تتغير طقوس اليوم، ليس فقط بسبب ترتيب اليوم نفسه ضمن أيام الأسبوع؛ بل حتى اختلاف وتطوّر ذواتنا مع تقدم العمر! بيد أن تعاملنا الأساسي مع اليوم يرتبط بكونه يوم عملٍ أو يوم إجازة، كما هي الحال حينما تبدلت نظرتنا ليوم السبت، الذي كان يوماً كئيباً كونه بداية أسبوع العمل، ثم حينما صار جزءاً من إجازة نهاية الأسبوع، أمسى يوماً بهيجاً في أوله، دون آخره! أما يوم الجمعة، الذي ارتبط بصلاة العيد الأسبوعي، وما يرافقها من الاغتسال والتطيب، وكذلك الاجتماع العائلي بعد الصلاة، ناهيك عن تحديده بيوم وليمة السمك لدى عديدٍ من الأسر السعودية، وأيضاً اقتصاره على قضاء اليوم مع العائلة وليس الأصدقاء، الذين يكون من نصيبهم ليلة الخميس، حتى يتمكن من السهر حتى تباشير صباح الجمعة. مازلت أحس أن أطول الأيام هو الأحد، كونه يأتي بعد الإجازة، وما يصاحبه من اكتئاب، يذكرنا باكتئاب يوم الاثنين لدى المجتمعات الغربية، على عكس الأربعاء، الذي ما يحل حتى يرحل سريعاً، معلناً حلول الإجازة الأسبوعية نهاية دوام الخميس، ولك أن تتصور لو صار إجازة نهاية أسبوعية مطولة، كما تفعل وزارة التعليم في التقويم الدراسي. للكثيرين فلسفات مختلفة في التعامل مع الأيام، فالبعض يربط لقاءات العمل والأصدقاء بأيام محددة، وآخرون لا يفرقون، والحقيقة أنني من الفئة الأولى، التي تحدد أياماً دون أيام للقاء، إذ إنني لا أحبذ لقاءات مساء الأحد والثلاثاء، وأفضل مساءات الاثنين والأربعاء، وأوزع مهام الأسبوع على الأيام، وبالذات جلسات النادي الرياضي، والدورات التدريبية، والقراءات الحرة، وغيرها من مهام. مما يمكن من إنجاز الكثير دون أن تشعر، فقط لابد من عزيمة الالتزام بما خططت لها، وخصصت له من وقت محدد في يوم محدد، حتماً سوف تدهش من ضخامة الإنجاز وتحقيق الهدف، بعد مرور وقت وتصرم الأيام. والرائع أن قرار تغيير العطلة الأسبوعية في المملكة قبل أكثر من عشر سنوات، لتكون الجمعة والسبت، جعل أيام العمل تتوافق مع مسميات الأيام باللغة العربية، على عكس الأمم الأخرى التي ربطت مسميات الأيام بتقديس الأجرام السماوية، فالعرب أطلقت على الأحد من الأول، كونه أول أيام الأسبوع، والاثنين من الرقم اثنين، حتى الخميس من الرقم خمسة، ثم الجمعة حيث تجتمع العرب نهاية الأسبوع، ثم السبت من السبات، حيث يوم الراحة. لكل منا طقوس مرتبطة بالأيام، بعضها بتخطيط وترتيب مسبق، وجزءٌ منها يرتبط باليوم دون أن نشعر، الأجمل أن تخلق طقوس أيامك، بدلاً من أن تكون رجع صدى لما حولك، حتى لا تمضي أيامك سريعة وخاطفة، وتدرك أن الزمن مضى ولم يبق منه شيء يذكر!