مع إعلان جائزة القلم الذهبي من قبل المستشار تركي آل الشيخ الذي يواصل حضوره وتأثيره النوعي على مستوى الفن والترفيه، عادت بي الذاكرة إلى تغريدة مبكّرة واستشرافية على منصة x «تويتر سابقا» للصديق القاص والسناريست المميز «مفرّج المجفل» كانت قبل حوالي ست سنوات تحديدًا في عام 2018 وتتناول فكرة تحويل عدد من الروايات السعودية إلى أفلام سينمائية أو حتى مسلسلات تلفزيونية، وأبدى رغبته للجميع بترشيح أعمال روائية مهيّأة لأن تكون عملا سينمائيا أو دراميّا مميزا، وهي دعوة حيوية ومهمة إذا علمنا أن للأستاذ المجفل إنجازات جادة ومؤثرة في كتابة السيناريست، ولعل فوزه بالجائزة الكبرى لمسابقة أفلام سعودية في نسختها الرابعة من خلال فيلم «المغادرون»، يجعلنا نقف من تغريدته وقفة استعاديّة متأنّية، لا سيما وهو اليوم أحد أعضاء هذه الجائزة المستحدثة وهذا هو مكمن الأهمية من مثل تلك التغريدة، فالمستعرض لردود الأفعال تجاهها حينها سيكتشف أن جل الروايات المحلية تم ترشيحها لتكون عملا سينمائيا أو تلفزيونيًّا، وبالتالي يظل الأمر في ذمة السيناريست والمبدعين فيه بشكل خاص، وأظنه أكثر ما تحتاجه السينما السعودية حين تحاول اللحاق بالزمن، واستدراك ما فاتها من حضور مؤثر ومباشر كما هو مأمول في المستقبل.. والحقيقة أن الروايات المحلية التي تم تحويلها إلى أعمال درامية كأعمال الراحل غازي القصيبي «شقة الحرية أو «أبو شلاخ البرمائي» أو حتى رواية «توق» للأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن لم تبلغ الرضا التام لدى كثير من النقاد والمختصين في هذا الشأن، ومردّ ذلك كما يبدو قلة الخبرة وضعف السيناريو والاعتماد فيه على الاجتهاد والموهبة دون تمرّس معرفي أو دراسات متخصصة، وإذا كان أمر إنشاء معاهد خاصة بالتمثيل وشؤونه ما زال في بداياته من حيث المخرجات، وبحاجة إلى مزيد من الوقت والجهد، فإن العمل على عقد دورات تدريبية مكثّفة زمنيّا وفنّيّا تستهدف الموهوبين في كتابة السيناريست وترعاهم بالتطوير والمعرفة مموّلة من جهات خاصة، وضعت ضمن استراتيجياتها الدخول في سوق السينما المقبل بقوة، من شأنه أن يقدّم لنا في القريب العاجل أعمالا فنية متطوّرة وبهويّة (سعودية سعودية)!، فالحقيقة أن الرواية المحلية خلال العقدين الأخيرين قدّمت لنا أعمالا متطوّرة وواثقة تغلغلت في المجتمع السعودي، فتحت الأبواب المغلقة واستثمرت كثيرا في خصوصيتنا وحكايانا الصغيرة. إن الرواية السعودية على كثرتها ومعاناتها في أحايين كثيرة من معضلة الاستسهال والفوضى في فهمها وتعاطيها ومن ثم كتابتها، قدّمت لنا ولو في القليل منها أعمالا غاية في التطوّر والهويّة، وبالتالي تظل عملية استثمارها سينمائيا أمرا من شأنه أن يتجاوز عثرة بداياتنا السينمائية المتوقعة نظرا لحداثتنا في هذا المجال، أو على الأقل سيبرز لنا نصوصًا درامية مدهشة وقادرة، ويبقى نجاحها كفيلم أو مسلسل في ذمة طاقم العمل (من إنتاج وتصوير وإخراج وأداء .. إلخ). هي دعوة للتفكير في هذا التوجه، حينما تعج رفوف مكتباتنا بأعمال روائية ناجحة ومؤثرة لعلّها تكون أفلامنا السينمائية الأولى التي نخرج فيها بهويتنا الوطنية، وتجنّبنا أزمة المحاكاة في بداياتنا التي ستجيء حتما بما لا يشبهنا، فضلا عن قدرة هذه الجائزة النوعية المستحدثة على خلق طفرة كتابية تستهدف السينما حينما تبدع في الرواية التي حققت نجاحا كبيرا لدينا...