في مقالي السابق، تحدثت عن أهمية توحيد إجازات نهاية الأسبوع وجعلها من يومين في جميع قطاعات الأعمال دون استثناء، كما أشرت إلى أن جعل إجازة نهاية الأسبوع من الجمعة والسبت سيقلل من انقطاع رجال الأعمال والمؤسسات المالية عن عالم الأعمال الخارجي، حيث إننا بإجازاتنا الخميس والجمعة وبقية العالم السبت والأحد نجعل من فترة تواصلنا معهم أقل من بقية البلدان مع بعضها البعض. صحيح أن المؤسسات المالية كالبنوك تبقي على بعض من تواصلها مع البنوك الخارجية من خلال تكليف بعض العاملين في أقسام الخزينة أو الاستثمار بالعمل في يومي الخميس والجمعة، إلاّ أن ذلك لا يعتبر تواصلا كاملا لأن معظم الإدارة التنفيذية لهذه المؤسسات هم في إجازة نهاية الأسبوع. وهذا الحال ينطبق على جميع المؤسسات والمنشآت التي تحتاج إلى أن تبقي قنوات اتصالها مفتوحة حتى نهاية يوم الجمعة. أي أنه في الوقت الذي يكون أغلبية العاملين في هذه المؤسسات يقضون إجازة نهاية الأسبوع مع ذويهم، فعلى هؤلاء أن يعملوا، أي الانفصال عن أهلهم الذين هم في إجازة. وهو أمر سيختفي جزئيا لو كانت إجازة الجميع يومي الجمعة والسبت. قبل القرن العشرين لم يكن هناك ما نعرفه اليوم من إجازة نهاية الأسبوع، وبالرغم مما لدى الديانات السماوية الثلاث من يوم مميز في آخر الأسبوع للصلاة الجماعية في دور عبادتهم، فإن ذلك اليوم لم يكن إجازة رسمية، وكانت زيارة الجامع أو الكنيسة قرارا شخصيا وعقديا، ولم يتعدَ، كما هو حال المسلمين إغلاق محلاتهم في أوقات الصلاة وبالذات صلاة الجمعة. وقد جاءت إجازة نهاية الأسبوع (التي ابتدأها الغرب) كثمرة لنضال العمال من أجل تقليل ساعات العمل المرهقة وحصولهم على وقت لاسترداد أنفاسهم بعد أيام العمل الطويلة والشاقة، مما أجبر المشرع على جعل الأحد إجازة أسبوعية رسمية لجميع العاملين، خاصة بعد ما قدمته الثورة الروسية من امتيازات للعمال لم تكن معروفة مسبقا. إذاً لم تعرف بلاد المسلمين من قبل ما نطلق عليه اليوم إجازة نهاية الأسبوع، أو حتى الإجازات السنوية والاستثناء الوحيد كانت يومي العيدين. ولكننا نعيش اليوم حالة مختلفة، والمطالبة بتقليص ساعات العمل اليومية في تزايد مستمر. وصار السبت والأحد العطلة الأسبوعية لمعظم بلدان العالم ما عدا بعض البلدان الإسلامية التي جعلت الإجازة من يومي الجمعة والسبت. ولم يؤثر قرارهم بجعل يوم السبت وهو يوم إجازة اليهود على إيمان المسلمين، أو زيادة المؤمنين باليهودية في العالم. عموما بقي اليهودي يهوديا ولم يتغير والمسلم بقي مسلما ولم تتغير رؤيته لليهودي لأن يوما من أيام إجازته الأسبوعية صار يوم السبت. ومن هنا فإن تقديم تبرير ديني لرفض يوم السبت ضمن إجازة نهاية الأسبوع هو أمر مبالغ فيه واجتهاد مبني على تفسير لا يرى الأمور إلا من زاوية الحذر المفرط الذي يجعل من موضوع كهذا يلبس لباسا غير متسق مع نمط الحياة التي نعيشها ويعيشها بنو الإنسان في هذا العصر.