نال عرضا «الشريفة» و «الحيمر» نصيب الأسد في حفلة توزيع جوائز مهرجان المسرح الشعبي الأول الذي نظمته الجمعية العمانية للمسرح أخيراً وسط حضور جماهيري كبير تفاعل مع العروض والندوات التطبيقية المصاحبة، وبمشاركة 7 فرق مسرحية من مختلف مناطق ومحافظات السلطنة. وفازت مسرحية «الشريفة» بجائزة أفضل عرض، تلتها «الحيمر» ثم «ود منصور»، وذهبت جائزة الإخراج ل «الشريفة» التي نالت أيضاً جوائز المؤثرات الموسيقية والإضاءة، ونالت مسرحية «الحيمر» جائزتي أفضل أزياء للطاقم الفني وأفضل ديكور لهشام صلاح. وأسندت اللجنة جائزة أفضل نص مسرحي (دروب الملح) الى ثريا بنت علي اليزيدية، فيما ذهبت جائزة أفضل ممثل دور ثان مناصفة بين مشعل خميس (الشريفة) وهشام صالح (الحيمر). ونالت وفاء جمعة الراشدية (الشريفة) جائزة أفضل ممثلة دور ثان، وحصل رامي المشيخي على جائزة أفضل ممثل دور أول عن دوره في مسرحية «الحيمر»، وأسندت جائزة أفضل ممثلة دور أول لأمينة جميل البوسعيدية عن دورها في مسرحية «ود منصور». وعرض المهرجان خلال أمسياته مسرحية «ود منصور» لفرقة «الصحوة المسرحية» في مسقط (تأليف صالح الفهدي وإخراج ناصر الرقيشي)، ومن المنطقة الداخلية شاركت مسرحية «سألو بدية» لمحمد بن خلفان الهنائي وإخراج قاسم السليمي، ومن منطقة شمال الباطنة شاركت مسرحية «مفاتيح الحظ» كتبتها الناقدة عزة القصابية وأخرجها محمد الفارسي، ومن جنوبها عرضت مسرحية «الشريفة» لموسى البلوشي وإخراج يوسف البلوشي، ومن محافظة ظفار مسرحية «الحيمر» لمحمد المهندس وإخراج خالد الشنفري، إضافة إلى مسرحية «أغلى الدانات» لنعيم فتح مبروك وإخراج فخرية البلوشية، ومسرحية «دروب الملح» من منطقة شمال الشرقية لمؤلفتها ثريا اليزيدية وإخراج نجاح الحبسية. وقال رئيس الجمعية محمد الحبسي ان المهرجان «تظاهرة مسرحية ثقافية سعينا من خلالها إلى التنوع في مسيرة المسرح العماني»، مشيراً إلى أن العروض ربطت المسرح بجمهوره «من خلال القضية والمضمون»، ومشدداً على أن «الهوية والأصالة العمانية هما عنوان سعينا لكي نحققه من خلال هذا المهرجان، فكان توظيف الموروث الشعبي العماني بأشكاله المختلفة والاهتمام به محوراً مهماً في منظومة هذا المهرجان، سعياً منا إلى أن يكون لتراثنا وموروثنا الشعبي دور بارز في مسرحنا من خلال التوظيف الهادف والجاد في النص والعرض المسرحيين». وأعرب الحبسي عن أمله في استمرارية المهرجان «برؤى ومضامين مشرقة تساهم في حركة التطوير والتنويع» للمسرح المحلي والمساهمة في «ربط المسرح بجمهوره، وإيجاد قاعدة مسرحية جماهيرية من وإلى المسرح». ورأى رئيس لجنة التحكيم الدكتور حسن رشيد أن هذا «الحراك المسرحي في السلطنة أمر في غاية الأهمية في خلق مسرح يمتزج بالإنسان ويستحضر كل ما هو مرتبط بالانسان والزمان والمكان ليس كطرح فولكلوري أو شكل عبثي، ولكن كصون وحفظ لإرث حضاري»، مضيفاً وجود حسن النوايا لدى القائمين عليه