تتجلى اهتمامات المملكة بالابتكار كون إحدى ركائز رؤية المملكة المباركة 2030 وإحدى قواعد انطلاقتها لأفاق مشرقة تعزز دعم الاقتصاد، وتستثمر الموارد، وتوظف الطاقات والكوادر السعودية، بما يحقق ريادة المملكة، وفي مجالات واسعة أثبتت فيها المملكة تقوفها وتقدمها في ملف الابتكار، متخطية بذلك، دولاً متقدمة كانت أمثلة يحتذى بها في هذا الشأن. ضرورة استراتيجية المهندس سطام آل سعد كاتب الرأي ومستشار التنمية المستدامة قال بشأن جهود المملكة في تعزيز الابتكار وتمكينه كمنظومة: "إن الابتكار في المملكة ليس مجرد هدف، بل ضرورة استراتيجية لتحقيق اقتصاد مستدام ومتقدم في عصر المعرفة. فقد استثمرت المملكة في تطوير البنية التحتية الرقمية وعززت قدرات الأبحاث العلمية عبر مؤسسات متقدمة مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST)، ويتطلب تمكين الابتكار ربط مكونات المنظومة الابتكارية من خلال شبكات متكاملة تعزز الشراكات بين الأكاديميات، والصناعة، والحكومة، مع التركيز على بناء رأس مال بشري قادر على قيادة المستقبل. وتلعب الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) دورًا محوريًا في تطوير حلول تعتمد على البيانات الضخمة، مما يساهم في بناء منظومة رقمية تدعم التحول في مختلف القطاعات.، كما تدير مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية برامج وطنية مثل برنامج التمويل البحثي الذي يمكّن الباحثين من تحويل أفكارهم إلى مشاريع تطبيقية، بالإضافة إلى برنامج حاضنات التقنية الذي يهدف إلى دعم رواد الأعمال وتحويل أفكارهم الابتكارية إلى شركات ناشئة قابلة للاستدامة، من خلال توفير الدعم المالي والتقني والتوجيهي. وعن المنجزات التي حققتها المملكة في مجال الابتكار قال ال سعد، "الابتكارات السعودية أثبتت جدارتها على المستوى العالمي، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، وتمثل مشاريع مثل "المدينة الذكية" و"نيوم" تجسيدًا واضحًا للرؤية المستقبلية للمملكة، حيث تعكس هذه المبادرات بيئة ابتكارية متكاملة تشمل إدارة الموارد، والطاقة المستدامة، والمدن الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة لتحسين جودة الحياة وتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية. ويُعد مشروع نيوم نموذجًا بارزًا للمدينة الذكية، معتمدًا بالكامل على الطاقة النظيفة والتقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار والروبوتات، مما يضع المملكة في مقدمة الدول المتبنية للحلول الذكية، إلى جانب ذلك، تُسهم مبادرة "السعودية الخضراء" في تعزيز الابتكار في مجال الطاقة المتجددة، مركزة بشكل خاص على الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، مما يعزز قدرة المملكة على التحول من دولة منتجة للنفط إلى دولة رائدة في الطاقة المتجددة. مخرجات البحث العلمي وعن التحديات التي تواجه منظومة الابتكار في المملكة قال آل سعد: "تواجه منظومة الابتكار في المملكة عدة تحديات، يأتي في مقدمتها تحسين الربط بين مخرجات البحث العلمي واحتياجات الصناعة، حيث لا يزال القطاع الخاص بحاجة إلى تعزيز دوره في تحويل الابتكارات إلى منتجات قابلة للتطبيق تجاريًا، مما يتطلب تنسيقًا أقوى بين الأوساط الأكاديمية والصناعية، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج النظام الابتكاري إلى تطوير سياسات تنظيمية مرنة تسهم في تسريع الإجراءات، خاصة في مجالات الملكية الفكرية وتمويل الابتكار، فالتحدي الأكبر يكمن في بناء ثقافة ابتكارية مستدامة تمتد عبر الأجيال، مع التركيز على تنمية المهارات الناعمة مثل التفكير النقدي والتعاون والإبداع، وأضاف "ورغم