في 23 رمضان 1368ه (19 يوليو 1949م) صدر مرسوم ملكي من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- بوضع الإطار العام للإذاعة، وأكد المرسوم ضرورة التزام الصدق والأمانة، والواقعية، والاهتمام بالأمور الدينية، وإذاعة القرآن الكريم والمواعظ الدينية. وتقول بيانات دارة الملك عبدالعزيز إن فكرة إنشاء الإذاعة تعود إلى الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- حين كان وليًّا للعهد، حيث عرض الفكرة على والده الملك عبدالعزيز، فوافق على الفكرة، وكلف معالي وزير المالية حينها عبدالله السليمان ليقوم بتنفيذها بإشراف الأمير فيصل بن عبدالعزيز، نائب الملك في الحجاز. وأنشئت أول محطة إذاعية سعودية في مدينة جدة وبدأ إرسالها يوم التاسع من شهر ذي الحجة 1368ه (الأول من أكتوبر 1949م) وهو يوم الوقوف بعرفة، وشهدت كلمة للملك عبدالعزيز ألقاها نيابة عنه الأمير فيصل بن عبدالعزيز تضمنت تهنئة الحجيج بأداء مناسك الحج، والترحيب بقدومهم إلى الأراضي المقدسة. واقتصر البث الإذاعي في المملكة ابتداء على إذاعة جدة، حتى بدأ البث الإذاعي من إذاعة الرياض يوم الأحد غرة رمضان عام 1384ه (3 يناير 1965م)، وخطت الإذاعة السعودية خطوة جديدة عندما بدأ بث البرنامج العام مستقلًّا من إذاعة الرياض، والبرنامج الثاني من إذاعة جدة، يوم الخميس غرة شوال 1384ه ( 23 أغسطس 1965م. هذه الذكريات الجميلة التي لا تُنسى يقف وراءها أبناء الوطن من المذيعين والمسؤولين الذين كان لهم السبق في إرساء اللبنات الأولى في هذا الصرح الإعلامي الكبير، وهو إذاعة الرياض، ومن هؤلاء وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون الإذاعة ومدير عام الأخبار بإذاعة المملكة الأستاذ محمد عثمان المنصور، الذي كان من الرعيل الأول ممن عملوا بإذاعة الرياض في عهدها الأول. وهو رجل دمث الأخلاق، وقد تسلم عام 2024م من رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح جائزة المتبادلات الإذاعية التي منحها اتحاد إذاعات الدول العربية لإذاعة المملكة تقديراً لدورها الكبير في دعم حوار الحضارات الإنسانية، وذلك خلال افتتاح أعمال الدورة الرابعة والعشرين للجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية بالعاصمة الجزائرية. وأكثر ما يستوقفك في محمد عثمان المنصور هذا الوفاء النادر لأصحابه من الرعيل الأول بالإذاعة، وذكره لهم بكل طيب وجميل حتى أنه كتب مقالاً كاملاً عن مآثر زميله سعد محمد الجريس، الذي كان مديراً لمكتب وأستوديو الإذاعة في الدمام عندما كان المنصور مديراً لإذاعة الرياض، وقال عنه إنه كان يتميز بالنشاط الدائب والإنتاج الناجح، وسعى بعلاقاته واتصالاته بالأفراد والجهات إلى إثراء حضور مشاركات المنطقة الشرقية في بث الإذاعة بشكل بارز وملموس. كما كتب المنصور مقالة أخرى في جريدة الجزيرة بمناسبة مرور خمسين عاماً على إذاعة الرياض، دعا من خلالها إلى إحياء ذكرى الرواد الذين ما زالت أسماؤهم محفورة بالذاكرة، من مذيعين ومخرجين وإداريين وفنيين ومحرري أخبار، ومعدي برامج، ومتعاونين، وسواهم. وبالأخير يطيب لي أن أوجه كمتابع للإذاعة سابقاً التحية والتقدير للأستاذ محمد المنصور، نظير ما قدمه من جهود لإثراء إذاعة الرياض، ولما نحمله من ذكريات جميلة لتلك الإذاعة التي كانت تتجول بنا حول العالم، وكات مصدرنا الوحيد الموثوق للاطلاع على ما يجري حولنا وفي العالم، في وقت لم تكن فيه جوالات ومنصات تواصل كما هو اليوم.