لماذا اكتسب الذهب كل هذه الأهمية والقوة والتسارع السعري الكبير له خلال خمس سنوات ارتفع بمستويات تفوق 250 % من 1750 دولاراً إلى 2600 دولار اليوم!، حين نستعرض الاقتصاد العالمي خلال عام 2020 تحديداً وما ألقت به "جائحة كورونا" والتي هي لليوم تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي من تضخم، وارتفاع الفائدة، وتباطؤ اقتصادي عالمي، ويضاف لها الأزمة الروسية الأوكرانية وتوترات العالمية، كلها وضعت الذهب ملجأً للعملة وأماناً بنظر البعض، ولكن هل يستحق كل ذلك الذهب؟ الذهب ذو قيمة جوهرية للبنوك المركزية ويعتبر احتياطياً استراتيجياً تحافظ على تنميته، وهي للمستثمرين ملجأً للتضخم وحماية وتخفيف المخاطر. والذهب يعتبر أماناً للبعض وفق رؤيتهم من تقلبات العملات وتراجعها وهو ما يزيد الطلب عليه لأنه يحافظ على قيمته، وهو الأقل تقلباً سعرياً من غيره، فهو لا يتأثر كما العملات الورقية التي تتأثر بالتضخم أو الضعف الاقتصادي، والذهب حافظ على تحقيق عوائد "ارتفاع سعري" منذ عام 1971 بما يقارب 8 % سنوياً، فهو للمدى الطويل لا يخسر أو بمعنى أدق مصدر عائد، فهو استثمار قيمة وسعر، ولا يوجد مستثمرون في الغالب لا يكون الذهب في محفظتهم وفق نسب يراها مناسبة، فهي سهلة التسييل، وتحافظ على القيمة، ولا تتأثر بتقلبات السعرية خلال أزمة 2008 المالية، انخفضت الأصول والأسهم على صناديق التحوط والعقارات، في المقابل حافظ الذهب على قيمته وارتفع سعره بنسبة 21 % بين 2007 و2008 وحتى خلال 2020 - 2022، واعتبر ملاذاً آمناً خلال الأزمة، فهو يحافظ على قيمته وهذا الأساس، ولكن حين نرى عراب الاستثمار وأستاذة "وارن بافيت" له رؤية مختلفة تماماً وهو المشهور ب"مستثمر القيمة" ويقول ضمن مقولات كثيرة عن الذهب، إن الذهب لا يمتلك قيمة حقيقة، وأن قيمته تأتي من الندرة فقط وهو من وجهة نظره لا يقدم أي فائدة عملية "وأضاف أيضاً" الذهب لا يفعل شيئاً سوى الجلوس هناك والنظر له "ولكن البسطاء يرون أن الذهب هو من يحميهم من التقلبات ويحافظ على قيمته، وقد يفوق البسطاء رؤية بافيت الذي يرى أهمية القيمة، وعكس رأي بافيت هو راي ديو (ملياردير أميركي) يقول "إذا كنت لا تمتلك الذهب فأنت لا تعلم شيئاً عن التاريخ " وكأنه يقول لنتعلم من دروس الماضي، وخلال عام 2023 البنوك المركزية زادت لاحتياطياتها 1037 طناً وهو ثاني أعلى معدل سنوي. يمكن القول إن الذهب أخذ لنفسه مؤشراً للأمان والحماية وملاذاً آمناً، ويمكن اعتباره أيضاً مؤشراً ونبضاً للاقتصاد العالمي بتحركاته السعرية، والخوف من النقد وتقلبها أكثر من الذهب المحافظ على قوته، وإن كان عكس رأي بافيت الذي لم يصب أيضاً بخطأ عدم الاستثمار في أمازون وأبل سابقاً، أن أتى متأخراً، وهذا لا يعيب عراب الاستثمار العالمي وأستاذة، فالحياة دروس.