قرأت مجموعة من النصائح منسوبة لبل غيتس قدمها للطلاب في محاضرة في إحدى المدارس الأمريكية. توقفت عند نصيحة تقول: " قبل ولادتك لم يكن والداك شخصين مملين كما تظن الآن، لقد أصبحا كذلك بسبب مصاريف دراستك، وارتفاع ثمن ملابسك الجميلة، والنظر إليك وأنت تكبر يومياً إثر يوم، ولذلك وقبل أن تشرع في إنقاذ وتغيير العالم وإنقاذ الغابات الاستوائية من الدمار وفي حماية البيئة والتخلص من السلبية في العالم، اشرع أولاً في تنظيف دولابك الخاص، وأعد ترتيب غرفتك". علينا إذاً إذا أردنا أن نغير العالم أن نبدأ بأنفسنا. التغيير الحقيقي يبدأ من الذات. أحياناً نتفرغ لنقد كل شيء إلا أنفسنا، هذا يحدث للصغار والكبار. المشكلة بالنسبة للصغار هي أنهم يتلقون النقد والتعليمات والتوجيهات من الكبار بطريقة الأوامر والإملاء وليس بطريقة الحوار والتفاهم، وتطبيق مبدأ القدوة كما يحصل مثلاً في قضية توجيه الصغار لآداء الصلاة أو آداء الواجبات المدرسية. ومع تطور وسائل التربية اكتشف كثير من الآباء والأمهات أن أفضل وسيلة للتعامل مع المراهقين هي أن يكونوا أصدقاء لهم، لأن من أخطر سمات المراهقين اعتقاد المراهق بأن والديه يشعرون تجاهه بالكراهية أو ينظر لهم نظرة عداء ويكتشف الآباء والأمهات أيضاً أن من أبرز الأخطاء التربوية التي يقعون فيها تركيزهم على السلبيات وتصيد الأخطاء، وإغفال الإيجابيات والإنجازات وعدم تقديرها، وهذا يسبب الإحباط، وقد يجرؤ الطفل أو المراهق ويعترض على أسلوب والديه ويرفض أن يطلب منه أن يكون شخصية مثالية. كيف إذن يستطيع الوالدان تعويد الأبناء على المشاركة في التنظيف والترتيب داخل المنزل بل داخل غرفهم الخاصة، مع أن بعضهم يتكاسل حتى في تنظيف أسنانه!! لا نستطيع أن نغفل وجود المساعدة المنزلية التي تخدم الجميع وتأثير وجودها على نشوء الاتكالية. وإذا كان الجميع في المنزل يعتمدون على المساعدة المنزلية فإن الطفل لن يتعود على ترتيب غرفته. وقد قرأنا مؤخراً خبراً عن مواطن تقدم بطلب لوزارة العمل لاستقدام (35) عاملاً وعاملة منزلية، فإذا كان (35) عاملاً وعاملة سوف يعملون في المنزل، فماذا سيفعل أهل المنزل؟ وما هو المتوقع من الابن الذي يعيش في بيئة اتكالية أن يفعل حين يخوض غمار الحياة، ويدلف إلى ميدان العمل. الأسرة هي أساس المجتمع، والتربية هي بناء شخصية الإنسان وجعله عضواً فاعلاً متفاعلاً مع المسؤوليات العائلية والمسؤوليات الاجتماعية والبيت هو المدرسة الأولى في حياة الإنسان، ومسؤولية الآباء والأمهات ليست محصورة في حث الأبناء على آداء الواجبات المدرسية والإعداد للاختبارات بل هي أشمل من ذلك. العنصر الأهم في التربية السليمة هو مبدأ القدوة، وأن يبدأ الإنسان بنفسه، وأن تكون لغة الحب هي اللغة السائدة بين أفراد الأسرة الواحدة. الوضوح، وعدم التناقض بين الأقوال والأفعال داخل المنزل يقود إلى مجتمع بعيد عن التناقض والازدواجية السلوكية التي تحدث من الكبار قبل الصغار.