تويتر الذي أصبح اسمه الآن إكس(X)، لديه صفات تجعله خطراً إذا ما أسيء استخدامه، وأنا أشرت قبل ما يزيد على ثلاثة أعوام، خلال مشاركتي في ندوة عن التواصل الاجتماعي، إلى أن بعض المشاركين في تويتر تمكنوا من استقطاب عدد كبير من المتابعين، بحيث أصبح بإمكانهم التأثير على الرأي العام وتوجيه متابعيهم، الذين قد يصل عددهم لدى البعض إلى الآلاف، هذا إذا لم نقل ملايين، ولذلك أصبحوا والحال تلك، أشبه ما يكونوا بالنقابات أو الأحزاب - ولكن إلكترونياً. وإيلون ماسك الذي ناصر مؤسس منصة التواصل الاجتماعي الروسية تلغرام بافل دورف، الذي اعتقلته السلطات الفرنسية مؤخراً لرفضه الرقابة على منصته، يدرك أكثر من غيره خطورة المنصة التي يرأسها، ولذلك فليس مصادفة أن تحضر الكثير من البلدان، ومن ضمنها الصين وروسيا، هذه المنصة، وفي الأسبوع الماضي، أمر قاضي المحكمة العليا في البرازيل ألكسندر دي مورايس بتعليق عمل المنصة، بعد رفض ماسك تعيين ممثل قانوني في البلاد. وبالتأكيد، فإن البرازيل التي تبحث عن الاستقرار لديها ما تخشاه. وخطورة المنصة لا تقتصر، كما يبدو للوهلة الأولى، على المجال السياسي. فهناك مقولة مفادها أن: السياسة هي التعبير المركز للاقتصاد. وهذا بالطبع يخص اقتصاد البلدان الصناعية، أو المتطورة. أما في البلدان النامية، فالعكس هو الصحيح. ورغم ذلك وأين كان مستوى تطور البلد، وأين يصف -مع البلدان المتطورة أم النامية- فإن منصات التواصل الاجتماعي، يمكنها أن تؤثر على الاقتصاد بشكل كبير. ولنذكر فقط كيف أصاب الدمار اقتصاد البلدان التي تأثرت بما يسمى "الربيع العربي" والذي كان لمنصات التواصل الاجتماعي دور كبير فيه، وهو في الواقع خريف تساقطت خلاله كافة الأوراق الخضراء. أما في الدول الصناعية، فتكفي الإشارة إلى موقف تويتر خلال انتخابات الرئاسة الأميركية الماضية من ترمب، ومنعه من المشاركة عبرها. فمثلما نعرف، فإن لدى ترمب برنامج آخر لتطور الاقتصاد، يمكن تلخيصه بالشعار الذي يرفعه: أميركا أولاً. وترجمة هذا الشعار اقتصادياً، يعني أن الولاياتالمتحدة لا ترغب في إنفاق أموالها في الخارج وإنما في الداخل. إن مواقع التواصل الاجتماعي هي نعمة، إذا ما حسن استخدامها، فهي تعطي الإمكانيات للتعبير عن وجهات النظر وطرح الأفكار، حول كافة ما يدور محلياً وعالمياً. لكنها شأنها شأن كل ظاهرة مفيدة لها سلبياتها. ولذلك، يمكن تعظيم فوائدها من خلال سعودة هذه المواقع، وذلك بسن التشريعات التي تجعل من هذه المنصات مفيدة للبلد، ومساندة للطموحات التي نرغب في تحقيقها وعلى رأسها رؤية 2030. فالآراء والأفكار التي يطرحها أبناء هذا البلد المخلصون، تتيح لأصحاب القرار الاطلاع عليها فوراً، وربما الاستفادة منها لحل المشكلات التي تبرز خلال عملية التحول الصعبة التي نخوضها من أجل التحول من اقتصاد معتمد على النفط إلى اقتصاد متعدد المزايا النسبية.