كانت ليلة مفعمة بالإثارة والتشويق، أثناء عرض مسرحية «الروع» لفرقة تواصل المسرحية من سلطنة عمان الشقيقة على مسرح جامعة نورة في إطار فعاليات مهرجان المسرح الخليجي الرابع عشر والذي نظمته سابقا هيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، كتب «الروع» وأخرجها طاهر الحراصي وشاهدها جمهور عريض في الليلة الرابعة من ليالي المهرجان، أخذت المسرحية جمهورها إلى إحدى القرى التي تسيطر عليها حالة من الخوف والرعب منذ عقود، وهذه الحالة من الرعب تهيمن على حياة أهل القرية، فيدخلون في صراع داخلي مستمر لم يعرفوا لها نهاية، بدأت المسرحية بعرض الحياة اليومية لأهالي القرية التي يسيطر عليها الخوف، وهو ليس مجرد شعور عابر، بل أصبح عنصراً يتحكم في مفاصل حياتهم، ويتجلى في كل جانب من جوانب حياتهم وكل نظرة وكل همسة، وفيما يحاول البعض الخروج من هذا الظلام، يظل آخرون أسرى ماضيهم وذكرياتهم المؤلمة، كل هذا يقدم لنا مشهداً درامياً عميقاً يثير تساؤلات حول كيفية التغلب على الخوف والإرث الثقيل الذي يتركه وراءه، «الروع» ليست مجرد مسرحية تقليدية، بل هي لوحة فنية متقنة تعكس حالة من الفزع التي اجتاحت إحدى القرى وتغلغلت في نفوس أهلها مدة عقود طويلة، سلطت المسرحية أيضاً على الصراع النفسي والاجتماعي الذي عاشه سكان القرية، حيث تحكم الخوف والرعب في تفاصيل حياتهم اليومية، ما أدخلهم في دوامة من الصراعات التي لا تنتهي، العمل تناول هذه الحالة بعمق فلسفي وإنساني مقدماً للجمهور رؤية جديدة حول آثار الخوف المستمر وكيف يمكن أن يصبح موروثاً قي ثقافات المجتمع، ولتحليل عناصر العرض المسرحي شاهدنا بالمسرحية طقس عربي قديم بأن في استهلال المسرحية بهذا الطقس التراثي أعاد الحضور إلى أجواء تقاليد العرب الأصلية بمفرداتها التراثية، مثل الأمثال الشعبية والسحر، وقد كان لاستدعاء طفولة الشخصيات الرئيسة أثر كبير على بناء الشخصيات الدرامية، رأت أن هذا الاستدعاء كان سريعاً وخاطفاً، نجح العرض في تقديم لمسات كوميدية خفيفة برشاقة، لاسيما في شخصية خدوم التي برعت في الأداء وحافظت على هدوئها طوال العرض، ما جعلها نقطة قوة في البناء الدرامي للشخصيات، الجوائز التي نالتها المسرحية الأولى شهادة تقدير خاصة للطفل «عزّ الهنائي» عن دوره في الروع، الثانية جائزة أفضل ممثلة دور أول للفنانة العمانية «أسماء العوفيه» هذا هو التحليل الفني لمسرحية الروع، أما عن مسرحية الليلة الخامسة من ليالي المهرجان «الخيمة» من دولة قطر الشقيقة فسيكون في المقال القادم بحول الله، المسرحية التي نالت من الجوائز، جائزة أفضل إضاءة وجائزة أفضل أزياء، وللحقيقة فإن مسرحية الخيمة التي أدت إلى اختبار الإخوة حين تعبث بهم الريح، وأدت بهم أيضاً إلى فكرة بيع مأواهم «الخيمة»، لم تترك الخيمة للمشاهد فرصة أن يغمض جفن له، لقد شاهدت العرض بكل مشاعري من البداية حتى النهاية.