المقصود هنا صداقة الوالدين مع أبنائهم وبناتهم بداية من مرحلة الطفولة، ربما لا نأتي بجديد إذا أشرنا إلى أهمية التربية بالقدوة فهذا مبدأ تربوي جميل متفق عليه وله تأثير قوي في زرع الثقة وتعزيز السلوكيات الحميدة، الجديد هو تذكير البعض ممن يمارسون القسوة والتعنيف في التعامل مع الأخطاء بأن هذا الأسلوب الذي يراه بعض الآباء مؤثرا في تعديل السلوك.. نقول لهم، هو فعلا مؤثر ولكنه تأثير سلبي قد يؤدي إلى نتائج تشكل خطرا على مستقبل الأطفال والمراهقين. من الأساليب التربوية الفعالة تحقيق التوازن في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب فلا يمكن مثلا تعنيف الطفل لأنه لم ينظف أسنانه، ولا يمكن وصفه بأنه غبي لأنه لم يحقق الدرجة الكاملة في إحدى المواد المدرسية، التربية الفعالة تطبق أسلوب الحوار مع الأبناء والتعامل معهم كأصدقاء وإعطائهم الفرصة منذ مرحلة الطفولة للتعبير عن آرائهم، والإنصات لهم وتعويدهم على الشفافية بدون خوف، هذه نتائج لا تتحقق بالصراخ والتعنيف أو السخرية وإنما تتحقق بمبدأ القدوة. الصداقة مع الأبناء تجعل بيئة الأسرة بيئة ممتعة مستقرة، بيئة تربية وتعليم، بيئة تعزز القيم الأخلاقية وتدرب الأبناء على أسلوب الحوار واكتساب مهارة الاتصال، الصداقة مع الأبناء توفر بيئة صحية ووقاية من المؤثرات السلبية، بيئة الأسرة الإيجابية يتعلم فيها الأطفال الصحيح من الخطأ بوسيلة القدوة والحوار وليس بأسلوب الغضب وجعل العقاب هو الخيار الأول وأحيانا هو الخيار الوحيد عند بعض الآباء والأمهات. هوس المبالغة في الانتقادات الموجهة للأطفال والمراهقين لها تأثيرات سلبية على الصحة النفسية، وقد يتحول البيت إلى ساحة للجدل حول أمور ليست من الأولويات، وهي في بعض الحالات تأتي نتيجة لأسلوب التواصل الذي يتبعه بعض الآباء والأمهات وهو أسلوب التواصل من أعلى إلى أسفل بمعنى أن التخاطب مع الأبناء محصور في اعطاء الأوامر وعلى المتلقي التنفيذ دون نقاش.! فكيف سيتعود الطفل على إبداء الرأي؟ ليس المطلوب من الوالدين السماح بالفوضى والسلبية وتكرار الأخطاء وعليهما مسؤوليات جسيمة من أهمها تأمين الاحتياجات الأساسية والأمن والسلامة، ومن المهم تربويا الكشف بالمجهر عن الجوانب الإيجابية في شخصيات الأبناء وتعزيزها، ودعم ثقتهم بأنفسهم عن طريق المشاركة والقيام ببعض المسؤوليات وفي حالة حدوث خطأ في التنفيذ - وهذا أمر متوقع يحدث من الكبار والصغار - فإن وصف من حصل منه الخطأ بأنه مستهتر أو لا يفهم، تصرف غير تربوي ولا يحقق أي فائدة، النقد يجب أن يوجه للسلوك وليس للشخصية. من الأخطاء التربوية أن يكون هم الوالدين أن يصبح الأبناء نسخة منهم فتجد بعضهم يفتخر بالابن النسخة من أبيه أكثر من الافتخار بالابن المختلف في شخصيته أو تعليمه أو مهنته، طبعا شيء جميل أن يكون الابن مثل أبيه، والأجمل أن يكون له رأي في اختياراته، وسيفتخر به الأب التربوي حين يتفوق ابنه عليه.