نظام السرد، وهكذا فعل (فلاديمير بروب) في اتخاذه (الإصلاح) إحدى وظائف الخرافة، وربما أدخلها بعض التداوليين وأهل الحجاج في مباحثهم، كما في الحديث عن (توجيه) الخطاب إلى متلقٍ مخصوص. وعند الاستعانة بمنهج (فلاديمير بروب) في تفكيك الحكاية، وتقطيعها إلى مجموعة أجزاء ومقاطع نجده ينظر إلى الحكاية بوصفها وحدة كلية تتطور من حدث (الشعور بالحب، أو الرغبة مثلاً) لتصل إلى حدث منتهٍ بحل العقدة (الزواج مثلاً)، وعلى ذلك يمكن الاستئناس بمقترح (كلود بريمون) في تصوره لمنطق الحكي الذي بناه وفق ثلاث وضعيات، هي: وضعية افتتاح الحدث، ووضعية انتقال الحدث، ونهاية الحدث الذي يغلق بالنجاح، أو الفشل، وهذا الشكل من أشكال (التقليص) هو ما لفت إليه (فلاديمير بروب) في تقسيمه لعناصر التشابه والاختلاف (المورفولوجي) في دراسة الحكاية الشعبية الروسية. كما أفاد التصور المورفولوجي من فكرة (فلاديمير بروب) عندما جعل (التوسيع) عنصرًا من عناصر التشابه والاختلاف في دراسة البنية الحكائية التي قام بتطبيقها على الخرافة الشعبية الروسية، حيث تسهم تلك التقانة لديه في توسيع رقعة الأحداث، ومن ثم إضاءتها بشكل أكثر تفصيلاً ودقة، ولكن ينبغي التنبه إلى أن مثل هذه الوظيفة قد تقود إلى تعقّد (الأحداث) نوعا ما، لكنها قد تبدو مع (الشخصيات) أدق وأعمّ، وهو أمر يؤدي إلى كشف أبعادها؛ إذ تشمل صفات الشخصية التعريف بها من حيث اسمها، وحالتها، وطباعها، وسلوكها، ومهنتها، وعمرها، ومظهرها، وأوصافها، وما إلى ذلك، وهذا يؤكد ما ذهب إليه الناقد الروسي (ميخائيل باختين): عندما قال: «إن فعل الشخصية وسلوكها في الرواية لازمان». وقد أشار (فلاديمير بروب) في كتابه (مورفولوجيا القصة) إلى مفهوم الشخصية من خلال تصوره (السيميائي) للسرد فقال: «وتعني الصفة عندنا مجموع الخاصيات الخارجية للشخصية, كالعمر, والجنس, والحالة، والمظهر الخارجي بمميزاته.. إلخ، وهذه الصفات تمنح القصة ألوانها، وجمالها، وسحرها»؛ لذلك يتميز النص السردي بأنه قد يعرض لأكثر هذه الخاصيات الخارجية التي ألمح إليها (بروب) إذ يَعْقِدُ السردُ عادة بين صفات الشخصية وأبعادها، صانعاً بذلك انسجامًا ملحوظًا بين صنع الحدث، ورسم الشخصية. إن تصور (فلاديمير بروب) المورفولجي للحكاية أولى السرد اهتماماً سيميائياً، ولاسيما في تركيزه على بنية الحكاية التي عمادها: الأحداث، والشخصيات؛ لذلك فإن دراسته للوظائف الإحدى والثلاثين التي حصرها في دائرة عمل الشخصية، سوف تسهم -إضافة إلى مربع قريماس ونموذجه العاملي- في جعل السرد أكثر عمقاً، وبخاصة أن أكثر المشتغلين في حقل السرد يتوجهون بدراساتهم إلى بنية الخطاب أكثر من بنية الحكاية؛ لهذا فإن تصور (بروب) يوسّع من نطاق السيميائية الحكائية لتكون أكثر اتساعاً وإمتاعاً.