تجربة الحرب بين إسرائيل وحزب الله في العام 2006 لا تزال في الذاكرة، ولم تغير من الواقع العسكري بين الطرفين سوى الشيء القليل، واليوم لا أحد يعلم كم هو حجم ترسانة حزب الله من الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى أي نقطة في إسرائيل، خيارات إسرائيل باستهداف قيادات حزب الله استراتيجية ذكية ولكن هل هي حاسمة، والاختراق الاستخباراتي له نتائج مؤقتة ولكنه لا يقدم الحلول المنتظرة من أجل إنقاذ لبنان من التشظي السياسي الذي يعيشه منذ زمن طويل.. سؤال ملح يدور حول تعريف هذه المعركة الدائرة في لبنان، فالهجوم الإسرائيلي على حزب الله يتخذ هذه المرة مسلكا مستحدثا، فالهدف أصبح أبعد من تبادل لإطلاق الصواريخ بين جنوبلبنان وشمال إسرائيل، هناك قضايا رئيسة أصبحت اليوم على المحك بالنسبة لإسرائيل وكذلك حزب الله الذي قدم نفسه خلال أكثر من أربعة عقود كذراع مقاومة مدعوم من إيران ويتخذ من بلد عربي هو لبنان مقرا له لتنفيذ عملياته ضد إسرائيل، الآن وبعد أن غيّرت إسرائيل استراتيجيتها في التعامل مع حزب الله واستهدفت قياداته يطرح السؤال الأهم حول تفكيك حزب الله وإمكانية حدوث ذلك والكيفية التي يمكن أن يتم بها هذا الأمر. الهدف المعلن من قبل إسرائيل يدور حول الوصول إلى مرحلة يزول فيها تهديد حزب الله للشمال الإسرائيلي مما يمكن خمسة وستين ألف إسرائيلي من العودة إلى مستوطناتهم، ولكن لا يبدو الأمر بهذه البساطة، فميليشيات حزب الله التي نبتت في أرض الجنوباللبناني لعقود طويلة تحتاج إلى استراتيجية ليس هدفها حماية الإسرائيليين بل حماية لبنان وإنقاذه قبل أن يقع في هاوية حرب طويلة نتائجها النهائية الدمار والمعاناة كما حدث في غزة التي تعاني بشكل كبير وسوف تظل كذلك، فوجه الدمار الذي أصاب غزة لم يعد ممكنا إصلاحه دون استقرار حقيقي في المنطقة وخاصة جنوبلبنان. صراع حزب الله وإسرائيل يدخل منعطفاً مهما له آثار خطيرة على المنطقة، وقد لفت الانتباه إلى ذلك مدير وكالة المخابرات الأميركية وليام بيرنز الأسبوع الماضي وتحدث بوضوح عن "الخطر الحقيقي للغاية لحرب أوسع في الشرق الأوسط، وقد حث إسرائيل وخصومها على اتباع دبلوماسية ذكية لوقف الصراعات في لبنانوغزة"، خيارات حزب الله لم تعد كما هي من قبل فالحرب الإسرائيلية ضد لبنان تطرح أفكارا ومشروعات لتغيير الفلسفة العسكرية بأكملها في جنوبلبنان وتحويلها إلى شيء مختلف، ولكن هل يمكن فعل ذلك أو الوصول إليه بسهولة لمجرد أن إسرائيل تريد ذلك. إسرائيل وبضغط أميركي بحاجة إلى خطة استراتيجية قادرة على فتح الباب للشركاء العرب للمساهمة في تحديد مستقبل لبنان بما يضمن لبنانا مستقرا، ولكن أيضا على إسرائيل أن تفكر أن الشركاء العرب لن يأتوا للمساعدة دون أن يكون هناك حلول جذرية للقضية الفلسطينية، لأن كل ما يحدث في هذه المنطقة مرتبط بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية، الخيارات القائمة اليوم بعد هذا الاستهداف تكمن في أن يتخذ حزب الله قراره بالتمسك بأهدافه الحربية المباشرة والاستمرار في إطلاق الصواريخ إلى أن يتدخل المجتمع الدولي ويوقف هذه الحرب، وهنا ستكون النتيجة العودة إلى المربع رقم واحد حيث لا تغيير على الأرض. تجربة الحرب بين إسرائيل وحزب الله في العام 2006 لا تزال في الذاكرة ولم تغير من الواقع العسكري بين الطرفين سوى الشيء القليل، واليوم لا أحد يعلم كم هو حجم ترسانة حزب الله من الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى أي نقطة في إسرائيل، خيارات إسرائيل باستهداف قيادات حزب الله استراتيجية ذكية ولكن هل هي حاسمة، والاختراق الاستخباراتي له نتائج مؤقتة ولكنه لا يقدم الحلول المنتظرة من أجل إنقاذ لبنان من التشظي السياسي الذي يعيشه منذ زمن طويل. إسرائيل تقول إنها دمرت نصف ترسانة حزب الله الصاروخية خلال حملتها الجوية، وفي المقابل حزب لله يتوعد بالرد وهنا تكون العودة إلى المربع رقم واحد، فالسيناريوهات المحتملة حول النتائج المستقبلية للوضع في جنوبلبنان كثيرة، فخيارات عودة حزب الله إلى مكانته السابقة ما زالت مطروحة، وخيارات ذوبانه في الفضاء السياسي مشروطة بشرط قاسٍ يكمن في إخراج إيران من معادلة لبنان، إسرائيل بحاجة إلى أن تقدم حلولا مغرية للمنطقة العربية حتى تتمكن من ضمان استقرار الشمال الإسرائيلي والتركيز المطلوب من إسرائيل يدور حول القضية الفلسطينية فبدون حل الدولتين لا تبدو مؤشرات الاستقرار قريبة من المنطقة. وزيرا الدفاع في إسرائيل وأميركا طرحا معا فكرة الحاجة الملحة لتفكيك البنية التحتية الهجومية لحزب الله من أجل حماية المجتمعات الإسرائيلية، هذا الالتزام الأميركي الإسرائيلي يشكل مسافة شاسعة أمام استقرار المنطقة وخاصة لبنان الذي يواجه ارتباكا حقيقيا في تقرير مصيره بعد أن أصبح حزب الله أمام محك رئيس من حيث الاستمرار في لعب ذات الدور وبذات الأدوات السابقة، إسرائيل اليوم بيدها جزء كبير من الحل السياسي واستقرار المنطقة إذا ما فكرت جدياً أن تقطع الطريق على مفاهيم المقاومة عبر إقامة دولة فلسطينة، فبوجود هذه الدولة تذوب كل التفاصيل المرتبطة بما تعيشه المنطقة اليوم من أزمات.