وجود مؤسسات بحثية متقدمة مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، إلاّ أنّ العقبة الأساسية تظل في تفعيل التعاون بين الأبحاث الأكاديمية والقطاع الصناعي، فبرامج مثل 'مسرعة أبحاث نيوم' تهدف إلى تسريع هذا التحول، لكنها ما زالت في مراحلها الأولية، كما تظل بعض المناطق الريفية بحاجة إلى تطوير البنية التحتية لضمان وصول الفرص الابتكارية إليها، مما يعزز التكامل الإقليمي في دعم الابتكار على مستوى المملكة". وعن مساهمات ودور القطاع الخاص في الابتكار قال آل سعد: يُعد القطاع الخاص المحرك الديناميكي للابتكار، ويجب أن يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات الابتكار الوطنية، وتلعب الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة (SMEs) دورًا محوريًا في تعزيز الابتكار، لكنها بحاجة إلى دعم أكبر في مجالات التمويل والمشورة القانونية لضمان تحقيق الاستدامة الاقتصادية، وتحقيق هذا يعتمد على تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير التقنيات المتقدمة وتبني نموذج 'الابتكار المفتوح'، الذي يشجع التعاون بين الشركات والمؤسسات الأكاديمية والحكومية. فبرنامج مثل 'بادر' الذي تدعمه الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) يهدف إلى تمكين هذه الشركات من الابتكار والمساهمة في الاقتصاد الوطني، فمثلاً مبادرة 'STC Pay' التي أطلقتها stc تمثل ابتكارًا في مجال التكنولوجيا المالية، مما ساهم في تعزيز القطاع المالي وتوفير حلول دفع رقمية مبتكرة. اقتصاد المعرفة ولفت آل سعد إلى أن رؤية 2030 تهدف إلى تحويل المملكة إلى اقتصاد قائم على المعرفة، حيث يعد الابتكار حجر الأساس لهذا التحول، فمن خلال استثمارات استراتيجية في مجالات التعليم والتكنولوجيا والبحث والتطوير، تسعى المملكة إلى بناء مجتمع قادر على المنافسة عالميًا، ويُعتبر الابتكار وسيلة رئيسة لتحقيق التنوع الاقتصادي والتحول الوطني، ولتسهيل هذا التحول، يجب توفير بيئة تمكين تتسم بالمرونة التنظيمية والشفافية، ودعم الابتكار عبر سياسات تشجع الاستثمار في القطاعات الناشئة، ومن أبرز المبادرات التي ساهمت في تحقيق هذه الرؤية هو برنامج "التحول الوطني 2020"، الذي ركز على بناء البنية التحتية اللازمة للابتكار، بما في ذلك تطوير القطاعات الرقمية والتعليم والبحث العلمي. ويستمر البرنامج في تعزيز الصناعات الابتكارية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، كما يمثل مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) منصة متكاملة لتطوير الصناعات المتعلقة بالطاقة، سواء التقليدية أو المتجددة، مع التركيز على الابتكار والاستدامة والتطوير الصناعي المحلي. وعن دور المرأة السعودية ومساهماتها في الابتكار قال آل سعد: مساهمة المرأة السعودية في الابتكار ليست مجرد إضافة عددية، بل هي جزء أساسي من رؤية مستقبلية تعتمد على الشمولية والتمكين الاجتماعي، فقد أثبتت المرأة السعودية قدرتها على تحقيق إنجازات ملموسة في مجالات متعددة مثل التكنولوجيا وريادة الأعمال، مما يعزز الطاقات الوطنية ويسهم في تحقيق قفزات نوعية على المستويين المحلي والعالمي، ومع تعزيز المملكة لاستثماراتها في تعليم وتدريب النساء على المهارات التقنية والقيادية، برزت المرأة السعودية عالميًا. على سبيل المثال، الدكتورة غادة المطيري تُعد واحدة من أبرز الباحثات السعوديات في مجال الابتكار الطبي، حيث ساهمت بأبحاثها الرائدة حول تقنية "النانو" في تطوير علاجات جديدة، مما يبرز مكانة المرأة السعودية على الساحة العالمية، إلى جانب ذلك، تسهم مبادرات مثل "Women in Business" التي تنظمها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) في تعزيز مشاركة المرأة في ريادة الأعمال والابتكار، ومع تزايد عدد النساء اللواتي يتولين مناصب قيادية في الشركات الناشئة، تتجلى ملامح مستقبل مشرق للمرأة السعودية في قيادة الابتكار وتطوير الاقتصاد الوطني، وبفضل هذا الدعم المتواصل، من المتوقع أن تشهد المملكة دورًا أكبر للمرأة السعودية في المجالات التقنية والصناعية، حيث تساهم جهودهن في تقديم حلول مبتكرة ومستدامة تلبي احتياجات التحول الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.، وهذه الرؤية تمثل ركيزة أساسية لتحقيق تحول شامل ومستدام للمجتمع السعودي. ركيزة أساسية في الاقتصاد من جانبه قال باحث الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدةالأمريكية الدكتور إياد حلواني عن جهود المملكة في تعزيز الابتكار وتمكينه كمنظومة: تعمل المملكة العربية السعودية بجهود متواصلة على تعزيز الابتكار وتمكينه كركيزة أساسية في اقتصادها الوطني، من خلال رؤية 2030، تم إطلاق عدد من المبادرات والمشاريع الرائدة مثل "كاوست" و"نيوم" بهدف إنشاء بيئة محفزة للابتكار. كما تسعى الحكومة إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وتطوير البنية التحتية التقنية والتشريعية لدعم الشركات الناشئة والمبتكرين، وهذه الجهود تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للابتكار وتطوير الصناعات المستقبلية. ولخص الحلواني المنجزات التي حققتها المملكة في مجال الابتكار: من حيث احرازها تقدماً ملحوظاً في مؤشرات الابتكار العالمية، حيث ساهمت المملكة في تطوير تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، وتمكنت من جذب العديد من الشركات الناشئة والمبتكرين، ومنها مشاريع مثل "نيوم" و"مشروع البحر الأحمر" تعتبر من أكبر الأمثلة على ريادة المملكة في الابتكار، بالإضافة إلى ذلك، تم تأسيس مراكز أبحاث وتطوير على مستوى عالمي لتحفيز الإبداع والاختراع في مختلف القطاعات. وعن التحديات التي تواجه منظومة الابتكار في المملكة قال الدكتور حلواني: رغم التقدم الكبير، تواجه منظومة الابتكار في المملكة عدة تحديات تحتاج إلى معالجة مستمرة، من أبرز هذه التحديات نقص الكفاءات البشرية المتخصصة في التكنولوجيا الحديثة. كما يظل التمويل للشركات الناشئة والابتكارية محدوداً في بعض الأحيان، مما يعيق نمو هذه الشركات. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج المملكة إلى تعزيز الربط بين الجامعات ومراكز الأبحاث والصناعة لضمان تكامل الجهود في دعم الابتكار، معالجة هذه التحديات سيسهم في تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030. وعن مساهمات ودور القطاع الخاص في الابتكار قال الدكتور حلواني: القطاع الخاص يلعب دوراً محورياً في تعزيز الابتكار داخل المملكة، حيث أسهمت شركات مثل "أرامكو" و"سابك" في إنشاء مراكز أبحاث وتطوير مبتكرة. العديد من الشركات السعودية الكبرى تدعم المبادرات التقنية وتستثمر في الشركات الناشئة لزيادة الابتكار المحلي. كما ظهرت برامج تمويل وحاضنات للأعمال تركز على دعم رواد الأعمال والمبتكرين. هذه المساهمات تعزز من مكانة القطاع الخاص كشريك أساسي في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. مبيناً أن رؤية 2030 تعتبر منطلقاً لتطوير منظومة الابتكار في المملكة، حيث تركز الرؤية على بناء اقتصاد مستدام قائم على التنوع والابتكار. تهدف المملكة من خلال هذه الرؤية إلى تعزيز قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، والصناعات المتقدمة. الابتكار يعد جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات المملكة لزيادة