سعوديات يدخلن مجال نقل الركاب شهدت المرأة تحولات جذرية في سوق العمل بفضل القرارات الحكومية التي منحتها حق قيادة السيارات، مما فتح أمامها باباً جديداً للمشاركة في قطاع نقل الركاب. هذه الفرصة الجديدة تتيح للنساء تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلال المادي في بيئة عمل آمنة ومحفزة. تطبيقات النقل المخصصة للنساء تضمن لهن الخصوصية والراحة، حيث تتيح العمل بدوام جزئي أو كامل، مما يمنحهن مرونة كبيرة في التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ويعزز دور المرأة في سوق العمل وأيضاً يسهم في تعزيز التوطين وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة. هذه الخطوات تتماشى مع رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وشاملة للمجتمع. روت إحدى المواطنات تجربتها في العمل بتطبيق نقل خاص بالنساء والفوائد المادية التي تحققها. موضحة أن العمل في التطبيق يوفر لها عائداً مجزياً، حيث إن النساء هن الأكثر طلباً للتوصيل سواء لأماكن العمل أو وجهات أخرى. مشيرة إلى أن العمل مريح بفضل كونها مديرة نفسها وتستطيع تحديد أوقات العمل التي تناسبها، مما يعزز الإقبال الكبير من النساء على التطبيق بفضل ما يوفره من خصوصية وأمان. وكشفت أن السائقات المسجلات في التطبيق والراكبات من النساء فقط، ولا يُسمح للرجال بالتسجيل أو استخدام الخدمة، مما يعزز الشعور بالأمان والراحة. ومن الجدير بالذكر أن العاملات في التطبيق بدوام جزئي يحصلن على دعم مالي يعادل 50 % من دخلهم من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بينما المتفرغات يحصلن على الدخل الكامل خلال أول شهرين، وبعد ذلك يدفعن نسبة بسيطة للتطبيق. تحديات واصرار إيمان العلي، شابة سعودية تبلغ من العمر 27 عاماً، تعمل كسائقة متفرغة في أحد تطبيقات التوصيل النسائية، مجسدة روح المبادرة والشجاعة في عملها اليومي. اشترت إيمان سيارتها بالتأجير المنتهي بالتمليك قبل 3 سنوات وتقوم بسداد مبلغ التقسيط من دخلها في عمل نقل السيدات، ما يعكس التزامها وإصرارها على النجاح. رغم نجاحها في هذا المجال، تواجه إيمان العديد من المواقف والصعوبات التي تختبر صبرها وقوتها. في إحدى الليالي تلقت إيمان طلباً مستعجلاً لتوصيل أم وابنتها الصغيرة إلى المستشفى، عند وصولها إلى الموقع، وجدت الأم في حالة قلق شديد، كانت الأم تحمل ابنتها البالغة من العمر أربع سنوات، والتي كانت تنزف دمًا من أذنها بعد إدخالها أداة لعب خاصة بالقطط في أذنها، حاولت الأم بكل جهد تهدئة ابنتها التي كانت تبكي بحرقة، بينما كان الهلع واضحاً في عينيها، بمجرد أن جلست الأم وابنتها في السيارة، لاحظت إيمان حالة الطوارئ وبدأت بالتحرك بسرعة، ولكن بحذر، خلال الرحلة، كانت تحاول تهدئة الأم بكلمات مطمئنة، مؤكدة لها أن كل شيء سيكون على ما يرام وأنها ستصل إلى المستشفى في أسرع وقت ممكن، الأم، التي كانت في البداية متوترة للغاية، بدأت تشعر بالارتياح قليلاً بفضل هدوء وثقة إيمان. طوال الطريق، كانت إيمان تراقب حركة المرور بعناية، محاولة تفادي أي تأخير، عند وصولهم إلى المستشفى، ساعدت إيمان الأم على إخراج ابنتها من السيارة وسارعت بالدخول إلى قسم الطوارئ، شكرت الأم إيمان بحرارة، معربة عن امتنانها العميق لسرعة استجابتها ودعمها النفسي خلال الرحلة، شعرت إيمان بالفخر والارتياح لأنها كانت قادرة على تقديم المساعدة في لحظة حرجة كهذه، بالرغم من أن التطبيق يوفر بيئة آمنة، إلا أن إيمان لا تزال تشعر بالقلق في بعض الأوقات، خاصة عند العمل في ساعات متأخرة من الليل أو في مناطق غير مألوفة، وتعتمد على