في هذه الزاوية سنطوف حول قامات سعودية لم نجد لهم كتباً في المكتبات، ولم توثق تجربتهم. بقي إنتاجهم طي الصحف والمجلات رغم أنهم ساهموا في بدايات الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية من شعر ونثر ورواية نستذكرهم هنا في كلمات بسيطة لا توفيهم حقهم، نلقي الضوء عليهم، ومن هنا نضع أسماء من تجود الذاكرة باستدعائه علّه يكون هناك من يلم شتات أعمالهم ويجمعها تثميناً لما قاموا به من جهد على امتداد عقود. نجيب الزامل لم تكن تعرف بلدة رحيمة «رأس تنورة حالياً» أن من أطلق صرخاته البريئة أوساط عام 1955م سيكون خلال سنوات تالية أيقونة للعمل التطوعي في المملكة العربية السعودية. حياة كثيرة عاشها الراحل نجيب الزامل عنوانها الأبرز جسدها بما قاله ذات يوم «التطوع ولاءٌ للوطن»، كانت بمثابة رسالة لكي نتعلم حب الوطن الذي لا يكتمل إلا بالعطاء، فمن أحب أعطى لوطنه من العمل والإنتاج والإبداع، شكل لوحده قصة إنسانية تجلت فيه إرادة إنسان المملكة وقدرته على العطاء بلا مقابل، أضاء الدرب لعشرات من الشباب والمبدعين والوعي الجديد بالعمل التطوعي. لم يكتفِ الزامل بالعمل التطوعي بل فتح نوافذ أخرى كاتباً صحافياً وعضواً شورياً ومؤلفاً، كرس منتدى أمطار بحي اليرموك «شرق الرياض» للعمل التطوعي وتكريم رموز الوطن. ومن الطبيعي أن يحظى الزامل -رحمه الله- بالتقدير والتكريم، فحاز في عام 2011م على شخصية العام التطوعية في العالم العربي. كانت الأوجاع التي ظلت تلازمه منذ أربعين عاماً كافية لينقطع عن الحياة العامة، لكنه واجهها بجسارة حتى أعلن عن رحيله في ماليزيا صباح الرابع من يناير 2020م، أصبح مع جوقة الخالدين ممن تركوا بصمات أرواحهم، راسخة في ممرات صناع الحياة والأمل الحقيقيين. قال عنه المفكر الإسلامي توفيق السيف: «لم يعلم أكثر الناس (وأنا واحد منهم) أن نجيب الزامل كان مريضاً منذ شبابه (وقد توفي بسبب ذلك المرض)، لكنهم رأوه مبتسماً على الدوام، يدعو الناس إلى المحبة والفرح فأحبوه؛ لأنهم وجدوه سبباً لسعادتهم. أعرف وتعرفون كثيراً من الناس، كان بوسعهم أن يكونوا مبتسمين دائماً مثل نجيب، لكنهم فضلوا مقابلة الناس بوجوه خشبية أو مكفهرة، فمن يذكرهم اليوم مثلما نذكر نجيب؟ ومن يتحدث عنهم مثلما نتحدث عن داعية المحبة هذا؟. مؤلفاته: نزهة في سبعة أيام. جزأين. رسالة إلى ابنتي. صدر عام 2017م. حسين الحربي