تنافسيتها على الساحة الدولية وجذب الاستثمارات العالمية. من خلال تسهيل الوصول إلى التمويل وتطوير البنية التحتية، تسعى المملكة إلى أن تكون قوة رائدة في الابتكار بحلول 2030. وعن دور المرأة السعودية ومساهماتها في موضوع الابتكار قال الدكتور حلواني: المرأة السعودية تلعب دوراً مهماً في مجال الابتكار، حيث شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في مشاركة النساء في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال. برامج تمكين المرأة السعودية مثل "قيادة 2030" توفر للنساء الأدوات والموارد لدعم أفكارهن الابتكارية. النساء السعوديات يقدن حالياً مشاريع تقنية وريادية في قطاعات مثل التكنولوجيا المالية والصحة والتعليم. مؤشر الابتكار العالمي الدكتور هيفاء محمد الدعلان المتخصصة في حاضنات الأعمال وكاتبة الرأي لخصت جهود المملكة في تعزيز الابتكار قائلة " منذ إطلاق رؤية 2030، حققت السعودية تقدمًا كبيرًا في دعم الابتكار على جميع المستويات. وقد تم تطوير برامج مهمة لدعم البحث العلمي والتكنولوجيا مثل البرنامج الوطني للبحث والتطوير والابتكار، الهدف الأساسي هو التركيز على تطوير حلول عملية لمواجهة التحديات في مجالات مثل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الطبية. هذه الجهود ساهمت في رفع مكانة المملكة عالميًا، حيث تقدمت 15 مرتبة في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022 وأصبحت ضمن الدول العشر الأولى في بعض المؤشرات مثل البنية التحتية الرقمية. وعن إنجازات المملكة في مجال الابتكار، بينت الدعلان أن ما حققته المملكة من إنجازات ملموسة بفضل الابتكار. على سبيل المثال، ارتفع الناتج المحلي غير النفطي ليصل إلى 1.89 تريليون ريال في عام 2023، مما يعكس الدور المتزايد للتقنيات الحديثة في دعم الاقتصاد. القطاع الخاص أصبح أكثر فعالية، حيث يساهم الآن بنسبة 45% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعد ذلك نتيجة مباشرة لتبني تقنيات جديدة مثل التكنولوجيا المالية ومنصات الأعمال الرقمية. وعن أهم التحديات التي تواجه الابتكار قالت: "رغم النجاحات الكبيرة، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه الابتكار في المملكة، من أبرز هذه التحديات هو الحاجة إلى زيادة الاستثمار في البحث والتطوير لتتماشى مع الدول المتقدمة في هذا المجال. كما أن تطوير الكوادر البشرية التي يمكنها قيادة الابتكارات المستقبلية يعد أمرًا ضروريًا، بالإضافة إلى الحاجة إلى بيئة تشريعية مرنة لدعم الشركات الناشئة. مؤكدة على أهمية دور القطاع الخاص تعزيز الابتكار من خلال الاستثمارات في التكنولوجيا والشركات الناشئة. السعودية دعمت 27 شركة FinTech لتطوير حلول مالية رقمية، وجرى دعم مطوري الألعاب السعوديين عبر برامج تدريبية، ما ساعد في تسريع إطلاق مشاريعهم. ولفتت الدعلان الانتباه إلى أن رؤية 2030 تسعى لتحويل الابتكار إلى محور أساسي لتنمية الاقتصاد السعودي. من خلال التركيز على البنية التحتية الرقمية والاستثمار في التكنولوجيا، تستهدف الرؤية زيادة مساهمة القطاع الخاص إلى 65% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، مما يساهم في تعزيز الابتكار في مجالات مثل الصحة والطاقة المتجددة، وعن دور المرأة السعودية في الابتكار قالت الدكتورة هيفاء الدعلان " المرأة السعودية شهدت تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت نسبة مشاركتها في سوق العمل من 19.4% إلى 35.6% بين عامي 2016 و2021. سطام آل سعد إياد حلواني الدكتورة هيفاء الابتكار يهتم بالناشئة وتطوير مواهبهم الاهتمام بتحفيز المواهب الصغيرة يجعلهم يتطلعون لتطوير أنفسهم