تدابير السلامة مثل مشاركة موقعها مع أحد أفراد العائلة لضمان شعورها بالأمان، تستمر إيمان في مواجهة هذه التحديات بروح إيجابية وإصرار، مدفوعة برغبتها في تقديم خدمة ممتازة والمساهمة في تحقيق رؤية السعودية 2030. عائد مجزٍ جداً تعمل أماني عبدالعزيز في إحدى الشركات الخاصة بالتقسيط الآجل، حيث وجدت في هذه الوظيفة استقراراً وأماناً مالياً. ومع ذلك، قررت أماني خوض تجربة جديدة لدخول مجال نقل السيدات من خلال تطبيق مخصص لهذا الغرض، بدأت أماني هذه التجربة من باب الفضول والرغبة في زيادة دخلها، ولكنها سرعان ما اكتشفت أن هذه التجربة ليست فقط مجزية مالياً، بل أيضاً مثيرة وثرية. تقوم أماني بتخصيص عدد من الساعات كل يوم لتشغيل النظام ونقل السيدات، وأصبح العائد من هذا العمل مجزياً جداً لها، وتقول: "وجدت في التطبيق راحة كبيرة وتوازناً بين عملي الأساسي وعملي مع تطبيق نقل السيدات الجديد"، أماني تعيش مع والدتها وأخوتها، وترى في العمل عبر التطبيق ميزة تتيح لها قضاء وقت أكبر مع أسرتها، حيث يمكنها تحديد ساعات العمل بما يتناسب مع جدولها اليوم وإجازتها الأسبوعية. من المواقف الغريبة التي حدثت معها، تذكر أماني حادثة ركوب سيدة كانت تحمل كيكة عيد ميلاد ضخمة. تقول: "كنت قلقة من أن تتحرك الكيكة أثناء الطريق وتتعرض للتلف، ولكننا وصلنا بسلام والكيكة سليمة تماماً"، تعتبر أماني أن هذه التجربة أضافت لها الكثير من الخبرات وأتاحت لها فرصة جديدة لتحسين مستوى معيشتها، مؤكدة على أهمية استغلال الفرص المتاحة وتوظيفها لتحقيق أهدافها الشخصية والمهنية. قصص لا تنسى تخرجت منال العنزي، شابة في أواخر العشرينات، من كلية التقنية بتخصص تجميل، لكنها وجدت نفسها تصارع في سوق عمل صعب ومزدحم. لم تستسلم منال للأوضاع، وقررت أن تتخذ من قيادة سيارات الأجرة عبر تطبيق أوبر حلاً مؤقتاً حتى تجد الوظيفة التي تطمح إليها. خلال رحلتها مع أوبر، واجهت منال العديد من المواقف الطريفة والغريبة، وتقول: "في أحد الأيام، طلبت مني سيدة مسنة توصيلها إلى منزل ابنتها في حي العقيق شمال الرياض، بمجرد أن جلست السيدة في المقعد الخلفي، بدأت في سرد قصص من حياتها وكأنها تعرفني منذ سنوات. طوال الرحلة، كنت أضحك بسبب الحكايات الطريفة التي روتها عن مغامراتها في الشباب." في موقف آخر، طلبت منها مجموعة من الشابات توصيلهن إلى حفل زفاف قريب لهن. كانت الأجواء مفعمة بالمرح والغناء، وتحولت السيارة إلى مسرح صغير حيث غنت الفتيات بفرح وسعادة. بينما كانت الفتيات يعدلن مكياجهن ويضعن المناكير على أظافرهن، شعرت منال وكأنها جزء من الحفل. في نهاية الرحلة تمنّت لهن ليلة سعيدة مليئة بالفرح والسرور. لم تخلُ تجربتها من المواقف الغريبة أيضاً. في إحدى المرات، طلبت منها سيدة توصيلها إلى حديقة الحيوان، لكن المفاجأة كانت عندما طلبت منها السيدة أن تنتظرها بينما تذهب لتناول عشاءها مع الأفيال! وجدت منال نفسها في حيرة من أمرها: هل تنتظر السيدة فعلاً أم تغادر؟ لكنها لم تستطع سوى الضحك على غرابة الموقف. تقول منال إنها رغم التحديات، تعلمت الكثير من هذه التجربة. التقت بأشخاص من مختلف الأعمار والخلفيات، واكتسبت مهارات تواصل مهمة. ورغم أنها لا تزال تبحث عن الوظيفة المثالية، إلا أن رحلتها مع أوبر زودتها بقصص لا تُنسى وتجارب حياتية غنية. تحقيق الاستقلالية مريم العلوان، شابة سعودية تعمل كسائقة في تطبيق مخصص لنقل السيدات، بدأت رحلتها في هذا المجال قبل عدة سنوات. على الرغم من أنها بدأت بالعمل في تطبيقات مختلفة، إلا أنها وجدت في التطبيق الحالي بيئة مناسبة وآمنة تلبي تطلعاتها بشكل أفضل. تشير