تزايد دور الأنشطة غير النفطية وتحولها محركاً رئيساً في تعزيز نمو الاقتصاد المحلي، مما أدى لتسجيل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة العربية السعودية نمواً بنسبة 4.4 % في العالم الماضي، وذلك بالرغم من التحديات الاقتصادية العالمية والانكماش المحلي في الأنشطة النفطية بنسبة 9 % على أساسٍ سنوي، بحسب محافظ البنك المركزي السعودي، أيمن بن محمد السياري، على إثر إصدار البنك تقرير الاستقرار المالي لعام 2024. وقال السياري: ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في إجمالي الناتج المحلي بشكٍل كبير لتبلغ 49.9 %، ويأتي ذلك نتيجة لجهود المملكة المستمرة في تنويع الاقتصاد، عبر المشروعات المختلفة ذات الصلة برؤية السعودية 2030. في وقت، أثبت النظام المالي العالمي مرونته في أعقاب فترات الاضطرابات المصرفية التي حدثت خلال 2023م، على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة في العالم على خلفية جهود البنوك المركزية لكبح الضغوط التضخمية والحفاظ على استقرار الأسعار، حيث تعد مرونة النظام المالي دليلاً على فاعلية أجندة الإصلاح في مرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية. وكان النظام المالي السعودي عاملاً رئيساً في دعم النشاط الاقتصادي، إذ ما يزال يتسم بقدر كبير من المتانة، وهو ما يدل على التقدم الذي أحرزته الجهات التنظيمية والمؤسسات المالية في تحسين الاحتياطيات والممارسات المالية. وعملت البنوك وشركات التمويل ومقدمو خدمات المدفوعات تحت إشراف البنك المركزي على توسيع نطاق الخدمات المالية، لتشمل جميع شرائح القطاع الخاص والأفراد، بما يساهم في دعم كفاءة أداء القطاع المالي. وأولى البنك المركزي أهمية بالغة لمتانة النظام المصرفي، بما يتماشى مع مهامه في المحافظة على الاستقرار النقدي، ودعم استقرار القطاع المالي وتعزيز الثقة به، ودعم النمو الاقتصادي، حيث نتج عن ذلك تجاوز جميع النسب الاحترازية للنظام المصرفي المتطلبات التنظيمية للبنك المركزي وللجنة بازل للرقابة المصرفية، الأمر الذي يعكس اتسام النظام المصرفي بمستويات سيولة ورسملة قوية. وحافظت البنوك أيضًا على قدرتها على توفير الائتمان المصرفي، والقيام بدورها المحوري في دعم الإصلاحات الاقتصادية في المملكة والاستجابة للطلب المحلي المتزايد. ويأتي ذلك مكملاً للجهود المبذولة لتعزيز وتعميق السوق المالية المحلية لتلبية الاحتياجات التمويلية للاقتصاد. ويعد تطوير بنية تحتية متقدمة للنظام المالي إحدى أهم أولويات البنك المركزي. وقد تجلى ذلك في قطاع المدفوعات السعودي، وتطوره المستمر لخدمة احتياجات الأفراد والشركات على حدٍ سواء. ومن شأن برامج ومبادرات رؤية السعودية 2030، إلى جانب تعزيز متانة النظام المالي المساهمة في تعزيز استمرار النمو في الاقتصاد السعودي في عام 2024م. ومع ذلك، وفي ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي، والتي قد تساهم في انتشار عدد من المخاطر المالية بشكل أسرع، يواصل البنك المركزي مراقبة التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية لدعم سياسات الاستجابة اللازمة؛ لضمان استمرار دور النظام المالي في دعم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع أهداف البنك المركزي. وبحسب الملخص التنفيذي للتقرير، ذكر أنه وخلافاً للتوقعات السابقة، أثبت الاقتصاد العالمي في عام 2023م مرونته في التعامل مع التحديات الناجمة عن تبعات الجائحة. فعلى الصعيد العالمي، أدى تخفيف حدة الضغوطات على سلاسل الإمداد إلى انخفاض معدلات التضخم عن مستوياته المرتفعة. ومع ذلك، وفي ظل حالة عدم اليقين المتزايدة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ما تزال هناك مخاطر تهدد الآفاق الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، مصحوباً بالتوترات الجيوسياسية والمخاطر المحتملة المرتبطة باستدامة الدين في البيئة المالية الكلية العالمية. ويبرز ذلك بشكل خاص في تنامي عبء الدين حول العالم، إذ أصبح من أبرز القضايا التي تواجهها القطاعات غير المالية، لا سيما في الدول ذات الحيز المالي المحدود. وفي خضم حالة عدم اليقين عالميًا، أثبت الاقتصاد المحلي متانته، إذ سجل تراجعاً طفيفًا في عام 2023م نتيجة لانخفاض الأنشطة النفطية. وبالرغم من ذلك، واصلت المملكة اتخاذ خطوات ثابتة تهدف إلى تحقيق مستهدفات برامجها التنموية، وكانت المبادرات المرتبطة برؤية المملكة 2030 المحفز الرئيس لذلك. وعلى وجه الخصوص، انعكست المبادرات المتعلقة بتمكين القطاع الخاص في زيادة دور الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وانخفضت معدلات البطالة بين السعوديين في عام 2023م إلى أقل مستوى تاريخي لها، مما يعكس أهمية القطاع غير النفطي في الاقتصاد. ويعزى تباطؤ التضخم في عام 2023م إلى استقرار أسعار المواد الغذائية وأسعار النقل. وعلى الرغم من رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة أربع مرات في عام 2023م، إلا أن عرض النقود بمفهومه الواسع سجل نمواً قوياً. وسجلت الميزانية العامة للدولة عجزاً في عام 2023م بسبب انخفاض العائدات النفطية وزيادة الإنفاق. ومن ناحية أخرى، سجل الحساب الجاري فائضًا على الرغم من انخفاض الصادرات النفطية. واستمر النمو في أصول وقروض القطاع المصرفي السعودي في عام 2023م، مدفوعاً في المقام الأول بائتمان قطاع الشركات، والذي تجاوز في نموه ائتمان الأسر. وحافظت البنوك على كفاية سعتها التمويلية لدعم الإصلاحات الاقتصادية في المملكة. ومن الُمتوقع أن يستمر التوسع في الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، بما في ذلك المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، مرفوداً بالآفاق المواتية للنمو في الأنشطة غير النفطية بدعم من المبادرات الحكومية. وحافظ القطاع المصرفي خلال عام 2023م على الجودة العالية للأصول، مع مستويات منخفضة من القروض المتعثرة وتغطية عالية للمخصصات. وواصلت البنوك الحفاظ على معايير ائتمان متينة، والالتزام بمتطلبات البنك المركزي المتعلقة بمبادئ التمويل المسؤول، وإدارة مخاطر الائتمان ومعدل الحد الأقصى لنسبة التمويل العقاري. وظلت مستويات السيولة كافية حيث استمر النمو في قاعدة الودائع مع وجود تحول ملحوظ إلى الودائع الزمنية والادخارية. واختتم القطاع المصرفي هذا العام بمستويات احترازية متينة للسيولة، إذ تجاوزت نسبة تغطية السيولة ونسبة صافي التمويل المستقر الحد الأدنى المطلوب من قبل البنك المركزي السعودي. وتمتع القطاع برسملة قوية، إلى جانب ارتفاع معدل كفاية رأس المال مع تجاوز النمو في حقوق الملكية العادية معدل نمو الأصول المرجحة بالمخاطر، نتيجة لعدد من العوامل كتحسن مستويات الربحية وارتفاع إصدارات المصارف خلال العام. وشهد قطاع شركات التمويل في 2023م توسعاً كبيراً في إجمالي الأصول، مدفوعاً بشكل أساس بالنمو في محافظ الائتمان، وخاصة في إقراض الأفراد والتمويل غير العقاري. وعلى الرغم من زيادة أنشطة الائتمان، ظلت نسبة الرافعة المالية ضمن الحدود التنظيمية، مما يشير إلى القدرة الكبيرة لشركات التمويل على التوسع في أنشطة الائتمان بشكل أكبر. وعملت شركات التمويل على تنويع مصادر تمويلها بشكل متزايد من خلال منتجات التمويل المتنوعة التي تقدمها الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، مما مكّن القطاع من تحقيق قدر أكبر من المرونة في إدارة السيولة. وواصل القطاع تسجيل الأرباح، وإن كانت بمعدلات أقل نتيجة لارتفاع مصاريف الفائدة في 2023. وشهد قطاع التأمين نموا في إجمالي أقساط التأمين المكتتبة في 2023، تماشياً مع نمو القطاع غير النفطي. وانخفض معدل الخسارة في القطاع، الأمر الذي عزز مستويات الربحية، وأدى ارتفاع الاحتياطيات، لا سيما من خلال الزيادة الكبيرة في احتياطيات الأقساط غير المكتسبة، وتحسن هوامش الملاءة المالية في توفير احتياطيات وقائية كافية ضد المخاطر. وارتفعت الربحية نتيجة للنمو الملحوظ في صافي الدخل وعوائد الاستثمار. وعلى الرغم من ارتفاع أقساط التأمين المكتتبة عبر الوساطة، إلا أن حصتها في معدل نمو أقساط التأمين المكتتبة قد شهدت انخفاضاً طفيفاً، مما يشير إلى تغير طفيف في ديناميكيات الاكتتاب في التأمين الصحي وتأمين المركبات. وأظهرت مؤسسات السوق المالية أداء قويًا خلال العام. واستمر صافي دخل مؤسسات السوق المالية في النمو على الرغم من ارتفاع النفقات التشغيلية. وارتفع الإقراض بالهامش بينما ظلت معدلات استخدامها مستقرة. علاوة على ذلك، شهدت السوق نمواً ملحوظاً في قطاع التقنية المالية، وهو ما ساهم في ارتفاع المحافظ الاستثمارية الخاصة بالمستثمرين الأفراد. وسجلت مستويات الربحية والسيولة لدى مؤسسات السوق المالية تحسنًا خلال عام 2023م، مما دعم رسملة القطاع والتغطية المطلوبة لتلبية احتياجات السيولة قصيرة الأجل. وواصل قطاع المدفوعات في المملكة في ممارسة دوره المحوري في النظام المالي. كذلك، ساعد تطور البنية التحتية المتقدمة للأسواق المالية وتحسن نماذج أعمال شركات المدفوعات في تعزيز الشمول المالي. ومن ناحية أخرى، أدى الاستخدام المتزايد للتقنية في أتمتة العمليات في القطاع المالي إلى زيادة مخاطر الحوادث السيبرانية والاحتيال. ولمكافحة هذه التهديدات والتخفيف من حدتها، اتخذ البنك المركزي عدة مبادرات، كتقييم الخدمات المشتركة القائمة على التهديدات السيبرانية وتصنيف المخاطر السيبرانية حسب القطاعات، ويواصل البنك المركزي مراقبة المخاطر المالية والتشغيلية الناشئة ذات الصلة لمعالجة هذه المخاوف بشكل استباقي. 1.JPG 2.jpg. ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في إجمالي الناتج المحلي بشكل كبير لتبلغ 49.9 % 3.JPG. كان النظام المالي السعودي عاملاً رئيساً في دعم النشاط الاقتصادي