العرض الثالث ضمن عروض مهرجان مسرح الخليج الرابع عشر، والذي نظمته مؤخراً هيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، جاء بعنوان «عند الضفة الأخرى» لمملكة البحرين الشقيقة، تأليف وإخراج حسين العصفور، دارت أحداث المسرحية حول مجموعة من الشخصيات التي تجسد نفسها في مواجهة قرارات مصيرية، وهي على حافة تحول كبير في حياتها، بين ضفتي الحلم والواقع، تنقلت الأحداث بين الماضي والحاضر في إطار فلسفي يركز على الصراع النفسي الداخلي للأفراد، الذين يحاولون الهروب من قيودهم الذاتية والانطلاق نحو الحرية وتحقيق الذات، تناولت المسرحية أيضاً أسئلة جوهرية تتعلق بالهوية والمصير، مما جعل العرض ليس مجرد تجربة مسرحية، بل رحلة عقلية روحية للمشاهد، نجح المخرج في تحويل النص الفلسفي إلى تجربة بصرية معبرة، حيث اعتمد على عناصر تجريبية مثل الإضاءة المكثفة والسينوغرافيا الغنية بالتفاصيل لتعزيز الرمزية وتحفيز الجمهور على التفكير، كانت مشاهد المسرحية تمثل انعكاساً للاضطرابات النفسية للشخصيات، حيث تعمقت حالة التوتر والتأمل عبر استخدام ديكورات وإضاءة تدعم الجو الدرامي، حركة الممثلين وتفاعلاتهم على المسرح كانت محسوبة بدقة لتعبر عن الانقسامات الداخلية والبحث عن الذات، المسرحية حصلت على جائزة وحيدة من لجنة التحكيم بالمهرجان تلك جائزة أفضل ديكور، وبرغم أن المسرحية لم تكن مجرد عرض مسرحي، للحقيقة بل كانت تجربة فنية متكاملة، حملت بين طياتها العديد من الرسائل الفلسفية والإنسانية بفضل الأداء المتميز والرؤية الإخراجية العميقة، قال عنها الكاتب والناقد المسرحي الدكتور «محمد سيف « في الجلسة والندوة لنقدية: مسرحية عند الضفة الخرى استلهمت بعض عناصرها من مسرح « الكابوكي» الياباني خاصة في الانتقال السلس بين المشاهد، وفي معرض حديثه عن الجوانب النقدية أبدى سيف بعض الملاحظات حول استخدام العتمة في بعض المشاهد، مما جعل من الصعب على الجمهور التمييز بين العناصر المختلفة على الخشبة المسرحية، وفي ختام كلمته النقدية اثنى سيف على الإخراج ودور السينوغرافيا التي كانت مميزة جداً، بعد كلمة الدكتور محمد سيف النقدية لم يكن الجمهور الحاضر بمعزل عن النقاشات التي دارت في الندوة، إذ عبر العديد من المهتمين بالشأن المسرحي عن إعجابهم بالعرض والتقنيات المستخدمة، معتبرين أن المسرحية هي أحد أفضل العروض التي عرضت في مهرجان مسرح الخليج الرابع عشر، العرض الرابع كان من سلطنة عمان الشقيق، عنوانه «الروع» والذي جسد صراع الجهل والخرافة، من خلال تجسيد الحياة اليومية لأهالي قرية سيطر عليها الخوف، ليس لمجرد شعور عابر بل أصبح عنصراً يتحكم في مفاصل حياتهم ويتجلى في كل جانب من جوانب حياتهم. مقال الأسبوع المقبل، سنتطرق في «تدوين» عن مسرحية «الروع» برؤية نقدية، ضمن سلسلة المقالات عن المسرحيات المشاركة بالمهرجان.