مريم إلى تجربتها الأولى "بدأت عملي كسائقة في هذا التطبيق قبل ثلاث سنوات، كانت بداية جديدة بالنسبة لي، كنت أتجول بين التطبيقات الأخرى حتى وجدت هذا التطبيق الذي شعرت بأنه يتناسب مع احتياجاتي ووقتي بشكل أفضل". مع مرور الوقت، نجحت مريم في تحقيق نجاحات ملموسة كسائقة، حيث بدأت تحقق أرباحًا مجزية تمكنها من تلبية احتياجاتها اليومية بسهولة، تضيف مريم بثقة "كانت بدايتي تحتاج للتكيف، لكن مع الإصرار والتفاني، بدأت أحقق عوائد أكبر، مما ساعدني على تحقيق الاستقلال المالي الذي كنت أطمح إليه". تتمتع مريم بعلاقة ممتازة مع فريق عمل التطبيق، مما يعزز من أدائها ويشجعها على تقديم الأفضل في عملها اليومي. تؤكد مريم "العلاقة مع فريق العمل في التطبيق لا تقدر بثمن، دائمًا ما يدعمونني ويشجعونني لأكون في قمة أدائي". بفضل أدائها المتميز والدعم المستمر من القائمين على التطبيق، تتلقى مريم مكافآت تقديرية من وقت لآخر، مما يعكس تقديرهم العميق وثقتهم الكبيرة في مهاراتها وأدائها كسائقة، "أنا الآن لا أسد احتياجاتي الشخصية فقط، بل أستطيع أيضًا دعم شقيقتي الصغرى التي تدرس في الجامعة، هذا الشعور لا يوصف بالكلمات"، تختم مريم حديثها بفخر ورضا عن مسارها المهني وإسهاماتها الإيجابية في حياتها وحياة شقيقتها. شروط محدثة صرح المتحدث باسم هيئة النقل العام، صالح الزويد في تصريح سابق، أنه تم تشغيل نحو 21 مليون رحلة عبر 27 تطبيقاً مرخصاً لنقل الركاب في أغسطس 2021، مع زيادة عدد السائقين إلى 34 ألف سائق و3900 سائقة. قامت الهيئة بتحديث شروط وإجراءات خدمة توجيه المركبات لتحسين الكفاءة والجودة، مقتصرة على السعوديين بعقود رسمية، يسمح للأفراد السعوديين بالعمل بسياراتهم الخاصة أو بنظام التأجير المنتهي بالتمليك، بشرط توفر رخصة قيادة سارية واجتياز فحص السموم. كما تضمنت الشروط استثناء سيارات الأفراد من شرط المسافة بين المحورين إذا كانت السيارة كهربائية أو هجينة، دعماً للبيئة وكفاءة الوقود. مجتمع واع أشارت الأخصائية الاجتماعية هند الشارخ إلى التغيرات الإيجابية التي طرأت على مفاهيم المجتمع، وأكدت أن رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لعام 2030 ساهمت بشكل كبير في تعديل الكثير من المفاهيم حول عمل المرأة. وقالت الشارخ: "في ظل هذه الرؤية الواعدة، أثبتت المرأة نجاحها في مجالات متعددة، بما في ذلك دخولها في شركات نقل الركاب. الحمد لله، وصلنا إلى مرحلة وعي مجتمعي تتماشى مع هذه الرؤية، مما يجعل ردود الفعل على عمل المرأة في هذا المجال إيجابية وداعمة". وأضافت الشارخ أنها لا ترى أي عوائق أمام دخول المرأة لأي مجال عمل لا يتعارض مع طبيعتها ويحفظ كرامتها وسلامتها. وأوضحت أن هذا سيساهم في دعم ونجاح قطاع نقل الركاب، حيث أثبتت المرأة جدارتها فيه، وسيؤدي دخولها لهذا المجال إلى توفير فرص وظيفية جديدة ودعم الاقتصاد الوطني. كما ذكرت الشارخ أن العمل في قطاع نقل الركاب يمكن أن يكون كدوام جزئي، مما يسهم في زيادة دخل المرأة. وأكدت أن عمل المرأة إلى جانب الرجل السعودي يعزز التوطين ويقلل من الاعتماد على العمالة الوافدة. وأوضحت الشارخ أن المرأة الآن تعمل في العديد من المجالات إلى جانب الرجل وتحظى بالاحترام الكامل وحقوقها محفوظة. وأشارت إلى وجود قوانين صارمة لضمان سلامة وأمن الجميع. واختتمت بالقول: إنه إذا وفرت الشركات بيئة عمل مناسبة للمرأة، مثل تحديد ساعات العمل بحيث لا تتجاوز منتصف الليل والعمل في أحياء سكنية آمنة، فإن ذلك سيزيد من فرص العمل المتاحة للمرأة ويسهم في تعزيز دورها في الاقتصاد المحلي، تماشياً مع أهداف رؤية 2030.