إنما هناك «بعض الملاحظات المهمة حول ما أنجز»، والتي لا تعني الإلغاء، «ولكن لتلافي أي أثر سلبي عبر هذه التظاهرة، إذ شاهدنا أعمالاً لا ترقى إلى مستوى الطموح، واللجنة لم تكن تملك خيار حجب الجوائز». وطالب رئيس لجنة التحكيم بالخبرات العمانية للإشراف على جهود الشباب «من أجل تحقيق المعادلة الصعبة في إطار رسالة المسرح وتحفيز الجيل الجديد للقيام بدوره»، مشيراً إلى أن اللجنة ومن اجل غد مسرحي أكثر إشراقاً «أوصت بإقامة دوارت تدريبية وحلقات عمل في كل الفنون المتعلقة بالمسرح، وإيجاد منشط للفرق المسرحية المستقبلية والذي سيساعد الفرق على تطوير أدواتها وإبراز قدراتها وضبط جودة العروض الفنية، والابتعاد من التسطح والوعظية المباشرة في الطرح والمعالجة الدرامية، وأن تكون المادة الدرامية المقدمة قادرة على إثارة قضايا حية تمس الانسان العماني، أن تقدم لنا المسرحية قراءة ورؤية جديدة للحكاية الشعبية عند تناولها مسرحياً». وقال رشيد: «لا يكفي إقحام بعض الأمثال والمفردات الشعبية في الحوار الدرامي لإكساب المسرحية طابعاً تراثياً شعبياً، ولا يكفي أيضاً إدخال الفنون التقليدية العمانية بصورتها الأصلية من دون مبرر يفسره المنطق الدرامي في العمل المسرحي». ومنح درع لجنة التحكيم الخاصة لمسرحية «القلوب الضريرة» التي قدمها طلبة «معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين» و «جمعية النور للمكفوفين» كعرض مواز لذوي الحاجات الخاصة. ودارت مسرحية «الشريفة»، صاحبة أفضل عرض لمؤلفها موسى البلوشي، حول السلوكيات والمعتقدات الخاطئة التي ما زالت حاضرة في مجتمعنا، كاشفة مدى هشاشة المجتمع الذي يسهل استعباده بالشعوذة فيلجأ أفراده إلى الايمان بالخرافة ويصنعون منها هالات من القداسة من أجل البقاء والاستشفاء من الأمراض والحصول على الرزق، مستعيدة فترة الستينات وسط أجواء من الغناء الشعبي والطقوس الاجتماعية في علاقتهم مع البحر، ومشاهد الصيادين يأتون من البحر بحصادهم. ويقول الكاتب محمد المهندس عن مسرحيته «الحيمر» انها «استلهام من ظاهرة اجتماعية كانت متفشية في مجتمعنا في زمن ما وهي ظاهرة الثأر، حاولت تقديمها ضمن توليفة تراثية شعبية في قصة متخيلة حول شخصية شيخة، المرأة التي يُقتل أبوها أمام عينيها وهي طفلة، فتكرس حياتها للانتقام له ولا تجد أمامها الا ابن القاتل، الذي يدعى الحيمر ويسعى إلى كسب رضا وود شيخة لكونه عاشقاً ومحباً «فتتداخل مشاعر الحقد والانتقام بمشاعر الحب والهيام في صراع درامي مسرحي بتوليفة توظف الموروث الشعبي (الفنون الشعبية الظفارية، البيئة العمانية في ظفار، واللهجة الظفارية) بالإضافة إلى أنني استخدمت اللهجة الريفية غير المعروفة لدى بعضهم». ويفسر المخرج دلالات رمزية أخرى في المسرحية ك «الحيمر» الذي يحمل اسم إعصار مدمر هزّ محافظة ظفار في أربعينات القرن الماضي، ويرمز «حيمر» في المسرحية إلى القوة والإقدام والعنفوان.