بعد أن تيقن أنه لا يمكن أن يكون له ذرية، خير زوجته بين أن تبقى معه أو أن يطلقها، وتجد نصيبها مع غيره، فطلبت منه أن تذهب للعمرة ثم تقرر، وبلطف العاشق قالت له بعد عودتها من العمرة: إنها ستبقى معه، فهذا مصيرهما المقدر! تذكرت سارة هذه القصة، وهي تنظر إلى أبناء زوجها من زوجته الثانية بعد أن وجد العلاج، وبعد أن أصبحت هي في سن اليأس! كانت هذه القصة التي دخلت بها إلى عالم روايتي الثانية المعنونة بنفس عنوان المقال «يتيمة الزوج»، هذه القصة التي جاءتني ردود الفعل حولها بين الغاضب والمتحسب على ذلك الزوج، وجاءتني ردود فعل معاكسة تدعي لذلك الزوج بالرحمة، وهو الشخصية التي توفاها الله في ثنايا أحداث الرواية. تباين هذه الآراء يمكن تفسيره من خلال قصة من التراث العربي، فعندما جاء إلى القاضي أحدهم يشتكي من آخر وقد فُقأت إحدى عينيه فغضب من كان في مجلس القاضي، وطالبوا بأقصى عقوبة لذلك المعتدي الغائب، ولكن القاضي برويته وحكمته طلب إحضار ذلك المعتدي المفترض! ليكتمل المشهد قبل أن يصدر حكمه. حضر الرجل فإذا بكلتا عينيه مفقوءتان، فبهت المستعجلون في مجلس القضاء! الاستعجال في الحكم هو قضيتنا في هذا المقال وليست سارة بطلة رواية «يتيمة الزوج» ولا الرجل مفقوء العين، فالاستعجال في الحكم أو الاستماع لطرف واحد لا يؤدي إلى نتيجة عادلة، ولا حكم منصف، ونستطيع ربط هذا المبدأ بكل مواقفنا وأحكامنا، ومنها إعطاء الرأي عند الاستماع لأحد الزوجين في قضايا الأسرة، وقد استمعت إلى بعض من هذه الأحكام من خلال خبرتي البسيطة جدا، فالتأني ميزان عدل، وهدف الإصلاح هو الأصلح، ما استطعنا إلى ذلك سبيل، ومتى ما كان الموضوع في إطار الخلافات التي لا يخلو منها أي بيت ولا تسلم منها أي أسرة، وهنا أمر مهم يجب الإشارة إليه، وهو التفريق بين المشكلة الأسرية وما يحدث في أي منزل من تشنجات ومواقف متباينة وعلو صوت ومناكفات نعتبرها نحن المتخصصون في علم الاجتماع أو لنقل بعضنها؛ أقول نراها جزء من حياة أسرية طبيعية، فالأسرة مجتمع صغير يحدث فيه ما يحدث في المجتمع الكبير. وإذا عدنا إلى رواية يتيمة الزوج وبطلته سارة، لنستشهد بمن أصدر حكمه على الزوج قبل أن يكمل الرواية، ومن أنتظر حتى أكمل الرواية ليصدر حكمه العادل على زوجها، ليكونا مثالا على من ينتظر ويحتمل جلد القراءة ومن يحكم من خلال قصة افتتاحية لحياة متشابكة متشعبة تناولها العمل. التأني حكمة.