بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودعنا العم إبراهيم بن عبدالرزاق بن عبدالله المكينزي (رحمه الله)، الذي غادر دنيانا الفانية إلى دار الحق.. و"كل نفس ذائقة الموت"، والحمدلله الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. رحل العم "أبو عماد" بعد رحلة كفاح وعطاء في مواقع متعددة خادماً لدينه ووطنه، فكان في شبابه مربياً ومعلماً وذلك في أواخر الخمسينيات الميلادية حيث كانت له بصمة في تدريس أبناء الروضة بمحافظة سدير لفترة قصيرة.. وكان من أوائل موظفي وزارة البرق والبريد والهاتف، حيث عُرف خلالها بالانضباط والالتزام والعلاقات المميزة مع زملائه. حباه الله بخصال كريمة فكان سمحاً في تعامله ورقيقاً في أحاسيسه، كثير التفكير قليل الكلام، بعيداً عن مواطن الجدل واللغط.. فلم يحمل في نفسه سوى الخير فأحبه كل من عرفه لما اتصف به من وقار وحكمة. ورغم كبر سنه، كان حريصاً على حضور مناسبات الأسرة، حرصاً منه على تعزيز صلة الرحم وتأكيد الألفة والمحبة وغرسها في الأجيال. كان له حضوره الجميل الذي يغمرك بوده ومحبته، وكان دائماً ذلك اللبق المبتسم.. يستمع إليك باهتمام.. ولا يبادر للحديث أو المقاطعة إلا إذا وجد حاجة.. يحاورك بكل تقدير وأدب جم.. فتجده يستمع ويتأمل ما تقول.. ويجيب عليك بكلمات قليلة محسوبة.. لتجد الإجابة الشافية في طياتها، وكأنه يترسم الأثر: "خير الكلام ما قل ودل". كيف لا؛ وقد نشأ في بيت علم وفضل فأبوه وجده وأبو جده من أهل العلم. ولا يمكن أن أنسى حضوره البهي في اجتماع الأسرة لعام 1442ه، عندما حضر برفقة أبنائه البررة، حيث كان يسأل عن هذا ويتفقد القريب والبعيد، ويمتعنا بأحاديثه المليئة بقصص الكفاح والعبر. ألمت بالعم إبراهيم العديد من الأمراض في سنواته الأخيرة، وكان صابراً محتسباً. وكان لفقدان رفيقة دربه (أم عماد) رحمها الله، أثر كبير عليه، حيث وضع هذا الحدث منعطفاً لقصة كفاح وتربية وحكمة. ومن فضل الله أن رزقه أبناء وبنات بررة فكانوا خير عزاء، براً بوالدهم وأنساً له وتسرية عنه.. وليس بغريب وهم نتاج هذا الغرس المبارك. رحل العم إبراهيم إلى رحمة الله -نحسبه والله حسيبه-، تاركاً خلفه أبناء كراماً بررة، نموذجاً في المحبة والتواصل والذكر الطيب. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهمنا جميعاً الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون"