أثبت هجوم حزب الله المفاجئ على الجليل، شمال اسرائيل، أن الشرق الاوسط بركان على شفا الاشتعال. ولا شك في أن الرد الاسرائيلي على اعتداء"حزب الله"مشروع. فهجوم هذا على التجمعات الاسرائيلية السكنية الآمنة غير مبرر. وتملك كل دولة حق الدفاع عن نفسها ورد الاعتداء عليها. وبعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان، انتهك"حزب الله"قوانين الاممالمتحدة، ونشر مقاتليه على الحدود مع اسرائيل، وخالف ترسيم الاممالمتحدة الحدود عند مزارع شبعا، وعزز مواقعه العسكرية بمساندة سورية وايران. وفي الأعوام الماضية، حرصت الحكومة اللبنانية على تفادي الصدام مع"حزب الله"، صاحب ترسانة صواريخ مصوبة على الداخل الاسرائيلي. ولم تهاجم اسرائيل"حزب الله". واليوم، يتهدد حرب طويلة اللبنانيين والاسرائيليين. وأبرزت الأزمة بغزة ولبنان ازدواجية سياسات الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية إزاء إسرائيل. فالحكومة اللبنانية برأسين، الاول سيادي ومعتدل، ويلجأ الى القنوات الديبلوماسية في سبيل حل الأزمات. والثاني إرهابي وعنصري، ويحل نفسه من أي عقد أو شرط، ويدعو الى زوال اسرائيل. والازدواج والالتباس هذان يحولان دون استقرار المنطقة، ويضعفان ثقة الإسرائيليين، من أنصار السلام، بالعرب المعتدلين. والحق أن سعي اسرائيل الى تطبيق قرار الاممالمتحدة 1559 محق وعادل. ولكن توسل القوة الى تغيير الوضع وراء الحدود الشمالية الاسرائيلية محفوف بالمخاطر. فالاعتداء الإسرائيلي قد يؤدي الى سقوط الحكومة اللبنانية الضعيفة، والى حرب أهلية لبنانية جديدة. وبين ليلة وضحاها، قد تتحول هذه الحرب الاهلية الى حرب إقليمية واسعة. وفي العقود الماضية، كان تدخل اسرائيل العسكري في الشؤون اللبنانية عقيماً. فالتجربة أثبتت فشل اسرائيل في"تغيير الواقع العربي وقولبته". وعلى خلاف الفلسطينيين، يرفض"حزب الله"، وهو حليف ايران، بلوغ الفلسطينيين اتفاق سلام مع اسرائيل. وأسهم اعتداء"حزب الله"في خلط النخبة الاسرائيلية بين الجبهتين الفلسطينية واللبنانية. ولا شك في أن تمادي اسرائيل في ردها العسكري غير المتكافئ على لبنان، يقوض فرص حل النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي. وفي بيروت كما في اسرائيل، ظن كثر أن ايام النزاع في الشرق الاوسط ولّت. وفي الايام الماضية، أفاق هؤلاء على واقع الشرق الاوسط المرير. عن ديفيد غروسمان، روائي اسرائيلي "ليبراسيون" الفرنسية، 2006-07-17