شكل الحرف العربي محوراً رئيساً للفنون الإسلامية على العمائر وفي بطون الكتاب، فكانت اللوحات الخطية على المنابر وفي أروقة المساجد تحفاً خطية على مر العصور. وفي العصر الحديث رأى بعض المنهزمين أن الحرف العربي قد خبا وهجه، ولن يعود إلى الصدارة، لكن الفنانين العرب بدءاً من الفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد وجماعة البعد الواحد في بغداد، مروراً بالفنانين في سائر أصقاع العروبة قد أثبتوا أن الحرف العربي ما زال يملك روح العطاء وأنه قادر أن يمد الفنان العربي بأدوات مبتكرة. وعندما نرى لوحات الصديق الفنان ناصر الموسى؛ ندرك أبعاداً فنية جديدة للحرف، تتمثل في تلك التموجات المختلفة للحرف، فنرى حرفنا وقد أصبح نغمة في يد الموسى، يعزفها كيفما توحي له أحاسيسه ورؤاه الفنية. وإذا كنا لا نرى لوحات خطية؛ إلا أننا نرى معزوفات حرفية متنوعة، فنرى الشدة وقد أصبحت نغمة تزين أعلى اللوحة، ونراها تتأرجح بين الأمواج فلا تدري هل ترى الشدة أم الموج، أم النغمة التي يشدو بها الفنان. ونجد مفردة الله أكبر؛ فنراها تسبح لله على سطح اللوحة، ولا نكاد نجد عملاً فنياً يخلو من هذه المفردة وإن تفاوتت في الشكل واللون بين اللوحات التشكيلية، وعندما يجول بصرك في أي لوحة للموسى فإنك لا تعدم لفظ الجلالة، أو شدة معلقة هنا أو هناك، ولعلها بذلك تشير إلى تعلقه بمدلول ذلك اللفظ والشدة التي تزينه. وإذا كانت أدوات الموسى في لوحاته الحروفية تعتمد في أغلبها على الحروف ذات التشكيل الحر (الخط الحر) فإننا نجده في بعض لوحاته يستخدم الحروف منسقة بخطوط هندسية أو ما يسمى بالحرف الكوفي. لكن الغالب على أعماله التشكيلية سواء أكان ذلك في اللوحات أم في الجداريات؛ هو الخط الحر لكلمة الله أكبر، ولفظ الجلالة، والشدة التي نرى الفنان متعلقاً بها في أغلب لوحاته. وأخيراً على الرغم من أن الفنان الموسى يجيد سائر فنون الخط العربي إلا أننا لا نجد حروفيته الفنية، تستغل الخط القاعدي فلا نجد لديه في لوحاته الحروفية مكونات من الخط الديواني، وهو من الخطوط اللينة والمطواعة للفنان. وكذلك خط الثلث ذلك الخط الذي يعطي إحساسا بالفخامة والجلال، وهي الأفكار التي أحسب أن الفنان الموسى في حاجة ماسة إلى تشكيلها بهذا الخط.