دعم القيادة الحكيمة لرؤية 2030 نحو اقتصاد متنوع ومستدام تعمل المملكة العربية السعودية على تطوير قطاعها المالي كجزء أساسي من تحقيق أهداف رؤية 2030، حيث تسعى إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط وخلق بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة. يعد القطاع المالي السعودي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، ويتميز بنظام تنظيمي محكم مدعوم من البنك المركزي السعودي (SAMA) وهيئة السوق المالية (CMA). تتبنى المملكة تحولًا رقميًا كبيرًا يشمل الخدمات المصرفية الإلكترونية والمحافظ الرقمية، بهدف تعزيز البنية التحتية المالية وتوسيع نطاق الشمول المالي. وفقًا للتوقعات، ستصل نسبة المستخدمين للخدمات الرقمية إلى أكثر من 70% من السكان خلال الخمس سنوات المقبلة، مما يعزز الابتكار المالي ويوفر بيئة ملائمة للتطورات الجديدة. دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة يشكل أيضًا محورًا رئيسا لتطوير الاقتصاد الوطني، حيث تُسهل المبادرات المختلفة وصول هذه الشركات إلى التمويل. في هذا السياق، تعتبر قصة نجاح شركة «دراهم» نموذجًا مميزًا للتطور في مجال التكنولوجيا المالية. تأسست «دراهم» في عام 2021 على يد سلطان بن عبدالمجيد الخيال، رئيس مجلس الإدارة، وشاركه في تأسيسها ياسر الشريهي. سرعان ما أثبتت الشركة مكانتها في السوق عبر تقديم حلول مصرفية رقمية متقدمة تشمل الخدمات المصرفية المفتوحة (Open Banking) وإدارة الاستثمارات بطرق مبتكرة. في يونيو 2024، استحوذ مصرف الراجحي على 65% من أسهم شركة «دراهم» لتعزيز حضوره في قطاع التكنولوجيا المالية. هذه الخطوة تُعد مثالًا على التكامل بين البنوك التقليدية والشركات الناشئة، وهي تعكس التوجه الاستراتيجي للمصرف لتعزيز خدماته الرقمية وتوسيع قاعدة عملائه في السوق السعودية. هذا الاستحواذ يعزز من رؤية المملكة لتحفيز الابتكار ودعم نمو الشركات الناشئة ضمن رؤية 2030، مما يفتح الباب أمام المزيد من الشراكات والاستثمارات في القطاع المالي الرقمي. وفيما يتعلق بالإحصائيات الحديثة، بلغ إجمالي التمويل الذي تلقته الشركات الناشئة في المملكة 1.33 مليار دولار في 2023، وهو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يبرز جاذبية السوق السعودي للشركات والمستثمرين الدوليين. وصرح زياد اليوسف، نائب محافظ البنك المركزي السعودي لتطوير التكنولوجيا، قائلاً: «قمنا بإصدار 11 لائحة جديدة في العامين الماضيين لدعم الأفكار الجديدة والنماذج التجارية في مجال التكنولوجيا المالية، ونسعى لتسريع هذا التوجه ضمن استراتيجية التكنولوجيا المالية الوطنية لتحقيق أهداف رؤية 2030». كما أشار إلى أن البنك المركزي يعمل بالتعاون مع جهات محلية ودولية لدعم النظام البيئي للتكنولوجيا المالية في المملكة، من خلال تطوير الكفاءات وجذب التمويل للشركات الناشئة، إضافة إلى بناء شراكات قوية مع الجهات الفاعلة في السوق المحلي والدولي. مقارنة بالسوق العالمي، تحتل السعودية الآن مكانة متقدمة بين الاقتصادات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المالية، حيث تبلغ القيمة السوقية لأسواق الأسهم في المملكة حوالي 2.9 مليار دولار، مما يجعلها الأكثر سيولة في المنطقة. السعودية ليست فقط في طليعة الأسواق المالية في الشرق الأوسط، بل تستقطب استثمارات من شركات دولية تسعى للاستفادة من البيئة الاستثمارية المواتية. من المتوقع أن تشهد البلاد زيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بنسبة تفوق 10% سنويًا بفضل تحسين البيئة الاستثمارية وتطوير التشريعات لحماية حقوق المستثمرين. هذه التدفقات ستدعم بدورها النمو الاقتصادي، حيث تتوقع المملكة أن يساهم تطوير القطاع المالي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بين 3% و5% على المدى المتوسط، بما يعزز القطاعات غير النفطية ويدعم التنوع الاقتصادي. بفضل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وبدعم وتوجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، تواصل المملكة تطبيق الإصلاحات ودعم الابتكار. يُتوقع أن ترتفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعزز من مكانة السعودية كواحدة من الوجهات الاستثمارية الرائدة عالميًا. تسعى المملكة من خلال هذه الجهود الطموحة إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام يعزز من البنية التحتية الرقمية والمالية، ويدعم أهداف رؤية 2030 لبناء اقتصاد تنافسي ومتطور قادر على التميز عالميًا وإقليميًا.