قراءة الواقع السياسي والإنساني والأهم الاقتصادي والأمني تكشف أن إيران الشعب والنخب لا يريدون الحرب مع إسرائيل، وربما هي ذات الحال في فلسطين المحتلّة. الوقائع تقول إن من يريد الحرب في المنطقة فعلًا هم ثلاثة عناصر، الملالي لاستدامة النظام، ونتنياهو لتقوية اليمين المتطرّف واستمراره، وثالثهما وكلاء إيران من مرتزقة ميليشيات والتنظيمات التي لا مشروعية لها إلا بالشعارات والمزيد من الفوضى. إن عامة الناس في الطرفين مثل بقيّة البشر يريدون العيش الآمن والسلام والحياة الكريمة، هذا هو حال الشعوب الإيرانية (الفرس، الأذريين، والجيلاك والمازندرانيون، والأكراد، والعرب، واللور، والبلوش، والتركمان، البختيار، الأرمن) وكذا القوميات والطوائف فيما يُسمى بإسرائيل اليوم (الأشكناز، والسفاريدم، وبيتا إسرائيل (الفلاشا)، وبيني إسرائيل، واليهود القرائيّة، العرب 21 % "من سكان إسرائيل"). ولنبدأ بنتنياهو ولماذا خِيار الحرب هو المفضل عنده.. الحقيقة أن تحرّش نتنياهو بإيران ليس جديدًا وليس مقتل إسماعيل هنيّة في طهران سوى حلقة من سلسلة، ومع أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن العمليّة لتجنّب الإشكالات القانونيّة الدوليّة، فقبل ذلك (إبريل 2024) أمر نتنياهو بضربة إسرائيليّة على مبنى القنصليّة الإيرانيّة المجاور لسفارة طهران في سورية ونجم عن الغارة مقتل أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني ومعه 16 شخصًا بينهم ضباط كبار، صحيح أن إيران ردّت في عمل انتقامي بإطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة دون طيّار على إسرائيل، ولكنها غارة لم تُحدث أثراً واضحًا بعد أن تصدّت لها الدفاعات الإسرائيليّة والأميركيّة وأبطلت مفعولها. أما نتنياهو ككل زعيم لحزب الليكود فقد بنى سمعته على الحرب لضمان أمن إسرائيل فمنذ تسعينيات القرن العشرين، وهو يحذّر من تطوير وشيك للأسلحة النوويّة الإيرانيّة، وكثيراً ما كان يضغط على الولاياتالمتحدة للحصول على إذن للقيام بعمل عسكري مباشر ضد طهران أو يتوسل إليها للقيام بذلك. وقد أمر سلفه (زعيم الليكود) رئيس الحكومة مناحيم بيغن في 7 يونيو 1981 (بعد عام من بدء الحرب العراقيّةالإيرانيّة) بعمليّة عسكريّة على العراق عُرفت باسم "أوبرا" دمّرت فيها القوة الإسرائيليّة مفاعلًا نوويًا عراقياً "مفاعل تمّوز" وقتلت 10 جنود عراقيين ومهندس فرنسي واحد، وهنا تتحدّث الضرورات السياسيّة لا الأمنيّة في إسرائيل فقد حدث الهجوم لأسباب انتخابيّة. وفي ذات العام (يوليو 1981) فجّرت إسرائيل مقر منظمة التحرير الفلسطينيّة في بيروت، ثم ضمّت مرتفعات الجولان في ديسمبر 1981، ثم كان الغزو المفاجئ للبنان في يونيو 1982 بقيادة "شارون" وما صاحبها من مذابح مثل "صبرا وشاتيلا" وغيرها. بخصوص الملالي فهم لا يريدون الحرب فعلا ولكن إذا كانت ستسهم في إطالة عمر نظامهم فهم سيخوضونها مع وكلائهم في المنطقة وهم يعلمون جيّدا أنهم سيخسرونها حتى لو تلقوا بعض الدعم السياسي وربما العسكري من الحلفاء المنتظرين (الصين وروسيا)، أمّا الولاياتالمتحدة ومن معها فهم لا يريدون للملالي السقوط كونهم يخدمون أجندة انقسام العالم الإسلامي مع أنصارهم من الجماعات السياسيّة التي ترفع شعارات دينيّة سياسيّة سواء من الشيعة أو السنة. * قال ومضى: لا أعرف الحقيقة ولكني أفسح المجال لمن يعرفونها..