ثمة من ينتصر لنفسه على حساب حق شخص آخر ويظلم ذلك الشخص في ماله أو وظيفته أو ما يملك أو ما يشتري أو ما يبيع أو ما يقول أو ما يفعل، وهذا بلا أدنى شك ارتكب محظورا وأجرم في حق غيره ويصنف شريرا؛ لأنه ظلم غيره لصالح نفسه وأضر بالناس من أجل مصلحته، فقد ظلم الناس من أجل ذاته.. وصور هؤلاء كثيرة، وتحدث كثيرا ويصنفون من الأشرار بلا أدنى شك وهي صورة قبيحة في أي مجتمع. لكن الصورة الأكثر قبحا تتمثل فيمن يظلم الناس من أجل الناس، وهذا النوع أو الصنف من البشر يتمثل في مواقف كثيرة، خاصة مواقف بعض موظفي الشركات والمؤسسات سواء التجارية أو الخدمية، عندما يقف الموظف حائلا دون حصول المستهلك أو العميل على حق من حقوقه مستخدما حججا واهية أو تزييف حقائق أو مستغلا ثغرات الشروط والأحكام طلبا لرضا رؤسائه في المتجر أو الشركة أو المؤسسة على حساب حق المستهلك أو العميل. ويدخل ضمن هؤلاء بعض موظفي شركات خدمية عندما يحصل خطأ في فاتورة الخدمة سواء كهربية أو اتصالات أو صيانة أجهزة أو مياهًا أو حسابات أو تحصيلا، فتجدهم يقفون في صف المتجر أو الشركة أو المؤسسة ضد حق المستهلك أو العميل رغم معرفتهم بسلامة مطالبته أملا في كسب رضا رب العمل عنهم، ومثل هؤلاء ظلموا الناس من أجل الناس، ولكن لمصلحة شخصية تتمثل في مكافأة أو نسبة أو رضا وترقية، وهذا بلا أدنى شك شر وقبح. لكن الصورة الأقبح هو ذلك الموظف الذي يظلم زميله أو المستهلك أو العميل بحرمانه من حق من حقوقه حسدا أو عنادا أو ما يظنه تنفيعا للمؤسسة أو الشركة، دون أن يكون له مصلحة من ذلك غير إرضاء رغبته في ظلم الناس والقسوة عليهم وحرمانهم حقوقهم لأتفه الأسباب، حتى وإن كان عدم ارتياحه للشخص أو لأسلوبه في المطالبة بحقه، وشعوره أن مصير تلك المطالبة بيده ويريد أن يحرمه منها لشيء في نفسه أو تحيزا لجهة عمله حتى دون استفادته من هذا الظلم، وهذا الأخير شر مثل سابقيه لكنه الأكثر شرا أي (شر الناس). وعندما قيل في الأثر إن (شر الناس من ظلم الناس للناس) لم يكن المقصود أن من ظلم الناس لمصلحته هو ليس شريرا، ولكن للتأكيد على أن الأكثر شرا من هذا هو من ظلم الناس لمصلحة غيره، فحذارِ أخي الموظف أن تكون من شر الناس، بل كن دوما كما هم الغالبية، كن من خير الناس، لا تحرم جهة عملك من حقها ولا تعينها على ظلم مستهلك أو عميل.